السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

التحرر والحرية والتحرير




بقلم - د. حسين محمود

التحرر الوطنى قضية أساسية من قضايا الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسى، وهى قضية كانت من ركائز الشعبية التى نالها حين انتخابه، وعندما أحس الناس أنه يواجه تنظيما دوليا أراد لمصر مستقبلا غير الذى يرتضيه أهلها، أو عندما ذهب شرقا لكى يلفت نظر الغرب إلى إرادة التحرر عن التبعية الأمريكية، فإن الجميع صفق لهذه الرغبة فى التحرر الوطني، والتى كانت قضية رئيسية فى سياسة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، مما جعل الصورة الذهنية للمشير تقترب عند الناس لما اختزنته من صورة ذهنية عن عبدالناصر.
وجهة النظر هو أنه ما دام هذا الرجل قادرا على التحرر، أى التخلص من أثقال جاثمة على صدر الوطن، فهو قادر أيضا على التخلص من الفساد، والتخلص من الأزمة الاقتصادية التى تطحن فقراء هذا البلد، بل ربما تعشم البعض فى التحرر من الباعة الجائلين فى شارع طلعت حرب وشارع 26 يوليو، بعد عدوانهم الصارخ على الحيز العام، وبعض الحالمين تصوروا أنهم ربما تخلصوا أيضا من رذائل التحرش الجنسى بالفتيات فى الطريق العام.
التحرر بمعنى التخلص هو الذى ترجمه الناخبون إلى الخلاص واعتبروا السيسى مخلص الأمة من كل مشاكلها.
ولكن التحرر بمعنى الحصول على الحرية له شأن آخر، وشأنه فى ذلك هو رفع القيود جميعا على حرية الفرد فى التعبير عنه نفسه وعن معتقده وعن حقه. التحرر هو أن تملك الشجاعة الكافية لكى تعلن عن نفسك ووجودك وهويتك دون أن تدخل السجن. التحرر هو الوجه الحقيقى «للتحرير»، ذلك الميدان الذى انطلقت منه ثورة أزهرت ربيعا عربيا لن يتحول إلى خريف ما دامت هناك هذه الرغبة فى التحرر بمعنى الحصول على الحرية. ثورة «التحرير» هى ثورة الانعتاق من جميع صنوف النير والظلم والتعسف والإهانة. هى ذلك الغضب «التجريدي» لأولئك الذين أحسوا بالإهانة فثاروا وقاوموا، صحيح أنهم لم ينتصروا بعد، ولكن الدرس التاريخى يقول إنهم سوف ينتصرون.
الانتخابات الأخيرة لها دلالة، وهى أن المقاطعين والمتغيبين لهم رأى آخر، وهم ملايين اختاروا المقاومة السلبية، التى هى سمة الثورة الحقيقية، الثورة السلمية، غير الإرهابية، وهؤلاء لن تسعهم السجون، وسوف يتبعهم الملايين الذين وافقوا ورقصوا وفرحوا وهللوا، إذا ما أدركوا أن دواعى الغضب الثورى لا تزال قائمة، إذا ما أدركوا أن العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، لا تزال مطالب بعيدة المنال.
السيد الرئيس الجديد لمصر: وأنت تبدأ صفحة جديدة فى دولة جديدة قائدا ومخلصا وبطلا قوميا، اجعل التحرر والحرية والتحرير على رأس جدول أعمالك، وانظر إلى السجون، فلا يزال فيها شباب نبيل.
أستاذ الأدب بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا
[email protected]