الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إلى الأمام يا مصر




كتب: د. حسين محمود


كان البلد سير إلى الخلف. فى الاتجاه المعاكس. فى شارع ممنوع الدخول إليه. إلى رجعية فى زمن لم تعد فيه الرجعية تمثل أى معنى بعد أن ساء استعمال واستيعاب مفهوم التقدم. بل ربما اختلطت مفاهيم التقدم بالتخلف والرجعية.
أذكر أنه قبل عدة شهور دار حوار فى غرفة بها عدد من أساتذة الجامعة، وجاء ذكر الأغانى الجديدة، وفوجئت بأن أحدهم ذكر أغنية تقول على لسان راويها المحب إنه مستعد حبا لمعشوقته أن يسهر حتى الساعة «ستة الصبح»، وكدليل على أنها أغنية عبقرية استدعاها على السمارت فون وسمعناها جميعا، وسط تأوهات الشجن من البعض والمغص الذى أحسست به من شدة تفاهة المعانى والصور وضحالة الموسيقى. تذكرت هذا الحوار وأنا أسمع «بشرة خير» التى كان أنصار المرشح الرئاسى يدورون بها فى الشوارع فى مكبرات الصوت، وقلت فى نفسي: إذا بدأ عهد بهذه الأغنية الرديئة فكيف يكون المستقبل؟ هل من الممكن أن يكون إيقاع المستقبل بهذه السوقية والانحطاط؟
ولكن الغريب أن الناس متآلفة مع هذا المستوى الثقافى المتدني، وترقص على هذه الأغاني، وبعض المتلقين عباقرة فى ردود أفعالهم على الأغنية فيضعونها فى إطارها الصحيح، وهو إطار الرقص التهكمى الشعبى السوقى الهزلي. هل لى أن أذكر مثلا نشيد «وطنى حبيبي» التى قاد فيها عبد الوهاب مجموعة من المغنين ينشدون فيها حب الوطن الأكبر، الوطن العربي، لمقارنتها بهذه الأغنية التى كان من المفترض أن ترافق مناسبة سياسية جادة، وهى مناسبة الانتخابات الرئاسية؟
هذه الانتخابات التى تدخل ضمن استحقاقات مرحلة بناء للوطن، والتى وضعت مصر فى الاتجاه الصحيح، الاتجاه إلى الأمام، فهل بهذه الأغنية نقول لها «إلى الأمام يا مصر!»؟ هل نذكر ماذا غنى سيد درويش لمصاحبة ثورة 19؟ بلادى لك حبى وفؤادي؟ قوم يا مصرى مصر دايما بتناديك؟
لقد أنقذ الله مصر من مستقبل مظلم، إذ قيض لها رجالا نقلوها من الاتجاه نحو الرجعية الدينية المظلمة إلى الاتجاه إلى الأمام، ونضرع إليه أن يقدر لثقافتها التى تدنت وهوت إلى الحضيض أن تسير هى الأخرى إلى الأمام، نحو النور.
السيد رئيس مصر الجديد: ربما كان هذا أول نداء لك قبل أن تتسلم مقاليد السلطة فى مصر، أرجوك أن تنظر بعين الاعتبار إلى الثقافة المصرية.


أستاذ الأدب بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا
[email protected]