السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رقية وزوجها عثمان




بقلم _ محمد الدويك


واشتهر بين المسلمين مقولة: «أحسن زوج رآه انسان.. رقية وزوجها عثمان».. رقية بنت الرسول. وعثمان أكثر العرب أناقة ورقيا. وكانا نموذجا للتناسق والبهجة والأمل. أشياء قليلة يا ريم تلك التى تضفى الجمال على هذا الكون القاسى. أهمها زوجان جميلان متناسقان يعيشان فى سعادة وسلام.
يذكرون رقية بالاسم دون حرج. وينسبون زوجها لها. وفى يوم أرسل النبى محمد عليه الصلاة والسلام، أسامة بن زيد بصحفة من اللحم إلى رقية فى بيتها. ولما عاد سأله، هل نظرت لهما يا أسامة؟ قال: نعم. قال: هل رأيت زوجا أحسن منهما؟. قال: لا.
إنه أب قبل أن يكون رسولاً. يحب أن يتأكد أن فتاته هى الأجمل. إنه أب العصر الحالى الذى يقول بفخر: بناتنا حلوين يا ولا. دون تكلف أو ادعاء أو هوس. وتلك مشاعر انسانية رقيقة يمر بها أى أب حتى لو كان بمرتبة رسول. دون الانحدار إلى مستوى متدن يعتبر كل ما هو مؤنث مثير للغرائز والشهوة والاباحية وسببا فى كل مهالك الحياة.
الكل يعرف بنت الرسول. ويتحدث عن جمالها وجمال زوجها. ويعتبروها رمزا للبهجة.. انه المجتمع الانسانى كل وقت. ورسول الله شاهد.
وقبل البعثة قبل أن تتزوج عثمان، تزوجت ربيعة بن أبى لهب، عم الرسول. ثم بعث رسول الله وبدأ عمه أبو لهب فى إيذائه هو وزوجته أم جميل (حمالة الحطب) والرسول لم يأمر ابنته مفارقة زوجها ربيعة. الكافر ابن الكافرين. إنما أبو لهب هو من أمر ابنه بتطليق رقية.
الرسول لا يريد «خراب» بيت ابنته حتى لو كان يلقى الأذى من حماه. يقبل الكافرين على أذاهم بينما هم من يرفضوه، ويطلقون ابنته! يا ربى الرحيم.
ومرت الأيام وكانت رقية وزوجها عثمان أحد الفارين من قمع كفار مكة وهاجرا إلى الحبشة، ومنها إلى المدينة، وبعد سنتين مرضت رقية، الجميلة، مرضا شديدا على أعتاب غزوة بدر.. المسلمون عددهم قليل وكل رجل لديه مهمة كبيرة قد تحقق نصرا أو تتسبب فى الهزيمة.. وتجهز عثمان للانضمام الى جيش المسلمين الذى قوامه 300 رجل فقط. ولكن الرسول رفض التحاقه بالجيش حتى يظل إلى جوار رقية فى مرضها.
الرسول يحتاج كل رجل فى الجيش. إنها حرب وجود. وكان يدعو الله بلوعة: إن تهزم هذه الفئة فلن تعبد فى الأرض!
ولكن عندما يتصادم ما هو سماوى مع ما هو بشرى غالبا تتقدم مشاعر البشر. عندما تختلط صفة الأبوة بصفة الرسالة تقدمت الأبوة.
يخسر محاربا فى الجيش. من أجل بقاء المحارب إلى جوار زوجته فى مرضها. انها رومانسية تليق بأفلام بوليود.
ويعود رسول الله منتصرا. ليجد رقية قد فارقت الحياة بين يدى عثمان.. على وجهها ابتسامة الرضا وطمأنينة الأبدية. وفى عينى عثمان دمعة لا تجف.
هكذا كانت حياتهم.. لسنا بشعين إلى هذه الدرجة يا ريم.. فقط لم نحسن قراءة الدين.
كاتب فى الفكر الإسلامي
facebook.com/M.ELDWEK