الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

ورحل من علمنى




 «كان شامخا كما الجبال» بهذه الكلمات البسيطة يمكن أن أعبر عن شخصية أستاذى ومعلمى عبدالله كمال رئيس تحرير أعرق مجلة عربية «روزاليوسف» وصاحب فضل إحياء جريدتها اليومية، والذى رحل عن دنيانا فجأة ودون أى مقدمات أمس الأول.
 لم يعد هناك مجال الآن لأن اسمع أستاذى ما أكنه له من تقدير وحب لشخصه وقامته الصحفية، لكن سأقول ذلك الآن ليشهد على ذلك الجميع.. «لم أشعر يوما أنى أقف أمام جبل عظيم فى  عبقريته الصحفية ورشاقة أسلوبه وعباراته كما شعرت وأنا استمع أو أقرأ إلى أستاذى عبدالله كمال.. ورغم ما تشعر به من صرامة فى الأسلوب إلا أنك تظل مقتنعاً بما يسوقه لك من حجج وبراهين منبعثة من قناعاته وايديولوجياته التى شكلها عبر سنوات لمع فيها منذ أن دخل إلى بلاط صاحبة الجلالة».
 أستاذى الحبيب كم كنت اتمنى أن تبقى ضحكتك وابداعاتك الصحفية التى طالما استرشدنا بها فى عملنا، تملأ علينا المكان، فما أحوج مصر الآن إلى مثل ما تقدمه من كتابات كثير الحاكم والمحكوم.
 أحمد الله على أن دخولى إلى مؤسسة «روزاليوسف» كان على يد هذا الرجل العبقرى قبل ثمانى سنوات من الآن،  ووقتها لاحقته لمدة 3 أسابيع كاملة، بمكالمات هاتفية لا  تنقطع.. حتى استطعت أن اقتنص منه موعدا ويوم اللقاء فى الموعد المحدد، رأيته يخرج من مكتبه ليبادرنى أثناء ذهابه إلى مكتب مدير التحرير «انت مين»؟ فأجبته «أنا فلان يا ريس حضرتك قلتلى أجى اقابلك».. فرد على «تمام اقعد يا بني» ثم ذهب لمقصده وعاد بعد دقائق لمكتبه من جديد.
 لم أكن اتوقع سؤاله الأول لى وقتها فدون مقدمات قال لى «انت هتقدم لنا إيه»؟ لكنى حاولت وقتها أن اظهر وأعدد مواهبى فى الصحافة وبعد دقائق أمر سكرتارية مكتبه بأنى سأظل تحت الاختبار لمدة 3 أشهر وبعدها يقرر ماذا سيفعل، وقد كان الأمر كذلك وظللت أعمل فى كنف أستاذى 4 سنوات كاملة.
 قل ما شئت عن عبقرية الأستاذ عبدالله الصحفية فهو من أمهر وأبرع الصحفيين والقامات فى بلاط صاحبة الجلالة.. لكنى سأقتبس كلمات قديمة» هناك فرق بين الصراحة والوقاحة والجرأة والبجاحة» ما يفصل بين هذين الأمرين هو خيط رفيع تعلمناه من أستاذنا عبدالله الذى طالما كان يصر على ألا نقحم انفسنا فى معاركه الصحفية.
 لا أرى فى ثبات عبدالله كمال على قناعاته إلا مزيدا من التأكيد على حب الرجل لما يقدمه بقناعة وليس افتعالا أو مجاراة لواقع معين أو ارضاء لأوضاع بعينها.
 واجمالا يا أستاذى لا أجد فى رثائك سوى أن أقول إنك حقا كنت جبلا عاليا نحاول بدأب أن نصعد إلى قمته رويدا رويدا.. لم يمهلنا القدر أن ننهل من  معرفتك كل شيء.. لكن ستبقى وصاياك التى  تعلمناها بالدأب والمثابرة على تحرى الدقة وصناعة الخبر وقراءة الأمور بعمق بلا سطحية ستبقى يا  أستاذى دائما بينتا عاليا كالنخل.