الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لغز الأجهزة الرقابية




بقلم - مصطفى زغلول

النظام الإدارى للدولة المصرية يمتلئ بل يكاد ينفجر بالأجهزة الرقابية المختلفة، والتى تتنوع أدوارها الرقابية ما بين مالية وإدارية ونوعية، وهى تعد بالعشرات، أشهرها.. الجهاز المركزى للمحاسبات، وهيئة الرقابة الإدارية، والرقابة على المصنفات الفنية، والهيئة العامة للرقابة المالية، والهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، وجهاز الرقابة على المطبوعات الداخلية والخارجية، وهيئة الرقابة والبحوث الدوائية، ومصلحة الرقابة الصناعية، هذا بخلاف الأجهزة الأمنية المتخصصة كمباحث الأموال العامة ومباحث التموين.. والأجهزة المعلوماتية الأشهر بإعداد التقارير كجهاز الأمن الوطنى وجهاز الأمن القومى واللذين يعدان تقارير كل صغيرة وكبيرة تجرى فى الدولة المصرية.


وبالرغم من كل هذه الأجهزة فإن الدولة المصرية وباعتراف الجميع هى من أكبر بؤر الفساد فى العالم فما حل هذا اللغز؟


جميع هذه الأجهزة الرقابية تتبع السلطة التنفيذية للدولة ولا تعمل بشكل مستقل، كما اقتصر عمل معظمها على كتابة التقارير فقط دون تحويل قضايا الفساد منها إلى المحاكمات، وذلك إما لوجود قصور وثغرات فى قوانين ولوائح وسياسات هذه الأجهزة، أو فى عدم رغبة القيادة السياسية فى فتح هذه الملفات تبعا لاستفادة النظام السياسى منها، أو حصول معظم المتهمين فيها على البراءة بسبب خلل فى إجراءات القبض عليهم، أو بسبب فساد بعض المسئولين عن هذه الأجهزة، والذين فضلوا مصلحتهم الشخصية على مصلحة وطنهم، فبدأت مصالحهم تتصالح مع مصالح الفاسدين الذين يقومون بمراقبتهم فيقومون بالتغطية عليهم، ومحاولة مساعدتهم فى إيجاد غطاء قانونى لأعمالهم المشبوهة، وقد زاد هذا الفساد واستشرى فى الأعوام الأربعة الأخيرة وبخاصة بعد 25 يناير،  وفى ظل غياب الدولة وانسحابها، بدأ الرقيب يفتح بابه للطالح قبل الصالح، بل وبدأت تجمعهم صداقات وأحيانًا علاقات اجتماعية وأسرية، مما جعل الناس يستشعرون أن الأجهزة الرقابية هى عبارة عن وهم كبير لا وجود له أو حلم يتمنى الشرفاء تحققه.


ولذلك على الرئيس الجديد للبلاد أن يجعل أول أولوياته إصلاح منظومة الأجهزة الرقابية، والعمل على ضمان استقلاليتها وعدم تبعيتها للسلطة التنفيذية، وجعلها بشكل هرمى يراقب كل مستوى منها المستويات الأدنى منه لضمان عدم تواطؤ بعض الموظفين، والعمل على ملاحقة الفاسدين مهما كانت نفوذهم وتقديمهم للمحاكمة وجعلهم عبرة لغيرهم حتى يقضى على الفساد، وتفعيل دور مجلس النواب فى الرقابة على السلطة التنفيذية، وكذلك تفعيل دور منظمات المجتمع المدنى الرقابية، فلن تنهض مصر إلا فى ظل جهاز رقابى قادر على ردع الفاسدين والقضاء على فسادهم.