الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رحيل بدون موعد سابق




من غير ما يستأذن منك هايجى يزورك، أول زيارة وآخر زيارة، علشان مكتوب قدام اسمك ان ده معيادك، إنه الموت الحقيقة الوحيدة التى ليس من حقك ان تجادل فيها، كلنا دون استثناء على موعد مع الموت المفاجئ، نعم انه الموت زيارة واحدة تكفى، رحيل بدون موعد سابق بحسب اختيارالاقدار، واللهم لا اعتراض على من اختاره الله، يارب اخترت عبدك وابنك عبدالله كمال، اخترت إستاذى الكاتب الصحفى المحترم عبد الله كمال، هذا موعده معك يالله، يالله كن رحيماً معه مثلما كان معنا الأب والاستاذ والصديق والأخ .
لم يرد على أذهاننا لحظة انك سوف ترحل عنا، وتحملنا اكبر مسئولية ان نكتب عنك!  بالله عليك ايها الغائب الحاضر ماذا اكتب عنك، وأنا لست إلإ واحدة من آلاف الصحفين والصحفيات الذين احتضنتهم برعايتك وشجعتهم على الاستمرار، ولولا دعمك المهنى والإنسانى ما اكملت انا وزملائى هذا الطريق الصعب.
 سنوات كثيرة فى «روزاليوسف» تعلمنا منك دروساً كثيرة يصعب حصرها فى اسطر محدودة، علمتنا أن مهنة الصحافة بالرغم من انها مهنة البحث عن المتاعب إلا انها مهنة إنسانية واجتماعية، والكلمة آمانة، وهى جسر التواصل بينا وبين شعبنا، وان الحق عاد الى أصحابه مهما تأخر، والمهنية فى كشف الحقائق، وإنسانيا بينى وبينك  مواقف وحكايات ومشاعر الاب والاخ والصديق، لم انسى حين رأيت دمعة ساكنة فى عينيك حين ابلغتك بسفرى للعلاج وانى خائفة من هذا السفر، وكم تابعتنى باتصالك اليومى للاطمئنان علىّ، الى ان اخذ الله بى وعدت الى الحياة، واستقبلتنى ياستاذى بابتسامتك المعهودة وبكلمة لم أنسها  أبداً «مش انا قولتك هاترجعى».
عذرا ياستاذى لم استطع الكتابة الكلمات ترفض وجودها على السطور، والحروف تبكى، وصفحاتى امتلأت بالسواد حداداً، وعدت بعد صمت ساعات أسال نفسى عنك، هل توقف دقات قلبك هى سبب رحيلك؟ هل الاقدار بهذه القسوة  تأخذ منا ولا تعطينا، أم أن الحقيقة الغائبة فى موتك أن قلبك يا عبدالله كمال  لم يعد يحتمل بعادك عن روزاليوسف محبوتك وعشقك الثانى بعد مصر عشقك الاول، يبدو انك كنت تتألم فى صمت وتصرخ فى صمت، وأن وراء ابتسامتك التى تقدمها لنا حين نتحدث إليك حزناً عميقا، ونحن بشر لم نعتد ادراك قيمة وعظمة الصمت، أخطأ البعض فى الحكم عليك ولم يصدقوك حين كتبت «احذورا المؤامرة على مصر»، ثبت مع مرور السنوات انك كنت على صواب وان مصر كادت تسرق منا .
 يا عبدالله كمال، يا أستاذى انت رجل لم يتلون ولم يتملق ولم يتناقض مع نفسه، مهما حاربوك لم تهتز يوماً بل أكملت طريقك الى آخر نبضة فى قلبك، الموت رحمة وعلينا قبوله، واعظم من نتعلمه من الموت، انه يسقط كل الخلافات والاختلافات وينهى الصراعات والازمات، ويبقى الدعاء بالرحمة هكذا علمتنا كل الاديان البقاء لله وحده .