الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سمير فؤاد: غياب الرؤية والإدارة سبب تغلغل الارهاب والفكر المتطرف




حوار - سوزى شكرى


حقيقة.. لا ينتهى الجدل حول العلاقة بين الموسيقى والفن التشكيلى فليس هناك لون أفضل من لون، أو صوت آلة موسيقية أفضل من صوت آلة أخرى، فكم مرة وصفنا عملا فنيا بأنه رائع وملىء بالايقاعات الموسيقية، وكم مرة وصفنا قطعة موسيقية بأنها لوحة رائعة، فالعلاقة بين الموسيقى والتشكيل هى علاقة بنائية تنظيمية تربط بين الشكل والتنغيم، بين اللون والصوت، هذه العلاقة لها مدخل آخر وهو وجود الآلات الموسيقية والعازفين والمطربين والراقصات كموضوع فنى جمالى، هذه العلاقة ينتج عنها وجود سيفونية البصرية يقودها المايسترو التشكيلى الفنان سمير فؤاد فى معرضة التصويرى الجديد «مقامات» المقام حاليا بقاعة «بيكاسو» والتى قدمها بفلسفة مختلفة فى اسلوب العرض بدءا من الاضاءة الدرامية الهادئة المسلطة على اللوحات، وضع» فؤاد « لوحات العازفين - المرسومين- فى مدخل القاعة بنظام وترتيب وكأنهم فرقة موسيقية كاملة، كل عازف بآلاته الموسيقية ينتظر ان يعطيه المايسترو اشارة البدء، وفى مقابل العازفين وضع كوكب الشرق «أم كلثوم» تشدو رافعة رأسها فى حالة شجن، ثم تأتى لوحات رسم فيها اعظم راقصات مصر وغيرهم من نجوم الزمن الجميل.. التقت روز اليوسف بالفنان سمير فؤاد وتحاورنا معه حول معرضه الأخير وقضايا الحركة التشكيلية، فإلى نص الحوار.
■ حدثنا عن اختيارك للموسيقى كمدخل للتعبير الفنى فى معرضك الجديد «مقامات»؟
- من بداية حياتى والموسيقى لا تنفصل عنى وعن تكوينى ووجدانى وكيانى، هى حلم قديم فكنت اتمنى ان أكون مايسترو لاوركسترا كبير، ولدى فى مكتبتى الخاصة كل المقامات الموسيقية، ولانى كنت من المتفوقين فى الدراسة هذا التفوق جعلنى دائم الطموح والأحلام والهوايات فكان لى اهداف كثيرة كلها تكمل بعضها بجانب كونى مهندسا درست الفن والموسيقى والأدب وكنت من المحظوظين، ذهبت للقاء العقاد فى صالونه الثقافى وتقابلت مع الكاتب أنيس منصور وكان يتناقش معنا جميعا ونحن شباب فى بداية طريقنا وهذا ما جعل جيلى من الفنانين على درجة كبيرة من الثقافة فى مختلف المجالات الفنية وليس التشكيلية فقط، الثقافة لا تنفصل او تحدد بنوعية، أما عن اختيارى للمقامات فالمقام هو طبقات الصوت وطبقات التصوف والتجلّى والمقام فى الموسيقى هو تتابع النغمات بحيث تخضع المسافات التى تفصل بينها لقاعدة ثابته, ويخلق كل مقام حالة حسية وجدانية خاصة بة فهناك مقامات مشرقة أو مبهجة وأخرى داكنة أو حزينة، والمقام فى الفنون البصرية هو الحالة الحسيّة والوجدانية التى يخلقها لون معين أو مجموعة العلاقات اللونيّة فى العمل الفنى، اللون بطل الرمادى بطل والبنفسجى بطل والاصفر بطل كل الالوان ابطال، المعرض قسمين القسم الاول عازفين للآلآت الموسيقية مثل النفخ مثل الساكسيفون الناى الآلات الوترية الأكورديون العود وغيرها من الآلآت الموسيقية، لحظة العزف وهى اجمل لحظة يظهر فيها احساس العازف بالنغمة والايقاع وملامحة تصبح جزء من النغمة، القسم الثانى من المعرض راقصات زمان بالوان مبهجة ومفرحة الذين امتعونا بالرقص الشرقى الراقى فترة تحية كاريويكا وسامية جمال، وعلى الجانب الآخر كوكب الشرق «أم كلثوم»، احن دائما الى الزمن الجميل الذى عشته، زمن بالفعل كل ما فية كان جميل، المناخ العام ثقافيا وفنياً تشكلياً سينمائياً ثرى ثراء يزيد قيمتة كلما مر الزمن.
