الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

آخر الرجال المحترمين




بقلم: غادة طلعت


لم أعتد كتابة المقالات ولكن اليوم بداخلى حرقة لا يساع صدرى أن يحتملها، مصيبة بمعنى الكلمة رحيل أستاذى عبدالله كمال، ياالله.. ما أقسى هذا الاحساس وما أصعب أن تجف الدموع وكيف لا نبكى وأنت أخر الرجال المحترمين.
علمتنى أنه لا شىء مستحيل ولكن لا أستطيع أن أثبت وأنا أعتبرك النموذج الاقوى فى حياتى، تعودت أن ألجأ اليك فى لحظات ضعفى ومازلت أتذكر كلماتك الاخيرة وتعليماتك «لا تخافى».
ولكن للاسف بعد رحيلك أصبحت خائفة وكيف لا أخاف وقد فقدت سندى، بالفعل أعتبرك سندى وربما لم أقل هذه الكلمات فى حياتك ولكن لا أستطيع أن أكتمها بعد تركتنا.
عبدالله كمال الرجل الأقوى والأطيب والأنقى والأرجل والأشطر والاذكى والأمهر، فهو الشاب الذى أخرج وعلم أجيال وضع بصمات لن يمحوها الزمان أعتبرة الصحفى الأفضل فى هذا العصر وان اعتبرها البعض مبالغة ولكن هذا الواقع الذى عرفته منذ أن عملت فى بلاط صاحبة الجلالة.
أما على المستوى الأنسانى فلن أنسى موقفه الذى أذهلنى فبمجرد أن علم أننى بحاجة الى عملية جراحية «ومازلت لا أعلم من أين عرف» وجدته ينشغل بأزمتى وقبل أن يعلم والدى ووالدتى بحاجتى لجراحة عاجلة وجدت وأكبر المسئولين فى وزارة الصحة يتصلون بى ليخبروننى بموعد الجراحة التى حددها رئيس التحريرعبداالله كمال أنذاك قبل أن أعلم أنا وأسرتى، مع العلم أننى لم أكن من المقربين له ولم يكن قام بتعيينى وقتها.
امتنانى لهذا الرجل ليس لهذا الموقف ولكن لصفات كثيرة لا يعلمها إلا من عمل معه ولمس فروسيته وإبهارة فبالرغم من خلاف الكثيرين معه فى الرأى، إلا أننى كنت دائما أفتخر عندما أقول أن رئيس تحريرى هو عبدالله كمال لأنه رجل مؤثر بكل ماتحملة الكلمة من معان وحتى كل من خاض ضدهم أشرس المعارك يعترفوا بنبوغة وعبقريته.
أعرف أنه من المعتاد أن تقرأ كل يوم عن رحيل رجل طيب ولكن هذا الرجل كان يحمل كل الصفات والمتناقضات التى تجعلك تعجز عن وصفة. وتجد من الاستحالة أن تنساة فقدرته على الملاحظة والتحليل والعمل والإبداع لا حدود لها.
عزائى الوحيد أنك كنت راض عنى ورسالتك الاخيرة المكتوب فها «برافو» قبل الرحيل بساعات لن تنمحى من ذاكرتى فكلماتك الايجابية كانت تشعرنى أننى أملك الدنيا بما فيها.
ولكن بعد رحيلك أيقنت أن الدنيا لاتبقى على أحد، أما قلوبنا فستبقى على ذكراك الى الابد.