الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

وداعا عبدالله كمال الانسان




ذهبت إليه فى عام 2006 أشكو إليه ما ظننت أنه ظلم ألم بى فى اختبارات النيابة العامة وظننت أنه سيواسى انكسارى وضياع حلمى الذى درست القانون من أجله إلا أنى فوجئت به يكيل لى مساوئ شخصيتى من تقصير وجلد للذات وربط مستقبلى بهدف واحد وتقمص دور المظلوم الذى يبحث عن نظرات محددة فى أعين الآخرين وغيرها من المساوئ التى بلغت انتقاده لطريقة تصفيف شعرى.. إنه عبدالله كمال الذى ودعته ببالغ الحزن والأسى وبكى عليه قلبى دما قبل أن تذرف عينى دموعا حزنا على فراقه.
رغم أننى تربطنى بالأستاذ الكبير علاقة قرابة قوية ويفصل منزل عائلتى بقرية السيفا بالقليوبية عن منزل عائلته بضعة أمتار إلا أننى بذلت جهدًا خارقًا كى أعمل معه استمر قرابة عام كامل أتردد على مكتبه المدجج بالكتب والملفات بمجلة روزاليوسف حتى وافق على خوضى تجربة التدريب بالجريدة اليومية بشروط لعل ما يهم القارئ منها قوله لى: «لن يعلم أحد أنك من قريتى.. لا أعدك بتعيين قريب فى المؤسسة ولا أعلم متى تنتهى فترة تدريبك.. ليس هناك مقابل مادى كبير يمكن أن تعتمد عليه.. قد أغفر خطأ مهنيا أو كسلاً أو ما شابه أما ما لا أغفره مطلقًا أى مخالفة أخلاقية أو سلوكية.. وقبل كل هذا عليك أن تنسى تمامًا أنك كنت مرشحًا للعمل وكيلا للنيابة».
وكأنى أعرفه لليوم الأول.. وكأنى أرى شخصًا آخر.. رجل لا يعرف سوى العمل.. تراه يغدو فى السابعة صباحًا ويروح منتصف الليل.. يقبض بيده على كل شىء حتى إدارته.. يسأل عن الصغير والكبير، قد لا يخفى على أحد فى مصر كلها مهنية عبدالله كمال وقوة شخصيته ورجاحة عقله وثقافته فهذه صفات أقر بها خصومه قبل أحبائه أما عن عبدالله كمال الإنسان الذى لا يعرفه الكثيرون فلى بعد أن أصبح بين يدى ربه أن أشهد على خير قد بذله لكثير من المحتاجين والفقراء.. أشهد أنى طالما نقلت منه مساعدات إلى محتاجين لم يعلم عنها أحد من خلق الله ولا من أفراد عائلته.. أشهد أنى كنت أتردد على وزارة الصحة بصورة شبه يومية لاستخراج طلبات العلاج على نفقة الدولة لكل من يلجأ إليه من أبناء قريتنا أو من خارجها.. أشهد أنه غفر لمن قابل إحسانه بالإساءة.
لقد كان قويًا وذكيًا وحليمًا إنسانًا مبادؤه تقوده وأهدافه لا تعرف المستحيل ولا الانكسار ولا الكبوات فاللهم إنا قد استودعناك عبدك وطرحناه بين يديك فى شهر عظيم مبارك وفى أيام طاهرة فاغفر اللهم له ونور له قبره وزد فى إحسانه وتجاوز عن سيئاته وبلغه منا السلام. وبعد أن بلغنا ما بلغنا فلم يعد لإخفاء صلة القرابة مبرر فلا نفاق ولا رياء فى موقف كهذا وحق لى أن أقول بقلب يعتصر حزنًا وألمًا: «وداعا عبدالله كمال ابن عمتى».