الجمعة 20 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الاسراء والمعراج معجزات من الأرض إلى السماء




لقد حفلت رحلة المعراج إلى السموات العلا بمشاهد ومواقف عديدة يحمل بعضها بشارات، والبعض الآخر تحذيرات للناس، فبعد أن انتهت رحلة الإسراء، قدم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معراج جميل، والمعراج، فصعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومعه جبريل فوق المعراج حتى بلغا السما.


وفتحت لهما السماء والدنيا، ونظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا رجل تام الخلقة عن يمينه أسودة، وعن يساره أسودة. فإذا نظر إلى التى عن يمينه تبسم، وقال: روح طيبة اجعلوها فى عليين، فيفتح باب ويخرج منه ريح طيبة فتدخل فيه، وإذا نظر إلى التى على يساره حزن وقطّب جبينه وقال: روح خبيثة اجعلوها فى سجيّن، فيفتح باب وتخرج منه ريح خبيثة، فتدخل فيه.


فتعجب النبى صلى الله عليه وآله وسلم وسأل عن هذا الشخص التام الخلق وعن هذه الأسود، وعن هذين البابين فقال جبريل عليه السلام:
أما الشخص التام الخلقة فهو أبوك آدم، وأما هذه الأسودة عن يمينه وعن يساره فهى أرواح بنيه؛ أهل يمينه هم أهل الجنة، وأهل شماله هم أهل النار، فإذا نظر إلى أهل الجنة تبسم وإذا نظر إلى أهل النار حزن وابتأس. وأما البابان فالباب الذى إلى اليمين باب الجنة، والباب الذى إلى اليسار باب جهنّم.


فقال عليه السلام: يا جبريل.. ما هذه الريح الطيبة الباردة؟ وما هذا المسك؟، وما هذا الصوت؟ فقال جبريل: هذا صوت الجنة تقول: رب آتنى بما وعدتنى، فقد كثرت غرفى، واستبرقى، وحريرى، وسندسى، ولؤلؤى، ومرجانى وفضتى، وذهبى، وأكوابى وصحافى، وأباريقى، وكئوسى، وعسلى ومائى، وخمرى، ولبنى، فائتنى بما وعدتنى.


فقال عز وجل: (لك كل مسلم ومسلمة، ومؤمن ومؤمنة، ومن آمن بى وبرسلى، وعمل صالحا، ولم يشرك بى شيئا).


وفى رحلة المعراج مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أقوام تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد، كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شىء وهذا جزاء من يتكلم بالشر، ويخوض فيه بين الناس فلما رأى رسول الله ذلك قال لجبريل: ما هذا يا جبريل؟


قال جبريل: هؤلاء خطباء الفتنة. وعلى العكس فهذا المشهد يثير فى نفوسنا الراحة ويبعث فيها الاطمئنان والسكينة، فقد مر الرسول على أقوام يحصدون فى يوم، كلما حصدوا عاد كما كان. وكثرة الحصاد والمحصول على هذا الوجه رمز لجزاء الله سبحانه الذى لا يتناهى، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك سأل جبريل: ما هذا يا جبريل؟


قال جبريل: هؤلاء هم المجاهدون فى سبيل الله، تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف. ولذلك يشبه الله العمل الصالح فى الآية: {كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء}.


نظر الرسول صلى الله عليه وسلم فرأى موائد كثيرة، عليها لحم مشرّح جيّد ولا يقربها أحد، وموائد أخرى عليها لحم نتن كريه الرائحة وحول هذا اللحم النتنة أناس يتنافسون على الأكل منها ويتركون اللحم المشرّح الجيّد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:» ومن هؤلاء يا جبريل»، قال جبريل: هذا حال ناس من أمتك يتركون الحلال الطيّب فلا يطعمونه، ويأتون الحرام الخبيث فيأكلونه.


وفى السماء السابعة رأى النبى صلى الله عليه وآله وسلم البيت المعمور، وهو بيت فى السماء السابعة مثل الكعبة الشريفة فى أرضنا هذه يدخله كل يوم للصلاة فيه سبعون ألف ملك لا يعودون إلى يوم القيامة، ورأى عليه السلام رجلا أحسن ما يكون الرجال قد أسند إلى البيت المعمور فقال عليه الصلاة والسلام: من هذا الرجل يا جبريل؟


قال جبريل: هذا أبوك إبراهيم عليه السلام، خليل الرحمن. فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد عليه الخليل السلام. ورأى الرسول صلى الله عليه وسلم حول إبراهيم الخليل قوما جلوسا بيض الوجوه أمثال القراطيس.. وقوما فى ألوانهم شىء، فدخلوا نهرا اغتسلوا فيه، فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شىء.


ثم دخلوا نهرا آخر، فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلصت ألوانهم، فصارت مثل ألوان أصحابهم، فجاؤا فجلسوا إلى أصحابهم. فقال عليه الصلاة والسلام يا جبريل من هؤلاء البيض الوجوه؟ ومن هؤلاء الذين فى ألوانهم شىء؟ وما هذه الأنهار التى دخلوا فيها فجاءوا وقد صفت ألوانهم؟


قال جبريل: أما هؤلاء البيض الوجوه فقوم لم يلبسوا إيمانهم بظلم، أى أنهم أخلصوا دينهم لله، فليس فى قلوبهم شىء من شك أو ميل إلى الإثم والبغى، فكان إيمانهم نقيا صافيا. وأما هؤلاء الذين فى ألوانهم شىء، فقوم خلطوا عملا صالحا، وآخر سيئا، فتابوا فتاب الله عليهم، وأما الأنهار فهى : نهر الرحمة، ونهر النعمة، والثالث: شراب طهور.