الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

استراتيجية العلاقات مع ليبيا




كتب: أحمد جلبى

تدخل ليبيا بعد الثورة مرحلة الحرب الأهلية المحدودة والتى لن تسمح الدول العربية المجاورة لها باستمرارها أكثر من ذلك وأهم هذه الدول بالطبع هى مصر والجزائر فكلاهما يضار بشدة بالحروب الصغيرة التى على حدوده وفى فنائه الخلفى حتى لو أن الذى يحرك القيادة السياسية فى كلا البلدين رؤية وأهداف مختلفة لكنهما يدركان الآثار السلبية على المنطقة وشعوبها وعلى فرض أن تم تحييد الدور الأمريكى والإسرائيلى فى استكمال اشعال المنطقة فإن التدخل فى الشأن الليبى أصبح ضروريًا ولازمًا الآن أكثر من أى وقت سابق، هناك مليشيات مسلحة تجوب الصحارى الليبية مترامية الأطراف تدعمها شركات متعددة الجنسيات تهتم بالنفط وتهديد السيادة لمصر فضلا عن انتشار السلاح فى يد الجماعات المتطرفة والتى تتبنى الفكر الانفصالى عن الدولة وهى المرحلة التى تدعى «امراء الحرب» والتى تسبق مرحلة انهيار الدولة، كما حدث للصومال فى تسعينيات القرن الماضي، هل لدى الجيش العربى الليبى الكفاءات لهزيمة الإرهاب؟؟ أشك.. فقد تضررت مؤسسة القوات المسلحة الليبية بشدة وكان ذلك مقصودا حيث قصف حلف الناتو قواعدها وقصم ظهرها إبان اشتعال الثورة حتى تقع البلاد فى الفوضى لسنوات طويلة قادمة وتكون مرتعا ومستنقعًا للجماعات والتى يأمل أن تسفر عن عدة دول مستقلة أو تستمر حالة التشرذم هذه لأطول مدة ممكنة، الفجوة موجودة على الصعيد الأمنى، التعاون ضرورى مع الجزائر فى انهاء هذا الوضع البائس تعاون مكمل وليس منافسًا فالأمن القومى العربى فى خطر ويكفى أن هناك فجوة فيه هى تونس والإخوان والتى ستستمر نظريا فى الحكم لأربع سنوات قادمة، هل «حفتر» كعسكرى يستطيع أن يلعب الدور السياسى لإحياء وتدعيم الدولة، خاصة أنه يأتى بعد سلسلة من  تصفيات للقيادة العسكرية واغتيالات طالت حتى الذين ناصروا الثورة، إن وضع ليبيا دقيق فعلا يحسم بالقوة وليس بأى شيء آخر حيث إن حالة السيولة التى فيها مؤسسات الدولة لا تدع بديلاً أو حل بالتراضى والمفاوضات بل من الضرورى الآن الاستعانة بقبيلة المرحوم القذافى وأركان نظامه القبلين والاستفادة من رغبتهم فى طى صفحة الماضى واستعادة دورهم السياسى فى الدولة فبغير ذلك لا يمكن أن تستقر الأوضاع وبغير ظهور شخصية قوية مدعومة جيدا من دول الجوار لن يتم حل مشكلات الأمن القومى لمصر والجزائر وليبيا هى المجال الحيوى، واحتواؤها ضرورة قصوى حتى لا تسقط كما سقطت العراق، مع ملاحظة أن الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة لن تتركنا نفعل ذلك خاصة بعد أن دقت إسرائيل «مخالبها» عبر تجارة السلاح فى آبار النفط وبدأت فى شفط البترول وتهريبه من الموانئ السرية على ساحل المتوسط، تجارة يشترك فيها السمسار الفلسطينى إلى جانب ضابط الاستخبارات الإسرائيلى الذى أصبح الآن رجل أعمال مهمته بيع السلاح للعرب لقتال بعضهم البعض، عموما من منظور الأمن والتوتر الداخلى وأعمال العنف التى تقترب من حدودنا الغربية واللاجئين الليبين والمعارضة المسلحة ومنع سقوط دولة شقيقة كل هذا يفرض اتجاهًا واحدًا نحو تعاون جاد لمقاومة «بلقنة ليبيا» التى يسعى الغرب بشدة لعملها بعد أن فشل مرحليا مخططاته فى مصر وربما يكون من المفيد أن نتذكر أن هناك سلسلة من الأزمات سوف تأتى بالترتيب فى الأشهر القليلة القادمة «من الطاقة حتى الغذاء»، ومن الضرورى وضع خطة لمواجهتها حيث إنها سوف تصرف الأنظار عما يدبر فى ليبيا أو هكذا يأمل  الغرب وهو يمد يد المساعدة لمصر واقعيا، هناك تقيم ومفاضلات بين خيارات صعبة للغاية قد تصل إلى مرحلة تكسير الدولة فى ليبيا.
باحث وروائى