الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصر عايزة إيه؟




كتب - احمد محمد عبده

ماذا عن الجماعة التى تأسست من ثمانين عاما؟ هل انتهت؟ أم ستظهر مرة أخرى؟ اعتقد أنها لن تعود بنفس القوة، ولو عادت، فعودتها ستساهم فيها عوامل كثيرة منها: سياسة الدولة معهم ومع كل الحركات والجماعات السرية، دينية أو مدنية، الناس: إذا ظلوا يصدقون الشعارات باسم الدين، وإذا ظلوا يصدقون الدجل باسم الدين، حتى ليظن الواحد منهم أنه لو رفض هذا الدجل فهو يُغضب الله. الصحابى الجليل سعد ابن عبادة مثلا، رفض مبايعة الصديق أبى بكر, كان يوقن أنه لا يعارض فى أمر من أمور الدين، ولكنه يعارض فى أمر من أمور الدنيا وسياستها. وأقصد بالدجل الدينى كل ما كان سببا فى تعاستنا، بداية من خلع مبارك، وبالتحديد منذ استفتاء 19 مارس 2011 / غزوة الصناديق / استفتاء الجنة والنار، وإذا ظلت الثقة فى الرجل لمجرد أنه يحمل مسبحة وله لحية، فى حين فقدان الثقة فى خبير اقتصادى، لمجرد أنه قبطى مثلا، بمعنى مكثف تقييم الناس للناس على أساس دينى / طائفى، وإذا لم يقتنع الشعب بضرورة فصل الدين عن السياسة، وهل اكتوى شعب من ذلك مثلنا وقبلنا الجزائر فى عشريتها السوداء؟ وإذا تركوا أطفالهم مرة ثانية لمساجد الإخوان إذا ظل لها وجود ليقوموا بغسل عقولهم كما تم على مر العقود الماضية.


عناصر الإخوان تغولوا فى الدم المصرى، اغتيالات وحرق وتدمير, الجيش والشرطة فى وضع استعداد لم نشاهده إلا فى الحرب مع الإسرائيليين، وما وجهت عناصر المولوتوف والكلاشي نكوف رصاصة نحو صدور الجيش الاسرائيلى الذى يحتل المسجد الأقصى، الذى صدعوا أدمغتنا بالتوجه إليه شهداء بالملايين صباحا ومساء.


والسؤال الذى طرح نفسه بشدة خاصة عقب ثورة يناير هو أين المحور الثالث، الوسيط، بين فلول نظام مبارك وبين التيار الدينى؟ أين محور الثورة، الخالى من أجندة خارجية، وليس له تنظيما دوليا، أين رجال الدولة، هل عقمت مصر عن إنجاب رجال دولة؟


عبدالفتاح السيسى صار بطلا قوميا عند الناس، لانحيازه لإرادة الشعب، أعاد للأذهان شخصية وشعبية عبد الناصر، وها هو الشعب يطالبه بالترشح للرئاسة، فهل هو رجل المرحلة الذى ساقه القدر لمصر؟ هل سيجلس على كرسى حكم مصر؟ فأين الرئيس المدنى الذى نادت به ثورة يناير؟ لهذه الدرجة تفشل كل شعارات يناير؟ هل الظروف أقوى من الشعارات؟ وأى مدنى؟ البرادعى الذى كان مكلفا بمهمة أمريكية ثم رحل؟ أم أبوالفتوح ذى الوجهين؟ ربما حمدين صباحى الثورجى، لكن هل هو متورط بالفعل فى علاقات مع الإخوان؟ هل لمجرد ظهوره فى صور ولقاءات معهم؟ وماذا لو صار رئيسا؟ هل يملك آليات وأدوات مواجهة التحديات الخارجية والداخلية فى هذه الفترة بالذات؟ وهل ستتعاون معه أجهزة الدولة، كالجيش والشرطة والمخابرات؟ الاتجاه السائد اليوم: رجل قوى يحكم مصر، فما هى معايير هذه القوة؟ يبدو أن الخوف والانفلات الأمنى، سيجعلان الشعب يرتمى فى أحضان السلاح مرة أخرى، راميا الديمقراطية خلف ظهره، ثم: ألم يكن محمد مرسى رئيسا مدنيا؟ أم أن ارتباطه بتنظيم له أيديولوجية سرية يخرجه من هذا المعنى؟


وإذا وصل السيسى للحكم، فهل سيؤسس لدورة استبدادية ثانية فى تاريخ مصر، بعد الستين عاما؟ رغم تحديد فترة الرئاسة فى الدستور؟ وماذا لو حكم مصر الفترتين اللتين نص عليهما الدستور، وكان أثناء حكمه حرا مستقلا فى قرار وطنى لا يخضع للقوى العالمية، شجاعا قويا نظيفا نقيا طاهرا، منحازا للفقراء والبسطاء فى الداخل؟ هل سيصنع الشعب معه مثلما فعل مع عبد الناصر فى 9 و10 يونيو 67؟ وتخرج الملايين هذه المرة لإعادته وليس لخلعه لفترة ثالثة، ويصير الدستور فى وادٍ ونظام الحكم فى وادٍ آخر؟ ويظل إلى ماشاء له الله.


وماذا وقد ظننا عقب ثورة يناير أننا تخلصنا من الكاريزما الآسرة؟ بالطبع هو لا يملك كاريزما عبد الناصر، لكنها طبيعة الشعب المصرى النفسية. ونحن لا نريد كاريزما بقدر ما نريد رؤية متأنية، هل نعود أوتوماتيكيا، وبفعل دورة حياة حتمية مكتوبة على جبين مصر، فرضتها ظروف معقدة لعصر الرجل الأوحد؟ ألن تتخلص مصر من عصر الجماهير الهادرة والصاخبة، وتدخل فى أحضان الديمقراطية الهادئة والصامتة، التى ستستعيض عن الثورة والتخريب بانتخابات حقيقية، خالية من الأمية وبريئة من الزيت والسكر؟ ظننا عقب ثورة يناير أن حوائط المكاتب الحكومية لن تعلق عليها صورة رئيس مصر بعد الآن، ولن يغنى مطرب لرئيس بعد الآن؟ فهل سيؤسس السيسى إذا صار رئيسا والمفروض أنه عرف «مصر عايزة إيه؟» لنظام مغاير لما عاشته مصر فى الستين عاما الماضية؟ وهل ستظل ذئاب الخارج، وعقارب الداخل، الأمر الذى يتطلب وجود رجل عسكرى فى الحكم على طول الخط؟ أم أن قوة السياسى، سوف تتوازى يوما مع قوة العسكرى؟ هل سيأتى علينا اليوم الذى نجد فيه طبيبا رئيسا للبلاد، والمرأة رئيسا للوزراء؟