 تميزت لوحاتك بحل تشكيلى يشبة «الزغلله» وهى استمرار الحركة للشخصيات، فما سبب اختيارك لهذا الاسلوب؟
- أنا دائما ملتزم بقواعد الفن والقيم الفنية لعصر النهضة من حيث التكوين القيم الجمالية القيم الفنية المنظورالاتزان والحركة ولكن لدى حل تشكيلى يخصنى، ولولا وجود القيمة لما استمر محمود سعيد وتحية حليم وغيرهم الى اليوم، أعمال القيمة لا تنتهى بانتهاء عمر الفنان بل تستمر لانها تحمل ثوابت جماليه، الفنون المعاصرة ثارت على ما قبلها وقدمت البديل، لذلك أطالب الشباب الموهوبين بمراعاة القيمة فى اعمالهم الفنية مهما كان الاسلوب الفنى يبحث عن القيمة.
 استدعاء الزمن يتطلب الطرح الفنى والتقنى المناسب مثل التأكيد على تتابع الحركة واستمرارها فى الشخصيات مثل لوحات رقص تحية كاريوكا، ولوحات «أم كلثوم» التى تظهر فيها وهى تشدو بآهات تظل تسمعها دون ملل، ولوحات العازفين والآلآت النفخ اظهرت لحظة العزف، أنا لا افضل الحركة الثابته، بما أنها «حركة» فلماذا الثبات، وأيضا التقنية الفنية تحضير سطح اللوحة بطبقات عديدة وهذه الطبقات التراكمية هى طبقات الزمن البعيد التى من بينها تجد العلاقة بين اللون والصوت.
ماذا ينقصنا اليوم على الساحة الفنية والتشكيلية والثقافية لاعادة التثقيف البصرى؟
- ينقصنا الثقافة والاطلاع على كل مجالات الفنية، المتاحف مغلقة، فاين متحف الجزيرة؟ هل يعقل ان يغلق متحف 30 عاماً للترميم؟ هل يعقلذلك فى دولة بقيمة مصر، من المسئول عن الاعمال الموجودة فى المخازن ويحرم منها الاجيال الجديدة وبل نحن ايضا حرمنا منها، آخر مرة زرت هذا المتحف كنت شاب وتعلمت منه الكثير وايضا متحف الفن الحديث، ومتحف محمود خليل، كلها متاحف لها قيمتها بما فيها من لوحات مثل لوحات كوربية جوجان رمبرانت اعمال المستشرقين ديجا وغيرهم، حتى لما كانت المتاحف مفتوحة كانت متاحف بدون زائرين ينقصنا التثقيف البصرى.
الأزمة الأهم ان متحف الفن الحديث لا يمثل الفن المصرى لابد ان يعاد النظر فى اسلوب العرض وفلسفتة توجد اعمال دون المستوى، فى كل متاحف العالم توجد اعمال ثابتة لا تتغير لان لها قيمة فنية وجمالية وتاريخية، واعمالا أخرى تتغير كل 6 شهور، فمثلا لا يمكن ازالة لوحة الموناليزا، انما فى مصر لا تغير منذ سنوات والاعمال موجودة فى المخازن لا احد يراها، فما فائدة المتحف ؟ اين دور المتاحف فى التعليم وفى المدارس فى الجامعات فى السياحية التشكيلية، فالفنان بيكار كان يقوم بدور تثقيفى برسوماته فى الصحف، الحسين فوزى حين رسم «أولاد حارتنا» كرسوم مصاحبة فى الاهرام، وايضا زهدى واغلفة صباح الخير وتميزها،هؤلاء عمالقة الفن كونوا ثقافة لجيلى، اتذكر وانا عمرى 14 سنة ذهبت الى مجلة صباح الخير لمقابلة صلاح جاهين ومعى الالوان المائية التى اعشقها عرضت على «جاهين» أعمالى وفرح بها وكان موجود حجازى وبهجت وحسن فؤاد، واخذوا رسوماتى ونشروها، وأبوالعنين الذى تميزت اغلفة «صباح الخير» لسنوات بلوحاته، الثقافة كانت تأتى من المتاحف من الصحف الثقافية من رسوم الاغلفة المناخ كلة يكمل بعضه، الفنون تعطى بعضها ولا تنقص موسيقى سينما تشكيل طرب، مطلوب تدريس الفن التشكيلى فى المدراس واقامة فعاليات دورية مثل سيبموزيوم الاقصر وورش العمل نتواصل فيه مع فنانى الورشة ولم نتقابل مع فنانى الاقصر.
■ وما هو الحل الذى تقترحه لعلاج ازمة المتاحف المصرية؟
- مطلوب متخصص فى فلسفة العروض يقوم مثلا عرض اللوحات الفنية لمجموعة من الفنانين اختاورا مثلا موضوع «الحركة – الملابس – الطبيعية – الثواب والعقاب وغيرها من العناوين، وتعرض الاعمال على ان يربطهم العروض موضوع وهكذا يمكن الشباب ان يشاهدوا كيف تناول الفنانين موضوعاً من مختلف العصور بل من عروض الركود الفكرى والرسوب التشكيلى واقصد العروض وليس الاعمال لان طريقة عرض العمل قد تكون ليست فى مصلحة العمل وقيمته، لذلك اقول يجب وجود متخصص فنى، ويصاحب العرض قراءة نقدية وكتالوج وشرح تفصيلى عن معالجة وتقنية والاسلوب الفنى لكل فنان فيما يختص العنوان المحدد.
