الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الدستورية أعادت ضبط بوصلة مصر




أكدت أحكام الدستورية العليا بشأن مجلس الشعب وتعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية - العزل السياسى - أن الدولة المصرية أكبر بكثير من محاولات العبث بقواعدها.. فقد جاءت الأحكام الدستورية لتؤكد أن السلطات التشريعية لا يمكن استخدامها كسلاح لصالح أى طرف سياسى مهما كان حجم تمثيله برلمانيًا.. كما أكدت الأحكام على أن استعراض العضلات من جانب أى فصيل ضد الشعب، يمثل نوعًا من أنواع المراهقة التى تنتهى بصاحبها إلى حادث مروع.. فنحن بصدد إعادة بناء السلطة التنفيذية، مع العودة إلى إعادة بناء السلطة التشريعية من جديد باعتبارها قامت على أنقاض نظام ساقط.. ولم تراع أطرافها - الأغلبية تحديدًا - أن الشعب فوضها لصناعة استقرار بدلًا من إشهار سلاح الثأر والانتقام باسم الثورة.
 
ضبطت الدستورية العليا بوصلة الوطن فى اتجاه القانون وبناء المؤسسات على أسس سليمة.. كما أكدت لجميع القوى السياسية أن من يملك سلاح الإرادة الشعبية، يجب أن يتعامل معه باحترام وحذر شديدين.. وهو ما لم تراعه تيارات الإسلام السياسى التى كانت متعجلة لخطف إرادة الأمة بخداعها لحظة انعدام الرؤية لدى الشعب وكذلك لدى القائمين على إدارة شئون البلاد - المجلس العسكرى - ولعل هذا يحيلنا إلى إصرار حزب الحرية والعدالة مع حزب الوفد على رفع نسبة الانتخاب بالقوائم من 50٪ إلى 70٪.. ولعلنا نتذكر أن الطرفين مارسا كل الضغوط بما فرض على المجلس العسكرى فتح الإعلان الدستورى للتعديل فيه استجابة لإشهار سلاح الإرادة الشعبية باسم الثورة فى وجهه!!.. وبغض النظر عن أن أحكام الدستورية تعيدنا إلى المربع رقم واحد فى عملية إعادة بناء الدولة.. فقد جاءت بردًا وسلامًا على الوطن. أملًا فى استعادة قدرة العقل ووضوح الرؤية عند انتخاب برلمان جديد.. ولعل استقبال من هدم الحكم أحلامهم وأحبط محاولات اختطافهم للدولة المصرية.
 
فإن توابعه ستكشف فى المستقبل عما كان يحاك فى الكواليس ضد مصر وشعبها من جانب جماعة الحرية والعدالة ومناصريها من القوى السياسية الأخري.. قد ينفلت عقال أولئك لخلق حالة الفوضى الشاملة فى الوطن.. وهنا ستحدث المواجهة مع الدولة المصرية العميقة لتتكشف قدراتها فى حماية القانون والدستور والتاريخ المصرى الذى لم تراعه تيارات الإسلام السياسى حين لعبت بالحاضر وغامرت فى اتجاه المستقبل دون استيعاب المخزون الراسخ لماضى مصر وتاريخها العريق.
 
أكدت الأحكام أن عملية اختطاف الوطن كانت عابرة وأظهرت أمام الشعب أن الديمقراطية سلاح حقيقى وليس سلاحًا سريًا.. وفى ضوء تلك الأحكام وما سيترتب عليها سنكون أمام مجموعة من الحقائق:
 
أولها: ستجرى انتخابات رئاسة الجمهورية بعد ساعات لتعود السلطة التنفيذية بالإرادة الشعبية وهى قادرة على تدوير عجلة الوطن بحماية من السلطة القضائية التى تتشرف مصر بأنها كانت صمام الأمان القوى طوال المرحلة الانتقالية وما سيعقبها حتى إعادة تشكيل برلمان جديد للوطن.
 
ثانيهما: إن مجلس الشعب تم بناؤه على باطل شكلًا ومضمونًا.. وظهر أمام الرأى العام الداخلى والخارجى فى صورة هزيلة لا تعكس قدرة وإمكانية ثورة عظيمة قام بها الشعب.. وأن تفرغ تلك السلطة للقتال ضد الثورة ثم الادعاء بأنها ترفع لواء الثورة.. وتوازى مع ذلك القتال ضد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد أن خدعته أغلبيتها بأنها يمكن أن تكون عونًا نحو بناء الاستقرار.. وفى خط ثالث موازٍ تأكد أن القوى السياسية التقليدية خسرت آخر فرصة لتحظى بالثقة والمصداقية أمام الرأى العام.. بما يجعلنا نثق فى أن البرلمان القادم سيكون معبرًا إلى حد كبير عن آمال من قاموا بثورة 25 يناير.
 
ثالثها: تأكد للرأى العام فى الداخل والخارج أن الدولة المصرية أقوى بكثير مما اعتقد الذين راهنوا على إمكانية هدمها بمراهقة سياسية لا تخطئها العين المجردة.. ولعل محاولات استهداف سلطة القضاء من داخل البرلمان مع ترويع القائمين على الإمساك بمفاصل الوطن فى السلطة التنفيذية.. إضافة إلى تهديد جهاز الإعلام والمبدعين والمفكرين فى الوطن.. كل تلك العلامات تمثل عناوين لسر الفرحة الشعبية العارمة بحل مجلس شعب استخدمته الأغلبية كسلاح ضدها.
 
رابعها: تبقى ثورة 25 يناير مستمرة وتأكد ذلك فى رفضها للنظام القديم مع الرفض القاطع لمن اعتقدوا أنهم يمثلون النظام الجديد.. بما يؤكد أن الشباب الذين كانوا طليعة ثورة 25 يناير سيتمكنون من استعادة المبادرة بعد أن دفعوا ثمن الثورة وتعلموا من مناورات جماعة الإخوان المسلمين وخزلانها لهم الكثير.. وعند تلك اللحظة ستكون فرصة ذهبية للأحزاب الجديدة التى ظهرت على السطح خلال الشهور القليلة الماضية.