الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فن التفاهم والتفهـّم




بقلم - أحمد محمد جلبى

هدمت السياسة الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية حوائط كثيرة لكى تجد مكانًا تقف عليه؛ تقف على الأنقاض فى مساحة صغيرة وسط الخراب تسمح لها أن تكون تاجر خردة لأجزاء العالم المتهدم فتعيد تدويرها لتدخل فى صلب صناعة جديدة، ليس هذه مقدمة براقة بل تقييم نزيه لما يحدث حولنا، فكل منظرى الاستراتيجيات الغربيين مهتمون بتحليل الأفراد عن قرب، سمح لهم ذلك بغزو العراق وتحطيم أفغانستان وحتى تفكيك الاتحاد السوفيتى وكامل أوروبا الشرقية وقد امتلأت وزارة الخارجية الأمريكية بكل أنواع العملاء والجواسيس فلم يعد هناك الدبلوماسى الذى يسعى ليكون واجهة مشرفة لشعبه وثقافتهما تدعوك لاحترامها والرغبة فى التعاون معها هذا عهد مضى وكيف لأمة من السفاحين قتلت ودمرت شعب العراق وأفغانستان وعاثت فى الأرض فسادًا أن تنتج سفيرًا غير مجرم دولى محترف عقلاً ليس معقولاً، فها هو رجل أمريكا فى العراق روبرت بيكروفت والذى يحمل (مجازا) لقب سفير سوف يكون معينًا لدى حكومة مصر خلفًا للسيدة (آن) غير المأسوف على مغادرتها والإشكالية ليست فى السفراء بقدر كم الحقد والكراهية الشديدة للشعب المصرى وللأمة العربية الإسلامية ككل ويعملون بكامل طاقتهم على الإضرار بنا وبيكروفت مثل باترسون يسعى إلى إنفاذ مخطط الفوضى الخلاقة فى مصر التى تخطت أزمات لم تتخطاها بلاد العرب حولنا فقد خدم فى إدارة بوش الابن وعمل مساعدًا تنفيذيًا لكونزاليزاريس ثم خدم فى الأردن منذ 2008 وحتى 2011 بعدها أدار سياسات بلاده فى العراق فترة الربيع الثورى وهو ينتمى عمليًا لليمين المتطرف واختياره لمصر يعنى أننا ننتقل للمستوى الثانى فى إدارة صراع المنطقة بالاستقرار النسبى فى مصر وكذلك دول الخليج هو محور عمل تلك المجموعة وضرب استقرار المنطقة وتطوير المواجهات داخليًا وضبط عملها (النموذج السورى) ولن يعجز بيكروفت عن إثارة الأزمات حتى موعد انتخاب رئيس أمريكى جديد والمرجح أن يكون جمهوريًا ويمين بروتوستانتى أيضًا وعليه فإن (التفاهم) أن يحقق أوباما نصر سيساسى ينهى فترته به ويعطى دفعة لحزبه وهدف العصابة التى تحكم واشنطن الآن (التفهّم) لأوضاع مصر وخفوت النبرة العدائية واستدراج لغة المصالح المشتركة والاستراتيجية والترتيب لسايكس بيكو جديدة للعالم العربى تستهدف مصر فيها بشدة، ولا يجب أن يخفى علينا التوجه المخابراتى للسفارة الأمريكية بالقاهرة وقد عملت طوال الوقت الذى تلا تنحية الرئيس مرسى على إثارة المشكلات عالميًا للجمهورية المؤقتة والتركيز على أن العسكريين سوف يحكمون فى وضعية شبيهة بتركيا عام 1982 (كنعان ايفرين) مع أن مصر بها ثورة شعبية ولا ينطبق عليها فكرة النموذج هذه والتعامل معها وفق هذا الأساس (بالعافية) خطأ فادح ولكنى لن أعطى نصائح للإدارة الأمريكية يكفى ما قاله وزير خارجيتنا لإثبات حسن النوايا والأفضل أن تظل عليلة عن حقيقة الأوضاع فهذا سوف يتيح لنا فرصة خداع استراتيجى تذهب فيه الدولة إلى تنصيب من يستحق قيادة الدولة فى هذا الوقت العصيب وفى النهاية المكر والدهاء ليس من صفات اليانكى (جسم البغال وأحلام العصافير) ولكنها بالقطع جينات وراثية تجرى فى النيل فى عروقنا وقد جاء الوقت لإحداث نقلة نوعية فى علاقاتنا بالإدارات التى ستحكم البيت الأبيض فى المستقبل وربما نكون صداعًا فى عقولهم لعقود قادمة.


باحث وروائى