الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الإسلام والدولة الحديثة




بقلم - محمد الدويك

لو أن جموع المسلمين مقتنعون إن الديمقراطية حرام أو أنها تخالف الإسلام، فلك أن تعلم أن أكثر من 500 مليون مسلم يعيشون فى ظل أنظمة ديمقراطية منتخبة، ويشاركون فى آليات وإجراءات الديمقراطية بارتياح ولا يتهمونها بالكفر. كما صرحت منظمة فريدوم هاوس ووتش.
ولو أن الإسلام ضد المرأة ولا يمنحها حقوقا سياسية كافية، فلك أن تعلم أن ثلاثة بلدان اسلامية كبيرة وصلت فيها المرأة الى منصب رئاسة الدولة، وهى اندونيسا وباكستان وبنجلاديش، فى حين أن بعض الدول الغربية لم يحدث فيها ذلك حتى الآن مثل الولايات المتحدة.


ولو أن الإسلام ضد الغرب والحداثة، فلك أن تعلم أن دولة مثل تركيا وهى خامس أكبر دولة ذات أغلبية مسلمة، عضوة فى حلف شمال الأطلسى ولديها علاقات قوية مع الاتحاد الاوروبى وتسعى للالتحاق به. كما أنه يعيش فى أوروبا أكثر من 50 مليون مسلم بسلام وسكينة كاملة.. ويشاركون فى نهضة أوروبا ويتعاطون مع العلم والحداثة والنظام.
بلد مثل اندونيسيا، ذات أكبر تعداد إسلامي، لديها حكومة علمانية منذ استقلالها عام 1949 وكانت تحقق نموا لثلاثين سنة بنسبة 7% وكان البنك الدولى يعتبرها نموذجا جيدا فى النمو..


وفى أفغانستان -وهذا لافت للنظر- قبل سقوطها فى يد طالبان، واثناء تعرضها للحكم الاستبدادي، كانت مدينة كابول هى الأكثر ليبرالية بالنسبة للنساء فى كل أنحاء آسيا.. وكانت 40% من الأطباء نساء.


وبعد سقوط طالبان وجدنا المسلمين فى كابول ومزار شريف يتسابقون على دخول السينما مبتهجين، ويحتفلون بزوال التشدد. ويحلقون ذقونهم ويطيرون الطائرات الورقية.


ولو أن الإسلام ضد الآخر ويضطهد الأقليات، فلك أن تعلم أنه عبر التاريخ أثبت الباحثون الغربيون أن اليهود كأقلية دينية عانت فى المنطقة الإسلامية درجات اضطهاد وقمع أقل بكثير مما عانته فى أوروبا على مدار ألف سنة. بل وصل اليهود إلى مراكز رفيعة داخل بلاط الخليفة المسلم. وكان الخليفة صلاح الدين يصطحب دائما طبيبه اليهودى فى جميع أسفاره.. وعاش موسى بن ميمون اليهودى حالة ازدهار وحرية وثراء علمى ما بين الاندلس والقاهرة ودمشق.


وبعد هزيمة 48 وتأسيس دولة اسرائيل هاجر لها نحو مليون يهودى عربي، لكن لم يتساءل أحدهم لماذا عاش كل هذا العدد طوال هذه القرون فى المنطقة الإسلامية؟


ما هى المشكلة..؟


أولا: مشكلتنا هى مشكلة العالم الثالث عموما وما فيه من فقر وتخلف وسوء حكم لمدة اربعة عقود متوالية. وزيادة معدلات الإحباط لدى الناس، والخلل الوظيفى فى طبيعة الدولة وفشلها فى تلبية احتياجات الناس، وميلها للقمع، هو المعامل الأكبر الذى يولد متطرفين جددا ويجعل افكارهم الراديكالية «الوهمية» أكثر جاذبية.


ثانيا: المتطرفون، الارهابيون والجهلاء، لديهم قدرة أكبر فى شغل مساحات اعلامية متنوعة. ولديهم بجاحة وصوت مرتفع أكثر من غيرهم. ويظنون أنهم يعبرون عن السواد الأعظم من المسلمين فى حين أنهم أقلية شاذة نشاز عن الجسم الإسلامى ألأكبر.


كما أن الغربيين يستهويهم تصدير هذه الصورة وتلميعها وبروزتها على أنها أساس الإسلام، ليبرروا لشعوبهم التوسع فى الاحتلال ونهب الثروات والقمع، ويبرروا المزيد من النفقات على شركات السلاح التى هى عصب الاقتصاد هناك.


صديقى المتطرف.. هضطر اصدمك وأقولك، مش انت المتحدث باسم جمهور المسلمين أو جماعتهم.. بل أنت رأى شاذ غريب عن الجسم الإسلامي.. وأحب أحذرك، إنك العدو الأول لنفسك ودينك، وأنك أول من تجلب الخسارة لأمتك.. وتمنح عدوك المبرر الذى يقتلك به.
كاتب فى الفكر الإسلامى