الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تاريخ المستقبل




أحمد محمد جلبى

تؤشر نتائج الانتخابات الدولية التى للمصريين بالخارج على ثلاثة أشياء مهمة تقع العزيمة المصرية فى تخطى الصعاب على رأسها فلا يستطيع أى فصيل سياسى أو مدع دينى أن يكسر إرادتك حتى لو توعدك ونفذ وحرق وقتل، فالمواطن المصرى ليس خانعًا ولا خائفًا ومترددًا وإذا كان الناس من قديم يشيرون فى الثقافة الشعبية لأمم بعينها وما بها من صفات فإن صورة المصريين فى العقل الجمعى صورة المارد والبطل والمحارب الشجاع «الملك سكنن رع تاعا والد أحمس  الأول» والأخير استخدم أسطورته التاريخية نجيب محفوظ فى روايته كفاح طيبة لأنه عن قريب سوف تتحرر مصر من احتلال الانجليز «نشرها عام 1945»، ومثلما حدث استفاد الشعب من المحنة وتخطاها، يحدث الآن فى مصر فيتجاوز الناس عقبة الخوارج الإخوان ويعطى شرعية مهمة وضرورية لكل القوى المجتمعية الأخرى التى لا تتاجر بالدين، فالتصويت - فى حد ذاته - أصباغ رضا وقبول على أطراف العملية السياسية أيًا كان الرابح فيه، وأيضًا لكل من يؤيد هذا الطرف أو ذاك فالشعب إذن استرد فى يده وضميره آليات البيعة والشورى والرضا وتلك المصطلحات التى أتى بها فقهاء المرشد من بطون الكتب القديمة كبديل عن فكرة الديمقراطية والانتخاب مع أن الخلافة الراشدة التى أتت بأبو بكر وعمر وعثمان وعلى كانت بالآليات الديمقراطية وجاز فيها التعدد والاختيار لأنها من أمور البشر وليست تشريعًا سماويًا فأبو بكر اقنع المهاجرين والأنصار بنبذ فكرة التسابق إلى السلطة فكان أن بويع واختار هو عمر ليخلفه وألزم الناس بتأييد اختياره بعده ولم يعب فعله بل استحسن وفرض عمر ستة مرشحين يختار من بينهم من يلى الأمر بعده وجعل ابنه مرجحًا فى التساوى ولم يعطه حق التنافس فكانت هذه آلية معقدة فى التاريخ الإسلامى «قانون انتخابى» والآن تفتح النتائج الأولية الباب على مصراعيه لنرى طريق المستقبل الصاعد، فالمشير سيكون علامة فارقة فى تاريخ الدولة المصرية الحديثة «بإذن الله»، من حيث تبدل قاعدة اختيار الحاكم، الوقت الذى يجلسه فى قمة رأس الدولة، التحالفات والأحزاب المدنية والإعلام والتى زادت مساحة تأثيرها على مجرى الحدث العام وأصبح لا بديل على مجرى الحدث العام وأصبح لا بديل عن أن تشترك فى منظومة الحكم، هناك أيضًا عودة تخليق الزعيم الشعبى وإن لم يكن فى السلطة وهى الظاهرة التى كانت فى مصر قبل عام 1952 وعرفت فى التاريخ باسم «زعماء مصر» والآن تعود وسوف تتزايد فى المستقبل وحمدين صباحى أحد هؤلاء بالمعنى القريب للزعيم الشعبى والذى مع الوقت يزيد رصيده العام من الجماهير والغريب أنه فى خياله يريد أن يقترب من عبدالناصر فإذا هو يشبه باشوات ما قبل ثورة 52.
أما عن الخوارج الإخوان وباقى التنظيمات الاجرامية الأخرى فإن مستقبلها السياسى جيد كحياة مثمرة فى السجون أو التشرد مع المطاريد وهو يحتل عدة صفحات فى كتب التاريخ والزيادة هنا فى اننا لن نستطيع السيطرة عليهم فى الإعلام أو التحرك حيث تظل فكرة كره ومعاداة الدولة هى المسيطرة عليهم وتمتد لتشمل كل الأطراف التى مضت فى الطريق الصحيح للمستقبل واختارت بإرادة حرة إزاحة الإخوان من الطريق وتجاوز أفكارهم العتيقة التى لا تصلح لاى زمان أو مكان، لدينا خطوط تتشكل ولن تنفذ فعليًا على أرض  الواقع الا لو أخذ المصريون المبادرة فى أيديهم ولم يتركوها مرة ثانية فى أى يد فالاختيار صار فى الشارع الآن وعلنيًا ولك أن تتفرج وتحضر ولك أن تدخل فى الدائرة لتكون جزءًا منها وعلى رأى المثل «لا تبحث عن بئر ماء وانت جالس بجوار نهر»
باحث وروائى