السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فريدلاندر: الازدواجية أحد أسرار كتابات الرومى




كتبت– كريمان صالح

نظمت الجامعة الأمريكية بالقاهرة محاضرة بعنوان «جلال الدين الرومى والصوفية»، تحدث فيها باللغة الإنجليزية شمس فريدلاندر الأستاذ بقسم الصحافة والإعلام بالجامعة، وهو أيضا مصور ورسام وشاعر وصانع أفلام، حاصل على أكثر من 30 جائزة فى الفن والثقافة، إضافة إلى الجائزة الفضية فى الإخراج الفنى من نادى نيويورك، وله عدة مؤلفات فى التصوف منها: «رومى والتصوف»، و«جلال الرومى والطريقة المولوية» و«الدراويش» و«نظرات فى الكلاسيكية الصوفية».


بدأت المحاضرة بمقدمة للتعرف على جلال الدين الرومى (1207 – 1273) وهو فقيه وشاعر وصوفى فارسى مسلم ولد فى بلاد فارس، أشعاره ومؤلفاته الصوفية باللغة الفارسية أثرت فى الكثير من الشعوب والحضارات مثل الفارسية والتركية والبنغالية، وفى العصر الحديث ترجمت لمعظم لغات العالم، حتى وصفته الـ«بى بى سى» عام 2007 بأنه أكثر الشعراء شعبية فى الولايات المتحدة، وأشار فريدلاندر إلى أن الأعمال المطبوعة للرومى هى حصيلة الـ25 سنة الأخيرة من حياته.


ومن أهم مؤلفات جلال الدين الرومى: «الرباعيات»، و«ديوان الغزل»، و«المجالس السبعة»، و«رسائل المنبر»، و«قواعد العشق الأربعين»، و«مجلدات المثنوى السبع»، الذى كونها من قصص يومية وإرشادات قرآنية وحكمة من خبرته والمواقف التى مرت عليه، بالإضافة لكتابه عن شمس التبريزى «الديوان الكبير».


وأوضح فريدلاندر أن الملف الصوفى يطول شرحه، لذا سيكتفى باستعراض بعض من كتابات الرومى وتجاربه، وذكر مجمل من الإشكاليات بارزة فى أعماله فأسلوب الرومى رسالة حب وتواصل مع الله أولا، وبين البشر فى المقام الثاني، والحب عند الرومى لا يوصف على أنه فيزيائى، إنما هو حب ناتج عن تأمله العميق فى طبيعة الحقيقة والحياة سألنى أحدهم: ما الحب؟ قلت: لا تسأل عنه سوف تراه حين تصبح مثلي، حب الروح للروح حب لا يمكن أن تحصل عليه فى هيئة مادية لأنه ليس دائما، ويمكن أن يتحول أى حقد وكره.. الحب الدائم هو بالتقاء الروح، لذلك أشعاره كانت تصف كل شيء حى على الأرض من أزهار وأشجار وطيور والحيوانات وكل ما هو من خلق الله سبحانه وتعالى والفوارق الأساسية بين الإنسان وباقى مخلوقات الله، والفرق بين رجل يبحث فى الأفق البعيد عن سبل الحياة وعن الخالق، وآخر كالدابة على الأرض، وإشكالية الموت وحب الحياة، فالجسد البشرى يكمن فيه كل أسرار الحياة والكون، كما أنه وصف الإنسان الذى لا يعرف سوى الوجود المادى هو إنسان فاقد السمع والبصر لا يعرف المعنى الحقيقى للحياة «يا أخى أنت مجرد فكر وما بقى منك عظام وجلد».


وأكمل: الرسول صلى الله عليه وسلم لا يطلق عليه الأمى لأنه جاهل الأشياء أو لمجرد عدم معرفته للقراءة والكتابة.. هذه الأشياء معرفة جزئية، إنما ما يملكه كان معرفة كاملة شاملة لكل معانى الحياة، لأن منبعها هو المعرفة الإلهية.. وهذا يتمثل فى ضعف العقل البشرى المليء بالأحقاد والشرور الداخلية، مثال الأخوين قابيل وهابيل، فكان يعجز عن فعل ما قام به الغراب، رغم أنه لم يكن بالشيء الصعب، ويقول الله الإنسان هو سري، وأنا سر الإنسان، والشاهد على ذلك هو تكريم الله لآدم على المخلوقات جميعها، فعقل الإنسان أشبه بالزجاجة التى امتلأت من مياه المحيط.. ما بداخلها يعتبر المحيط ولكن هو جزء من كل لا نهاية له.. الكاتب الصوفى لا يكتب بالحبر إنما يكتب بقلب أبيض كالثلج.
ويتعجب كثيرا من عجز الإنسان عن الوصول لمراحل أرقى من الدابة، رغم إتاحة الصلاة والسجود بها، ويرى أن مجرد السجود الخالص لله كفيل بأن يغير الإنسان بالكامل لينقله لعالم آخر مختلف بالكامل عندما ينهض.


وأكد كما أن الازدواجية كانت من أحد أسرار كتابات الرومى الصوفية وسعيه الدائم لتعلم من الشيء الواحد 100 شيء آخر.. فالجسد والروح هما كالجزء من الكل وهذا عن طريق المقارنة بين الفوارق الواضحة تماما بين قدرة اـلروح وتنقلاتها وحياتها الخالدة وقدرة هذا الجسد البالى فالروح هى مصدر وقوة الجسد فى البقاء حى والجسد لا يشكل أى خطر عليها وبالتأمل والاستماع لهذا الإنصات ومعرفة القدرة الحقيقية لله والعوالم من حولنا فالروح تغادر الجسد عن النوم لكل البشر بمختلف المناصب والمهام والفقر والغنى.. وعند الفجر تعود من جديد.. كل جسد تعود اليه روحه دون أى أخطاء ولا تتبدل روح مع أخرى ولا يصبح الإنسان ليجد أفكاره وآراءه قد اختلفت وتغيرت، تعود بكل ما فيها وما لديها.. كما ان الحياة هى كالبحر اللا نهائى وعلى الإنسان القرار إذا كان ينجو منها أو يغرق دون نجاة.


أما الجزء الثانى من الندوة فتمثل فى عرض فيلم «أجنحة الحب» من إخراج فريدلاندر، ويشرح فيه رقصة الدراويش، فهى ليست مجرد رقصة أو أداء حركي، إنما مجموعة من المعانى الروحية الرمزية، فهى دائرة من المشاركة الوجدانية لمجموعة من القائمين عليها، يشتركون فى زى محدد له معان أخرى رمزية، فالقبعة «السكات» ترمز لشاهد القبور، والتنورة ناصعة البياض تمثل الكفن، أما المعطف «السديري» يمثل العالم، وعند اندماج الراقص فى مرحلة معينة يخلعه فى إشارة للتخلص من هذا العالم المادى ليردد بذلك اسم الله بأنغام متفاوتة كما أن الرقصات تعتمد على ميل معين فى حركة اليد والرأس حتى تتصل طاقة الإنسان بالأرض لتدور وترجع إليه وهكذا دواليك.
وفى النهاية تم فتح باب النقاش والأسئلة للطلاب والحاضرين حول ما ظهر خلال الفيلم.