الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لماذا يدافع الغرب عن الإخوان؟




بقلم - د. حسين محمود

من هو ضيف الشرف فى صالون تورينو الدولى للكتاب الذى أغلق أبوابه الأسبوع الماضى؟ الفاتيكان والمملكة العربية السعودية. ماذا يعنى هذا؟
كانت أول زيارة لى لإيطاليا فى حياتى عام 1976، وكنت عائدا من جولة أوروبية شملت الاتحاد السوفيتى السابق فى عهد بريجينف آخر سكرتير عام للحزب الشيوعى السوفيتى، وشملت الجولة أيضا تركيا واليونان وانتهت بإيطاليا. كانت الكنائس الإيطالية فى تلك المدينة مظلمة، لا يرتادها أحد. وكان السؤال التقليدى المتكرر بين أى شخصين يتعارفان هو: «هل أنت مؤمن؟» وكانت الإجابة التقليدية: «لا طبعا»، وأحيانا كان المحاور فى هذا الحوار البغيض يفلت من الإجابة دون أن يضطر أن يدين نفسه «بالإيمان» فيعطى إجابة فيها اعتذار عن إيمانه من قبيل «أنا مؤمن صحيح ولكننى لا أمارس طقوس العبادة».


فى ذلك الوقت أيضا كانت الأحزاب الشيوعية الأوروبية فى أوج قوتها، صحيح أنها لم تكن تفوز بالانتخابات، وكانت فى كثير من الأحيان تحصل على الأكثرية ولا تحكم بسبب تحالف أحزاب اليمين أو الوسط ضدها وحصولها على الأغلبية، وكان يطلق على هذه الظاهرة «العامل K»، وهو الحرف الأول من «كومونيزمو» أو الشيوعية، وطبقا لهذا العامل يستحيل أن يحكم حزب شيوعى فى بلد غربى. وكنت أرى فى ذلك تساويا فى استبداد النظامين العالميين آنذاك، فلم يكن الحزب الشيوعى السوفيتى يسمح لأى حزب ليبرالى بالتواجد داخل الكتلة الشرقية، ولم تكن الكتلة الغربية تسمح للأحزاب «الحمراء» أن تحكم حتى وإن فازت فى الانتخابات.


وعندما سقط سور برلين وأذن بسقوط الإمبراطورية الشرقية، فجرت الإمبراطورية الغربية قضية الدين فى وجه الجميع، وربما كان ذلك تحصينا ديماجوجيا للرأسمالية المنتصرة. ولكن الشاهد هو عودة الدين إلى الشارع وبقوة، وبداية المواجهة الدولية على أساس ديني، فجاءت الحروب الصليبية الجديدة من الغرب ضد الشرق، وتم اختراع الإسلام السياسى فى مواجهته، فيما سمى بصراع الحضارات.


وما بين الكنائس الإيطالية المهجورة عام 1977 وتلك المعمورة عام 2014 تستطيع أن تدرك بغير مجهود حجم شيوع الثقافة الدينية الضخم الذى شهده الشارع الغربي، وتم ضخه أيضا فى الشارع الشرقي. وقد قال لى طبيب شهير فى فينيسيا، وهو فى الوقت نفسه من أكبر المناصرين لإشاعة الثقافة الدينية: «التعامل مع مسلم متدين أسهل كثيرا من التعامل مع أوروبى غير متدين».  


هل نفهم من هذا أن مناصرة الغرب للإخوان المسلمين طبيعية وبديهية؟ أم نواصل الاعتقاد بأن الدفاع عن «الديمقراطية» هو الدافع النبيل لهم؟ هل يخشى الغرب من عودة الاشتراكية وعودة إحدى صورها البطولية فى العالم الثالث؟
عن ناصر والناصرية أتحدث.


أستاذ الأدب بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا