الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«فهم ميدان التحرير» دعوة أمريكية للتفاؤل




وسط الاضطرابات التى تجتاح منطقة الشرق الأوسط وتزايد العنف، ومع تشابك الأوضاع وشعور الكثيرون بالإحباط مما يحدث، يحمل كتاب «فهم ميدان التحرير» ،والصادر مؤخرا عن معهد بروكنجز الأمريكى دعوة صريحة للتفاؤل، والأمل ويشير إلى أن ذلك التخبط أمر طبيعى فى مسارات الشعوب نحو الديمقراطية.
وفى كتابه يحاول جراند التأكيد على أن الآلام التى تعانيها المنطقة الآن ما هى إلا آلام مخاض لولادة الديمقراطية وكلما طال الألم كلما ترسخت الديمقراطية وأصبحت أكثر ثباتا، ومن منظوره يشرح جراند أن عملية التأسيس للديمقراطية ليست سهلة على الإطلاق خصوصا فى منطقة عاشت لفترة طويلة ترزح تحت نير الاستبداد والديكتاتورية.
ولأن العملية الديمقراطية لا تتأسس سوى بالممارسة ، فهى لا تشبه كبسة أزر، يجب على الشعوب أن تواجه صعوبات عدة تنمى تجربتها الوليدة ثم تصقلها لتضعها على أساس متين لا يتزحزح. ويحاول جراند إثبات فرضيته بعقد مقارنة بين دول الربيع العربى وأوروبا يوضح فيها أن الديمقراطية التى تعيشها أوروبا الآن لم تتأسس بسهولة بل على العكس فقد عانت الشعوب الأوروبية لعقود وعقود من الاستبداد والعنف والتمييز على أسس دينية وطبقية قبل أن تصبح كما هى الآن.
والمرور بتلك الأوضاع هو ما ساعد أوروبا فى بناء ديمقراطية قوية تتطلع لها الشعوب. ويقول جراند فى كتابه أن أوروبا تعتبر حديثة العهد ،نسبيا، بالديمقراطية، فهى لم تزدهر وتبدو بالشكل الحالى إلا منذ وقت قريب. ويفرق جراند بين مفهومين مهمين وهما؛ تأسيس الديمقراطية، وبدايتها الفعلية.
والحقيقة التى يجهلها الكثيرون ،بحسب جراند، هى أن التأسيس للديمقراطية قد يستمر لسنوات حتى يبدأ التطبيق ففى فرنسا مثلا بدأ التأسيس للديمقراطية بعد الثورة الفرنسية إلا أن التطبيق الفعلى لها لم يظهر سوى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. كذلك الديمقراطية فى أمريكا تأسست عام 1857 بينما بدأت تتخذ مسارها التطبيقى بحلول السبعينات من القرن العشرين، وتخلل ذلك العديد من الخروقات والتمييز خصوصا ضد السود والنساء.
ويرى جراند أن التحول البطئ فى أجزاء كثيرة من العالم العربى هو فى الواقع أمر إيجابى للغاية، وأنه إذا تمكنت الشعوب من التغلب على الاستقطاب الحالى والعنف السياسى فى المنطقة فإن الديمقراطية ستترسخ فى نهاية المطاف.والمفتاح لهذا التغيير هو المتظاهرين الشباب الذين ملأوا فضاءات الميادين العربية خصوصا الميدان الأشهر ،ميدان التحرير.
ويكشف الكتاب كيف أن العولمة والتغيرات الأخرى تقلب توقعات المواطنين فى كل مكان حول العلاقة بين المواطن والدولة، كما يخصص فصول منفصلة لدراسة تجارب الدول فى الكتلة الشرقية السابقة وفى الدول ذات الأغلبية المسلمة فى آسيا وأمريكا اللاتينية وجنوب إفريقيا خلال الموجة الأخيرة من التحول الديمقراطي. وما تظهره تلك الدراسة فى نهاية المطاف هو أن الديمقراطية تحتاج وعياً ونضجا سياسياً واجتماعياً ، ويتساءل الكاتب يمكن ممارسة الديمقراطية مع وجود تلك الحالة من التشنج الفكرى وعدم قبول الرأى الآخر؟ قائلا إن «الديمقراطية تحتاج لديمقراطيين».