الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

بطاطس الحرية




محمد الدويك

يقول الله فى سورة الحجرات: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما. فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفيء إلى أمر الله. فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل. وأقسطوا. إن الله يحب المقسطين. إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون).
لأن القرآن دين واقعى لا يفترض فى أحد العصمة، ولا يضع قداسة لتابعيه على باقى البشر. فقد افترض حدوث خلافات بين طوائف المؤمنين انفسهم. ولم يهرب من المواجهة، بل وضع حلولا منضبطة لإنهاء الخلاف. فأحد أهم مقاصد الدين، الحياة الآمنة بين البشر ووضع القواعد المحايدة التى تصل بالخلافات إلى حدودها الدنيا.
فى الآية قال لو فئتان من المؤمنين اقتتلوا، أصلحوا بينهما. أولا. قبل الانجرار الى الحرب. فإن بغت احداهما على الأخرى، قاتلوا البغي. قاوموا الظلم. حتى تصلوا إلى الصلح. بالعدل. وأقسطوا إن الله يحب المقسطين. لاحظ التأكيد على كلمات مثل، أصلحوا - العدل - القسط.. وذكرها بشكل مكثف حتى تستقر فى وجدان المجتمع المؤمن، وتكون هى المحرك بجميع تصرفاته ومحور أخلاقه، حتى أثناء الحرب. فلا تكون الحرب لإحياء نزعات الانتقام والتنكيل واثبات الذات.
هذا هو غرض القتال فى الإسلام.. اقرار العدل ودفع الظلم ونشر التصالح.. وجعل القوة تابعة للحق منقادة له وليس العكس. وأن يكون الهدف هو الضغط من أجل التصالح. وليس من أجل الكسب المادى والأهواء. شيء يشبه فارس العدالة الذى يظهر وقت انتشار الظلم فيحقق العدل ويحارب الطغاة ويحقق السلام للعالم، ولو للحظة.
وهذا مخالف لما اعتاده العرب أن يكون التناصر قائما على النزعة القبلية دون مراعاة لقواعد العدل. يقول الشاعر: ولسنا نسائل أخانا حين يندبنا.. فى النائبات على ما قال برهانا.
حتى لو كان أحد الأطراف غير مؤمن، فيجوز التدخل لإقرار الصلح، كما سمحت الآية لرسول الله (فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم .. وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين) المائدة 42
تريدون تطبيق الإسلام؟ اجعلوا لكم تحالفا قويا يدعمه القانون، يشبه محكمة عدل حقيقية تتبعها قوة تفرض قرارها على الباغى وتناصر المظلوم.
حلف الناتو ينفق 70% من النفقات العسكرية العالمية. أمريكا وحدها تنفق 40% منه. أنتم لا شيء يا سادة.
حلف الناتو يقاتل من أجل الغنائم.. من أجل النفط وطرق التجارة وبسط النفوذ.. أما الإسلام فقال قاتلوا لإقرار العدل ومقاومة الظلم ونشر التصالح.
ويظل تابعو الإسلام مصرين على أننا دميون. رغم ضعفنا. ويظل الإعلام الغربى يفرح بهذه الصورة الذهنية ويروجها. بينما هو من يمارس القتل الأنيق.
الإسلام يهتم بمفهومى العدل والقوة. كمتلازمين. أنتم ظالمون ضعفاء. فكيف ترفعون شعارا إسلاميا!
ها هى سوريا أمامنا، من يملك القرار فيها أمريكا وروسيا وفرنسا، ومنذ شهور اجتمعت مجموعة العشرين فى روسيا فى مدينة سانت بترسبرج، لنظر الضربة على سوريا ويوافق أوباما وفرنسوا أولاند على توجيه ضربة عسكرية، على خلاف العلاقة الجدلية بين البلدين؛ حيث كانت فرنسا رافضة لتوجيه ضربة للعراق منذ عشر سنوات، ما أثار توترا فى العلاقة بين البلدين، وجعل أمريكا تتخذ قرارات حاسمة فى علاقتها بفرنسا.
فقامت المطاعم الامريكية بإلغاء صنف البطاطس المقلية من قائمة المطاعم الامريكية لأن اسمها «فرنش فرايز» ما يشير الى دولة فرنسا!
وقاموا باستبدالها بكلمة «فريدوم فرايز» أى بطاطا الحرية. فى إشارة الى تمثال الحرية فى نيويورك دون أن ينتبهوا إلى أنه كان هدية من فرنسا عام 1886.
أحد التنظيمات الإسلامية المسلحة فى سوريا تقاتل لهزيمة دولة الكفر وإقامة دولة الإيمان، ولا يلحظون أنهم يقاتلون الكفر بسلاح أمريكي، وينسون أن السلاح الأمريكى لا يقيم دولة الخلافة.
كاتب فى الفكر الإسلامى