الخميس 26 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

القذافية والصدامية وبلاد السنسفيل




بقلم: أحمد جلبى

أهدت إلى باحثة ليبية جريئة تدرس فى القاهرة فى منفى اختيارى بسبب الأحداث الجارية الدموية مجموعة قصصية للأديب الليبى على المصراتى «نصف اسمه مصرى» الذى يبدو أنه من الرعيل الأول فى الأدب هناك، فمجموعته بحكم سنة النشر «العام 1991» تعتبر نبؤات متتالية لما قد يحدث فى ليبيا بل وربما على ضفتى عرب المغاربة والمشارقة، الغريب أن قصص «الجنرال فى محطة فيكتوريا» لم تلفت نظر أحد رغم نشرها فى ثلاث دول على الأقل والتى للمصادفة السعيدة التى بدأت بها تفاعلات الربيع العربى «تونس ومصر وليبيا» حيث تقبع دولة ليبيا فى ذيل القائمة رغم أنها الرمال والجمال والبرد الصحراوى القبلى وكذا الحر والحريق حواديت الشعب هناك أنهم معدودون من أقدم أمم التاريخ ولكن هم فى الواقع جزء من مصر أو من تونس أما الصحراء فسكانها أرض كل الصحراء هم المداخل والبوابة وحراس الطريق وكفة الميزان أدرك معمر القذافى ذلك بالبديهة فحاول وفشل تماما فى أن يجعل ليبيا تستعيد دورها المفتاح القديم لعيوب فى شخصيته وليس فى فكره الذى يستعيد دوره هذه الأيام مع تجدد الاشتباكات بين القبائل الثورية والقبائل التى حكمت وتيار الإخوان «فرع خوارج ليبيا» كل فصيل لديه مبررات أكيدة لتدمير الشعب العربى الليبى ولتظهر إلى العلن لأول مرة وفى أقل من ثلاثة أعوام مصطلح القذافية السياسية فيصبح لليبيا زعيم وإن كان أقل شأنا وهو دور لطالما حكم به العقيد الفقيد والذى لم يصل قط لرتبة لواء أو جنرال ولا حتى بالكذب حاول أن يعطيها لنفسه من باب الوجاهة وفى ذلك أره منسقا مع نفسه عالما بحجمه العسكرى الحقيقى، والمقارنة بين وضعى ليبيا الآن والسابق علامة تعجب؟ أما لعشاق كلمة فساد مالى فالشركات العالمية قد صنعت ميلشيات لحماية حقوقها فى شفط النفط الليبى وتحت دعاوى الجهاد والجيش الإخوانى الحر وتمويل تغيير النظام فى مصر يحدث الآن حماية عسكرية مسلحة لآبار نفط ولاية برقة الفيدرالية الشعبوية الثورية وتهريب النفط عبر الحدود لدول الجوار مثل السودان وتشاد ومالى بل إن قنابل المولوتوف التى فى المظاهرات والتى عادت إلى مسمياتها القديمة «النار الإغريقية» يدخل فى تركيبها النفط المهرب حيث يتميز البترول الليبى بانخفاض نسبة الكبريت فيه مما يجعله بصمة يمكن الاستدلال على مصدره ومثلما حاربت أمريكا فى العراق للاستيلاء على البترول فقد زرعت فى كل شبر من أرض الصحراء الليبية والسودان عملاءها وتحت رعايتها يختلط الحابل بالنابل حتى أصبحت كل تلك المناطق بلا معالم ولن يطلق عليها اسمها السابق بل وربما نخترع لها سنسفيل اسم جديد، عرب لا هوية وأمازيغ إسلامية قبالية عقائدها توزيعات القوى والمصالح، والملعب واسع فليبيا مترامية الأطراف قليلة تجمعات السكان وادخال عناصر من جيش الإخوان الحر ولو مائة ألف لن يحس بهم أحد والنظام الليبى بلا سلطات فعلية وقادة الجيش مكافحون فقط للحفاظ على تماسك الدولة الواهى بالعربى الفصيح ليبيا متفشخة كما العراق تماما، وتجد الآن من يترحم على القذافى كما يترحمون على أيام صدام فكلاهما أحب بلاده كما لم يحبها أحد من شعبه، وأضرها كما لم يضرها أحد من أعدائها والفارق الوحيد غيابهما عن المشهد وبقائهما بحرب على الأرض لعودة تلك الأنظمة مرة أخرى وبتحالفات جديدة وسوف يصك مسامعنا فى الأيام القادمة تلك المصطلحات ولسوف تخلف ديكتاتوريات أشد تشبثا بالسلطة كونها وصلت بعد فوضى قاتلة اعادت الدولة بالشعب إلى الوراء حتى بلاد الواء واء؟
باحث وروائى