الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بالمصرى.. عبدالله كمال




 

الإنسان.. رئيس التحرير.. المبدع


ترجل الفارس عن جواد الصحافة، بعد أن أثراها بمعارك فكرية، اغمد قلمه فى جرابه، ورحل فى صمت.. اختلف معه الكثيرون سياسيا، وتبادلوا الانتقادات اللاذعة، لكنهم احترموا جميعا فيه الثبات على الموقف، والإيمان بالأفكار، وامتلاك الحجة والمنطق، والحرفية المهنية فى عرض قناعاته.


اتفاق واختلاف الكثيرين معه من منظور السياسية، وأساليب الاشتباك، لكن قلائل هم من عرفوا عبدالله كمال الانسان، صاحب صاحبه

عبدالله كمال رئيس التحرير العادل فى أحكامه، المدير الناجح لفريق العمل، القادر على سبر أعماق شخصيات المتعاملين، معه، وأساليب التحفيز لكل منهم، والعقاب أيضاً، يعلم من تجرحه الكلمة فلا يلفظها، ويكتفى بالنظرة، ومن لا يعمل إلا تحت ضغط، ومن مساعديه وقيادات العمل تغلبهم طبيعتهم البشرية، ويشعرون بالغيرة من موهبة شابة، كان لا يتخذ قرارا بناء على شكوى من قيادة، قبل أن يستدعى الطرف الأضعف وظيفيا والأحدث فى الالتحاق بالمكان، وبحسه الصحفى يكتشف الحقيقة، وينتهى الأمر بعبارته الشهيرة «روح يا ابنى شوف شغلك» بود إذا كان مظلوما بشكل مطلق، وبصوت يحمل حدة إذا كان مظلوما وتجاوز قليلا، ثم يأتى دور القيادة يستدعيها ويعنفها فى مكتبه بعيدا عن المرءوسين .


لم يرسل له صحفى من شخص يعرفه، أو تقدم إليه بشخصه، ألا ومنحه فرصة للعمل تحت الاختبار ٣ أشهر، وإذا اثبت حدود دونيا من الكفاءة، منحه المزيد من الفرص، وإذا اثبت تفوقاً تبناه مهنيا، فكانت روز اليوسف الجريدة اليومية التى توقفت عن الصدور عام ١٩٣٦، وبعد ٧٠ عاما من التوقف، وفى عام ٢٠٠٥ تولى الكاتب الصحفى عبدالله كمال رئاسة تحرير مجلة روزاليوسف، وسرعان ما عمل على استخراج ترخيص الصحيفة اليومية، وعاودت الصدور، لتحدث جدلا واسعا فى الوسط الصحفي، باشتباكها السياسي، ومنحها فرصة إثبات القدرات لعدد كبير من الشباب، لتضخ بهم دماء جديدة فى شرايين الصحافة المصرية.


لم يكن عبدالله كمال رئيس التحرير من هؤلاء الذين يغلقون أبوابهم، ويتعاملون مع محرريهم من خلال نوابه، بل كان بابه مفتوحاً لكل كفاءة، واتصاله مباشراً مع كل صحفى متميز مهما كان سنه وحداثة التحاقه بالمهنة، لم يكن يجد أى غضاضة، إذا ما شرع فى الكتابة عن موضوع ما، فى أن يتصل بالمحرر المختص ويسأله عن معلومة أو يراجعه فى أمر، كان لصاحب الموهبة مكانة خاصة لديه إنسانيا ومهنيا، وكثيرا ما يصادف مسئولاً فى مؤتمر يحضره محرر، فيصف المحرر بزميلي، أمام المصادر، ولا يضرب المثل للجميع بوضع اسم أصغر محرر الى جوار اسمه على الموضوع الصحفى وبنفس البنط، عندما يقدم معلومة فى الموضوع أو يشير لاسمه بانه شارك فى الموضوع، وجميعها تقاليد مهنية نادر وجودها.


كان يدير العمل عبر اجتماع أسبوعى يحضره هيئة التحرير مجتمعة، يواجه كل بشكوى فى حقه بالشاكى فى حضور الجميع إذا ما وجدت شكاوى، ويستمع للمقترحات، ويوجه الشكر لمن أنجز عملا مميزا، وبقدر ما كان يمثل هذا الاجتماع عبئاً للبعض، فإنه بلا شك ساهم فى إثراء الأفكار، وإظهار المواهب، وقدم للجميع خبرة تراكمية... والاهم فى تلك الاجتماعات عبارة شهيرة قالها الاستاذ لتلاميذه، عندما بلغت معاركه السياسية مبلغها، واشتبك معه الكثيرون، عندها قال: «لا أريد لأحد منكم أن يخوض معاركى، دفاعا عني، فهذه معاركي، وأنا من يجنى مكاسبها، ولا أريد أن يتحمل أى منكم متاعبها».


الحرية فى ظل رئاسة الاستاذ عبدالله كمال لتحرير روزاليوسف، كان سقفها يحدده الصحفي، كان ينظر بإعجاب لمن يتعمد أن يرفع رأسه ليدفع بها سقف حريته، يفسح له المجال.


كان الاستاذ عبدالله يملك حسا مهنيا عاليا، فيكفى أن تعرض عليه فكرة فى كلمات، ليدرك أهميتها فيقول اشتغل، وارسل لى الشغل على مكتبى مباشرة.


وكان يغذى روح التحدى بين الزملاء، ويدفعهم للتنافس المهني، يرفض أن يحولهم التنافس الى متخاصمين، ويصل عقابه لمن يسيء لزميل، إلى إنهاء علاقة العمل التى كانت لمدة ٣ سنوات بلا تعيين رسمي، سعى خلالها لتوفيق الأوضاع الوظيفية للزملاء، معلنا فى أكثر من اجتماع ان الكفاءة هى المعيار الوحيد لاختيار المعينين.


نصيحته للزملاء أن يقرأوا كثيرا، ويطورون قاموسهم اللغوي، وأن يطمحوا للارتقاء المهني.


مع اندلاع ثورة ٢٥ يناير قال: «لن انقلب على أفكارى الناس عندها لن تحترمنا، سنتعامل مع الواقع تدريجيا» وفى مداخلة على قناة العربية قال: «أما وأن النظام الذى أؤيده سقط، فسأعمل بالمعارضة».