الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

فتيات يرفعن شعار.. كلنا «هبة رجل الغراب»




 كتبت ـ دنيا نصر
«هبة رجل الغراب» مسلسل مصرى تدور أحداثه حول فتاة عادية تعمل فى أحد بيوت الأزياء الكبيرة، وتضطر من خلال وظيفتها للتعامل مع طبقات اجتماعية راقية مما يؤثر سلبا على حياتها، خاصة احساسها الدائم بانها ليست جميلة، فيحاول أصدقاؤها تغيير شخصيتها لتحاول إظهار جمالها.. أثار المسلسل جدلاً كبيرًا حول الفتيات اللاتى يعملن ليلا ونهارا من أجل «لقمة العيش» ولكن هناك منهن من تعتمد فى عملها على مظهرها الخارجى وأخريات يعتمدن على مظهرهن الداخلى .. حيث أظهر المسلسل رؤية المجتمع للفتاة التى تعتمد فى عملها على مظهرها الداخلى والخارجى معا وهل يكتفى العمل بكفاءتها ايضا ام مظهرها فقط؟.. هذا بجانب تعرضهن فى العمل للظلم بسبب مظهر بعضهن الذى لا يناسب وظيفتهن.. فبعد تشبيه البعض المسلسل المصرى “ugly beauty” بالمسلسل الأمريكى الشهير، حيث نجحت بطلة المسلسل فى اجبارنا على الاصطفاف خلفها ومساندتها ضد الفتيات الجميلات اللاتى يعايرنها بقبحها ولا يهتمن بكفاءتها العملية وذلك بسبب تمتعها بالجمال والاناقة والشياكة التى من المفترض ان تتميز بها الفتاة عند مقابلتها الأولى لوظيفتها وزملائها داخل العمل ولكن منحتها الطبيعة عطايا أغلى وأثمن من الفتنة الشكلية التى يزداد حولها الثرثرة من بينها اخلاص فى العمل، جدية، صادقة، صدقها مع ذاتها، جمالها الذى يظهر من خلال ثقافتها وكفاءتها، فالمسلسل يقدم نموذجا يحتذى للبنت المصرية البسيطة.. حيث تقول رباب السيد «محامية» الجمال ليس كل شئ فى الوجود ولكن بالكفاءة والطموح والأمل والثقة والتربية الجيدة الصحيحة والجدية ممكن للفتاة أن تصنع المستحيل فى مجال عملها لكى تكون الأفضل وسط جميلات جيلها، وتلك الكفاءة بالطبع ستجبر مديرها على إعطاءها فرصة ومنحها الثقة.
وتضيف السيد أن هذا النموذج بالفعل مازال موجودا حتى الآن فهناك عدد كبير من الوظائف يتوجب عليها اختيار موظفة أو عاملة أو سكرتيرة وغيرها من الوظائف تتطلب أن تكون «حسنة المظهر» ويكون ذلك أول شرط للحصول على الوظيفة، فهناك الكثير من الفتيات حسنات المظهر ولكن لسن حسنات اللسان والفكر والكفاءة والثقة والجدية والعمل فهناك من لا يهمهن كثيرا الأخلاقيات بقدر انشغالهن بجمالهن ومظهرهن، مشيرة إلى أن الكفاءة العملية فى العمل هى التى تعطى لصاحبتها الجمال والمظهر اللائق واللباقة والذوق الجيد وليس المظهر الخارجى الذى يعطى ذلك فقط.
فيما تؤكد ريهام عبد الحافظ «مدرسة» أن الكتاب بيبان من عنوانه فليس من المقبول أن تكون الفتاة ذكية وماهرة فى عملها ولكن مظهرها سيىء وترتدى ملابس غير لائقة للمكان الذى تعمل فيه وفى النهاية فمسلسل «هبة رجل الغراب» الذى حقق جماهيرية عالية مجرد عمل درامى لا تنطبق أحداثه على الواقع فأى مدير يريد من تعمل معه أن تكون ماهرة وذكية وفى نفس الوقت أنيقة وهنا لا أتحدث عن الجمال لأنه من عند الله فهناك فرق بين أن تكون الفتاة مهندمة فى مظهرها وأن تكون جميلة والجمال ليس كل شيء إنما هندمة المظهر شيء من صنع الإنسان يستطيع أن يفعله أو أن يستعين بشخص آخر يساعده على ذلك.
وتعبر فاطمة عصام «موظفة» عن رأيها فى هذا النموذج من الدراما المصرية بأنه يظهر الفتاة المصرية وكأنها «غراب»  بالفعل ويجب تجنبه لسوء مظهره وشكله وصوته المرتفع وعدم لباقته، فالغراب رغم شكله المخيف إلا أنه شديد الذكاء ويعرف متى يصيح ومتى يصمت.. فأنا ارى ان المسلسل رغم كثرة انتقادات البعض على ظهور الفتاة المصرية بهذا الشكل إلا أنه نجح أيضا فى ظهور ذكائها وثقتها بنفسها وحبها للعمل وجديتها واحترامها لذاتها وتربيتها التى ساعدتها على الوصول لوظيفة تمنحها مبلغًا ماليًا وقدره فى بداية عملها، وتتحدث عصام عن تجربتها فى تقدمها لأكثر من وظيفة قبل وظيفتها الاساسية كموظفة، وتقول: أثناء تقدمى لأكثر من وظيفة قابلت العديد من الغرباء الذين يعتمدون فى الوظيفة على المظهر فقط وليس المضمون والفكر والكفاءة ويجب التصدى لهذا الفكر العقيم لأن هناك كثيرا من الفتيات يظلمن بسبب قبحهن أو سوء مظهرهن ولكن كفاءتهن عالية ومتميزة.
وتقول أمانى طولان، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس، أن هناك فئة معينة من الفتيات المصريات يجدن أنفسهن داخل وظيفة معينة دون أن تدرين ما هى وليست لديهن الخبرة الكافية للعمل بها ويرجع ذلك إلى حسن مظهرهن فقط وليس حسن خلقهن أو عقلهن ورغم ذلك يستمررن فى الوظيفة تحت طلب المدير الذى يريدهن لديه.. فالفتاة المصرية فى هذا المجتمع الشرقى لم تقدر عمليا واجتماعيا ولكن هناك ثقافة خاطئة شائعة فى المجتمع وهى تقديرها تقدر بحسب شكلها ومظهرها فقط.
 وتؤكد طولان أن هناك نماذج كثيرة من «هبة رجل الغراب» فى مجتمعنا ويظلمن بسبب قبحهن ويتجاهل البعض كفاءتهن، فيجب اختيار الفتاة على أساس كفاءتها وفكرها وجديتها وثقتها بنفسها وثقافتها، بالإضافة الى اختيارها أيضا للوظيفة المناسبة لها.
وتعلق طولان على ان هناك للاسف عددًا كبيرًا من الوظائف والمديرين المسئولين عنها تعتمد على الشكل فقط فى طلبها لعاملة أو موظفة أو سكرتيرة وهذا الذى يجعل الفتاة تحبط نفسيا واجتماعيا لإحساسها بأنها قليلة غير مرغوب فيها عمليا واجتماعيا وهذا يسئ للفتاة المصرية أمام العالم الذى يراها اكفأ وأذكى فتاة فى العالم.