الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رسالة السيسى الأهم.. عودة الأخلاق




أصيب المصريون بحالة من الملل.. برامج التوك شو اليومية تطاردنا بنفس الأفكار والضيوف والإلحاح.. إعلام الفلول يتبنى رسالة واضحة.. الإخوان إرهابيون والثوار خونة والشباب عبء على الدولة.. ويجب أن تنتصر الدولة العميقة على الجميع.. ثورة 25 يناير كانت نكسة و30 يونيو هى الثورة فقط.. مبارك كان مظلوما والشعب المصرى لا يستحق الحياة لأنه شعب همجى وغير منظم.. ولا يصلح معنا سوى «الكرباج».
أما إعلام الإخوان فرسالته متكررة.. ما حدث فى 30 يونيو انقلاب.. العالم كله يرفض ما حدث فى مصر.. الملايين التى نزلت الشوارع كانت مؤجرة وممولة.. الشارع المصرى ملىء بملايين الثوار ضد السيسى ودولته العسكرية.
بين إعلام الفلول والإخوان دائما يحدث شىء يحرك المياه الراكدة.. قنبلة توقظ ضمير المصريين.. ويضطر الجميع إلى الانتباه لها.. وآخرها أحداث العنف فى مظاهرات طلبة جامعة الأزهر التى راح ضحيتها شهداء الشرطة وطالب الهندسة.. حينما يثير الإخوان الفوضى فى الشارع ويفجرون المصريين بقنابلهم الإرهابية.. فهى نماذج كاشفة لإعلام الإخوان.
يا عزيزى كلهم لصوص.. وكلهم كاذبون يتنفسون الكذب.. يريدون أن يحولوا التنافس على حكم مصر إلى صراع على الحكم.. وكأنه صراع بين رجلى أعمال على توكيل شركة سيارات.
وعلى جانب آخر نجد أن بعض رجال الأعمال خاصة الكبار تأتى رؤيتهم من منطلق أن الاقتراب من السلطة هو مفتاح وضمان الثروة.. لابد من كفيل سياسى للبيزنس الاقتصادى.. وكلما زادت قوة ونفوذ الكفيل زادت مشروعات رجل الأعمال فى الداخل وتضخمت حساباته البنكية فى بنوك الخارج.
ولهذا يفضل المشير السيسى المرشح الرئاسى أن يرسل اشارات أو بالأحرى رسائل لكل المواطنين وأحيانا بعض الفئات.. وقبل ترشحه طلب وزير الدفاع السيسى فى ذلك الوقت من رجال الأعمال أن يتبرعوا لمصر وعلى الرغم من أن فئات الشعب قد لبت نداء السيسى منذ 3 يوليو.. فإن رسالة السيسى لم تحدث تغييرا على سبيل المثال فى صندوق «30/6/30/6» لم يقدم كبار رجال الأعمال فى مصر تبرعات محترمة أو معقولة.. فحصيلة الصندوق تنقسم إلى قسمين: تبرعات الناس العادية و300 مليون جنيه قدمها الجيش للصندوق.
وبالتأكيد لا بد أن المشير قد شعر بالغضب من هذا التجاهل لنداء الوطن.. ولا بد أيضا أن ما زاد من غضبه أن بعض كبار رجال الأعمال كانوا يهرولون إلى المقربين منه متوسلين أن يسمحوا لهم بشرف التبرع لحملة السيسى وكان رد المشير السيسى الرفض ولكنه أضاف: «طيب ما يتبرعوا لمصر.. البلد محتاجة لكل واحد من أبنائها ولجهد كل واحد».
لقد غضب السيسى عندما تجاهل كبار رجال الأعمال التبرع إلى صندوق ترميم دور العبادة بشكل خاص لأنه كان يتوقع أن يقوم بعض كبار رجال الأعمال المسلمين بالتبرع لترميم الكنائس التى أحرقها الإخوان.. وأيضا تبرع بعض رجال الأعمال المسيحيين لترميم بعض المساجد.. فهذا التبرع كان رسالة سياسية مهمة فى ظل الحرب النفسية التى يشنها الغرب على مصر فى الملف القبطى.
وثمة سبب آخر للغضب من بعض كبار رجال الأعمال فمع بدء قدوم الدعم الخليجى لمصر خاصة الدعم الإماراتى فى صورة مشروعات ارتفعت أصوات بعض رجال الأعمال بالشكوى من منافسة الجيش لهم فى عملية بناء مصر.
فهؤلاء لا يتذكرون مصر إلا فى البيزنس.. وخلال البحث فقط عن نصيب فى تورتة الاستثمار.. لذلك كانت الاستعانة بجهاز الخدمة الوطنية وبعض شركات الدولة هى أسرع وأأمن وسيلة تنفيذ المشروعات بجودة عالية.. وفى أسرع وقت.. ولا شك أن أكبر سبب لهذا الاستياء هو تأجيل هؤلاء الكبار التوسع فى مشروعاتهم وإقامة مشروعات جديدة حتى «تتضح الرؤية» بحسب تعبيرهم.. ففى الوقت الذى سارع رجال الأعمال فى الإمارات بالعودة للاستثمار فى مصر.. فقد توقف كبار رجال الأعمال المصريين عن ضخ أموال جديدة حتى يجلسوا مع «رئيس مصر القادم».
هذا الموقف يكاد يكون موحدا حتى للذين هرولوا باتجاه الإخوان أو حتى الذين عارضوهم.
 ألا يوجد حل؟!
صحيح أن المجتمع المصرى يعيش أوقاتا صعبة حيث الإرهاب والقتل والدماء التى لا تجف.. ولكن ليس هذا كل شىء يمزق هذا المجتمع.
فانهيار الأخلاق والمبادئ والقيم عدو آخر.. عدو يدمرنا ببطء.. ونحن نجهله ونتجاهله ونغض البصر عنه.. انهيار الأخلاق يجعلنا نتوه عن أنفسنا ونصبح شيئا آخر غيرنا مفككين ضالين ومضللين ومغضوباً علينا.
فعلا هى فوضى وكأن الفوضى التى تحيط بنا أصبحت بداخلنا طالت قلوب وعقول وأخلاق المصريين.. فوضى مزمنة جعلت الناس تخشى العيب ولا تخشى الحرام.. تحافظ على العادات ولا تدرك الحلال.. ربما يرى البعض أن الفترة التى نعيشها هى السبب  فى تغير أخلاقنا ولكن فى الحقيقة أن كل الفترات مجتمعة هى السبب فى هذه النتيجة.
والسؤال الذى يؤرقنى: ماذا حدث للمصريين؟
بالأمس قاموا بثورة أبهرت العالم واليوم يأكلون لحوم بعضهم البعض وينهشون أعراضهم بأيديهم.
فقر وجهل وكبت ونصب باسم الدين وتلوث سمعى وبصرى وبالطبع أمراض نفسية.. نعم نحن مجتمع يعانى من كل هذا.
بصراحة شديدة لا أعرف ما السبب الحقيقى الذى أطاح بمبادئنا وأخلاقنا.
ولكن الشىء الذى أصبحت متأكدا منه وأتفق تماما مع المشير السيسى فى قوله: «إن الأخلاق هى الحل.. هى من ستعيد لنا أنفسنا التائهة وطبيعتنا الضائعة ورشدنا المفقود.. الأخلاق هى أهم شىء يجب أن نبحث عنه الآن ونستعيده.. ومنها وبها نستعيد كل شىء حتى الحرية.
ولذلك أرى أن الرسالة الأهم والأقوى فى حوارات المرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسى هى تركيزه على عودة الأخلاق والاحترام المفقود إلى المجتمع.