الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

هل كان عبدالناصر إخوانياً؟




في برنامج علي إحدي الفضائيات العربية ضم مجموعة من الباحثين المصريين من بينهم الدكتور محمد الجوادي الذي أثار دهشة مقدمة البرنامج وضيوفها الآخرين عندما قال في هدوء شديد إن جمال عبدالناصر كان إخوانياً وإن الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين كان قد كلفه بمسئولية التدريب العسكري لشباب الجماعة بدلاً من الضابط محمود لبيب وقام بتخزين السلاح في عزبة العشماوي وإن ثورة 23 يوليو صنعها الإخوان وإن سيد قطب هو من استعانت به الثورة لكتابة برنامج هيئة التحرير التي أنشأتها لتكون بديلاً عن الأحزاب التي قامت بإلغائها ولم يكن موضوع البرنامج جمال عبدالناصر ولا ثورة يوليو إنما دار حول الانتخابات الرئاسية والتعليق علي أقوال وتوقعات اللواء عمر سليمان كان أدلي بها للصحفي اللبناني جهاد الخازن حول التنظيمات الإسلامية وشبهة قيامها بتخزين السلاح لاستخدامه عند اللزوم الأمر الذي يمكن أن تسفر عنه حرب أهلية وهو ما حدا بأحد المحامين من الإسلاميين أن يتهم اللواء عمر سليمان بأنه كاذب.. غشاش أفاق!! وما حدا بمشارك آخر أن يصحح للجوادي حكاية مخزن السلاح بأنها مزرعة الشيخ محمد فرغلي ولا علاقة لجمال عبدالناصر بها.
هل كانت جماعة الإخوان المسلمين وراء ثورة يوليو وبالتالي هي إنتاج إخواني؟ وهل كان جمال عبدالناصر إخوانياً بدليل تخزينه السلاح في مزرعة العشماوي كما قال الدكتور محمد الجوادي؟
لقد كتب الكثير عن علاقة الثورة بالإخوان.. وعلاقة زعيمها بالإخوان.. ولكن لم يقل أحد جازماً كما جزم الدكتور الجوادي أن عبدالناصر كان عضواً في تنظيم الإخوان وأن الثورة ما هي إلا صناعة إخوانية.. فأين الحقيقة في كل ذلك؟
لا تشوهوا الوقائع:
هل لأن ثورة 25 يناير التي صعدت بتنظيم الإخوان وجعلته إحدي القوي الرئيسية اللاعبة سياسياً بأغلبية حصلت عليها في انتخابات البرلمان ثم ما يلوح في الأفق من تقدمها في انتخابات الرئاسة جعل البعض يحاول أن يقرأ التاريخ قراءة إخوانية تقربه من تيارها المتصاعد وقوتها الممسكة بالأمور في المجتمع وسلطاته؟
وأرجو أن يتسع المجال هنا لبحث ذلك الأمر وصولاً إلي نفيه وتعريته من الدقة والموضوعية ولنبدأ بالبداية الطبيعية وهي استعراض شهادات من جاء بأسمائهم الدكتور الجوادي ونعني أولاً جمال عبدالناصر الذي نعته الجوادي بأنه إخواني أصيل، ثم نستعرض شهادة الاسم الثاني الذي أتي به الباحث وهو حسن العشماوي، ثم نستعرض شهادات أخري بعدهما، قال عبدالرحمن الرافعي مؤرخ الحركة القومية المصرية من حق التاريخ علينا ألا نحرف وقائعه بل علينا أن نتحري الحق والصدق في تدوينها وتفسيرها، ولا نشوه أسبابها ومسبباتها فإن هذا واجبنا في تحقيق الحوادث، إن للتاريخ حرمته ومكانته، ومن واجبنا أن ندونه علي الوجه الصحيح وعلي هذا النسق نناقش الأمر.