■ «الشباب يفتقد التواصل مع الرواد المعاصرين»هل هذه المقولة صحيحة؟
- أنا شخصيا تغيرت حياتى بعد مقابلة الفنان الراحل «حسن سليمان» حدثت نقلة فى حياتى كفنان، «سليمان» لدية محصلة فنية ثقافية، لا يوجد اليوم تلميذ واستاذ، ولا ألوم الشباب بل ألوم الكبار من الفنانين الذين لم يحتضنوا الاجيال الجديده، العيب كل العيب فى الاستاذ، قديما كانت القيم المجتمعية السائدة لابد ان الكبير يعلم ويعطى هو المسئول عن الادارة والعطاء، غياب الرؤية والادارة هما سبب تغلل الفكر المتطرف والارهاب فى كل المجالات.
 ■ كيف ترى أزمة المعرض العام الدورة الحالية 36 وشكاوى بعض الفنانين المرفوضين لنقابة التشكيلين على اعتبار انهم اعضاء هيئة تدريس، واعضاء نقابة؟
-  يبدو ان عندنا خلل مجتمعى البحث عن واسطة لقبول اللوحات (عضو نقابة – عضو هيئة تدريس) مشكلة الرفض التى تتعرض لها كل لجنة اختيار كل عام لابد ان يعرف الفنان ان استمارة الاشتراك تقول أنه من حق اللجنة الرفض والقبول بدون ابداء الاسباب، من لم يعجبه هذا الشرط لا يشترك حتى لا يعترض عند الرفض، ثانيا ما علاقة النقابة بالمعرض العام، وعلاقة ان الفنان عضو نقابة وعضر هيئة تدريس؟ استمارة اشتراك عقد يجب تنفيذه نحن لا نحترم القانون ولا حتى فى الفن، فى استمارة المعرض العام او اى فعاليات فنية لا تنص على شروط دراسية، المهم العمل الفنى وقيمتة بحسب معاير اللجنة لهذه الدورة، ولابد من احترام رأى اللجنة ولا داعى لهذا التشكيك مع كل لجنة، ولا تدخل فى عمل اللجنة من النقابة او جهات أخرى، فى انجلترا يتقدم 30 ألف فنان للمشاركة فى المعرض السنوى «للجمعية الملكية البريطانية « ويدفع الفنان 50 جنيها استرلينى للاشتراك وحين يرفض لا احد يشتكى او يشكك، قبلت اعمال فنانين بدون مؤهل دراسى المؤهلات ثقافة لكن الفن ممارسة تطبيق فيها الدراسة والتجريب والتجديد والابداع، المهم ان تختار لجنة ليس عليها غبار اجد ازمة أخرى ان المعرض العام لم يعد يجذب الفنانين الكبار واجدهم بدوا من اعوام فى الابتعاد، حين تتعدل الدولة سوف نرى معرض عام له قيمة كل الامور مختلة تحتاج الى توازنات.
 هل ترى ان الفعاليات الخاصة التى يديرها اشخاص تقدم دور مع المؤسسة الرسميه؟
- لا اعترض على وجودهم، اختلف فقط فى استخدام المسمى «بينالى» يكون الافضل تغيير المسمى حتى لا تفقد قيمة البيناليات الاصلية البينالى بروتوكلات، فى فترة السادات وجدنا ان كل بقال يكتب على البقال «سوبرماركت» ومع الوقت عرفنا ان ليس كل بقال سوبر ماركت! وهنا اتوقف عند دور الجمعيات الاهلية الفنية مثل جمعية محبى الفنون الجميلة ودورها الريادى فى فترات مهمة واللجوء لمثل هذه الفعاليات الخاصة بسبب غياب جهات كتيرة، وانحصار الفن على دور الدولة، مش كل حاجة الدولة.
■ ما رأيك فى اداء لجنة المقتنيات بوزارة الثقافة؟
- لابد ان يعاد النظر فى سياسية لجنة المقتيات، الدولة تقتنى من الفنان لان عملة له قيمة واضافة للدولة أن يكون هذا العمل، لكن التعامل مع الاقتناء بحجة أن الفنان يحتاج مساعدة كل الفنانين محتاجين مساعدة لكن يمكن انشاء صندوق دعم الفنانين تحت أى ظروف، وليس الاقتناء لظروف حتى لا يضع قيمة الاقتناء، يفصل الاقتناء عن مساعدة الفنان، وأيضا شراء الاعمال من الشباب الجديد قبل استقاطبهم لدول أخرى، مصر أحق بمواهبها.