الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الاستخبارات البريطانية تنصتت على الجنود النازيين فى الأسر




عرض ــ إسلام عبدالكريم


مع بداية الحرب العالمية الثانية، بدء رجال الاستخبارات البريطانية واحدة من أكبر وأهم عمليات التجسس التاريخ. حيث قام رجال الاستخبارات البريطانية بتركيب مايكروفونات صغيرة في عدد من مرافق الاحتجاز والسجون التابعة لقوات الحلفاء في أنحاء أوروبا، للتنصت علي آلاف الأسري الألمان المعتقلين في سجونهم، والذين سقطوا خلال معاركهم وبعد استسلام قوات “الرايخ الثالث”- الجيش النازي، حيث استمرت تلك العملية خلال سنوات الحرب.
ويزيح كتاب جديد صدر في ألمانيا تحت إسم “الجنود” الستار عن تلك العملية، ويكشف عن أنشطة التنصت السري علي جنود النازي في السجون ومحادثاتهم عن المسائل المتعلقة بالشئون العسكرية، مثل خطط العمليات التي كان يحضرها قادتهم لشنها ضد قوات الحلفاء، أو الأسلحة الجديدة التي عزمت قوات المحور استخدامها خلال الحرب، أو أماكن التمركز البديلة للقوات، والمخازن السرية للأسلحة، وغيرها من المسائل الهامة التي تحدثوا فيها بحريتهم دون اي اعتقاد بالتنصت عليهم.
وبطبيعة الأحوال شملت سجلات التنصت موضوعات أخري، فلم يكن الأسري الألمان علي دراية بوجود تلك الأجهزة، مما لم يشكل أي رداع لهم عن تناول كافة الموضوعات، كأي المدن زاروها، وشوقهم لأسرهم، إضافة إلي العنف والقتل الشديد الذي بات جزءا من حياتهم اليومية ، كما شملت اعترافات بعضهم بارتكاب جرائم حرب والتعرّض لليهود في أوروبا، في عدد من الدول التي غزوها، ومعسكرات التعذيب والمحرقة، خاصة معسكر “أوشفيتز” ببولندا.
وأعد الكتاب الجديد كلا من المؤرخ الألماني “سونكا نايتسل” المحاضر في جامعتي “جلاسكو” و”برن كارلسرو” الألمانيتين، والمحلل النفسي والاجتماعي “هيرالد فليتسر” مدير مركز الذاكرة الثقافية. والفارق الزمني بين أعمار الكاتبين ليست بالكبيرة، فـ”نايتسل” ولد عام 1968، و”فليتسر” عام 1958، وذاق كلاهما خلال طفولتهما المعاناة الألم والحسرة جراء خسارة ألمانيا الحرب العالمية الثانية، حيث دمرت المدينة وتركت الحرب آثامها علي الشعب جراء حكم “هتلر” وطموحاته الاستعمارية لغزو العالم، كما تركت عواقبها علي الشعب الألماني بعد تجزءة الدولة لألمانيا شرقية وآخري غربية.
ويستعرض الكتاب، خلال العمل المشترك للكاتبين، أسرار تم الكشف عنها بعد أكثر من نصف قرن من الصمت والكتمان، حيث يورد بين صفحات كتابه نصوص المحادثات بين الأسري الألمان في السجون، ومضاهتها بنصوص استجوابهم. فقد استطاع الحصول علي أصول تلك المحادثات والتي بلغ عددها 150 ألف ورقة، بدأها بالتحليل النفسي والاجتماعي لتلك النصوص.
وأسهبا في سرد تفاصيل هامة عن تلك العملية الهامة في تاريخ الاستخبارات البريطانية. إلا أن جنسيتهما الألمانية كانت محورا هاما في التعاطف مع جنود النازي، حيث تعاطفا معهم واختارا شق التحليل النسي والاجتماعي لتلك العملية.
وهذا الكتاب نتاج عمل جبار من تحليل تفريغ محادثات الجنود، ويلقي نظرة جديدة علي حياة الجنود والضباط الألمان في الأسر، إذ يتعرض لجوانب أنسانية آخري، بالإضافة إلي الموضوعات الرئيسية التي كانت تشغلهم، وكيف كانوا يفكرون في قادتهم وفي الحزب النازي الذي حكم ألمانيا وحاول فرض سيطرته علي دول أوربا والعالم أجمع.
كما يلقي الضوء ما يعرف بالمحرقة أو الإبادة الجماعة لليهود “الهولوكوست”، حيث أن بعضهم كان ضالعا في تلك الأحداث وتحدث عن ذكرياته وعما يجيش في خاطره.