عبدالناصر ينفي:
في لقاء مع الشباب في 18 نوفمبر سنة 1965 قال جمال عبدالناصر ما يلي:
- أنا قبل الثورة كنت علي صلة بكل الحركات السياسية الموجودة في البلد يعني مثلاً كنت أعرف الشيخ حسن البنا لكن ما كنتش عضو في الإخوان، ما كنتش أبداً عضو في الإخوان المسلمين وأنا لوحدي يمكن اللي كانت ليه علاقة بحسن البنا وإخواننا كلهم مالهمش ولكن كنت بقولهم علي الكلام اللي بيحصل معاه، فيه فرق بين إني أعرف الشيخ حسن البنا وفرق إني أكون عضو في الإخوان.
كنت أعرف ناس في الوفد وكنت أعرف ناس من الشيوعيين.. انضميت لحزب مصر الفتاة وسبت مصر الفتاة ورحت انضميت للوفد.. وطبعاً أنا الأفكار اللي كانت في رأسي بدأت تتطور وحصل نوع من خيبة الأمل بالنسبة لمصر الفتاة ورحت الوفد وبعدين حصل نفس الشيء بالنسبة للوفد، وبعدين دخلت الجيش.
- ابتدينا نتصل في الجيش بكل الحركات السياسية.. ولكن ما كناش أبداً في يوم أعضاء في الإخوان المسلمين كأعضاء أبداً، ولكن الإخوان المسلمين حاولوا يستغلونا فكانت اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار موجودة في هذا الوقت وكان معانا عبدالمنعم عبدالرءوف وكان في اللجنة التأسيسية وصمم علي ضم حركة الضباط الأحرار إلي الإخوان المسلمين إحنا كلنا رفضنا، واستقال عبدالمنعم قبل الثورة بستة شهور.
- كان لهم تنظيم داخل الجيش يرأسه ضابط اسمه أبوالمكارم عبدالحي وفي أول يوم من قيام الثورة جالي بالليل عبدالرءوف ومعاه أبوالمكارم وطلبوا إن إحنا نديهم أسلحة عشان الإخوان يقفوا جنباً إلي جنب مع الثورة أنا رفضت وقلت لهم يشتركوا في الوزارة بعد كده ورشحوا عدداً من الناس للاشتراك في الوزارة ولكن جه بعد كده تصادم.. اتحلت الأحزاب كلها ومحلناش الإخوان المسلمين.. كان لابد من الهيمنة علي الثورة فقد اشترطوا: ألا يصدر قانون أو قرار إلا إذا أقره الإخوان المسلمين بمعني أوضح أن يحكموا من وراء الستار.
المرشد يطالب بفرض الحجاب:
ثم يمضي جمال عبدالناصر فيقول إنه قابل المستشار حسن الهضيبي المرشد العام للإخوان المسلمين في بيته في منشية البكري لتنسيق التعاون عقب الثورة وكانت مطالب الهضيبي من عبدالناصر أن يعلن الحجاب في البلد كلها، وأن السيدات كلهم يمشوا محجبات زي اليمن مثلاً، وأقفل المسارح والسينما إلي آخره.. رد جمال لمطلب المرشد العام « أنا مش فاهم أعمل الكلام ده ليه والناس يقولوا رجع الحاكم بأمر الله يقولوا إن فيه حاكم مجنون ولا يمكن قبول هذا الكلام ثم قال له عبدالناصر عندك بنت في كلية الطب مش لابسة حجاب ولا حاجة. وبتروح تحضر التشريح ولابسة زي البنات في كلية الطب فإذا كنت أنت مش قادر تعمل الحجاب في بيتكم عايزني أعمل حجاب في الدولة المصرية كلها إزاي؟» وقال عبدالناصر إنهم سيمنعون من يقل عمره عن 21 سنة من ارتياد الملاهي.. وطالبه المرشد بمنع كل الناس! فرد عليه عبدالناصر ولماذا لم تتكلموا أيام فاروق وكانت الإباحة مطلقة.. لقد كنتم تقولون إن الأمر لولي الأمر!