الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الحظيرة العميقة السوداء.. للثقافة




كتب: د. زين عبد الهادى

قلت فى المقال السابق أننى سأتحدث عن حوار دار بينى وبين الشاعر الكبير الصديق عبدالمنعم رمضان عن الأزمة الحقيقية لوزارة الثقافة، فبعد ظهور مصطلح الحظيرة، اصبحت الوزارة مرتعا لكثير من الممارسات لمثقفين كبارا وصغارا، أصبحت حضانة لكثير منهم، تمنحهم ما يريدون من منح وعطايا، ومنعت المنح والعطايا عن الكثيرين خاصة من الصغار، أو حتى من الكبار أصحاب الصوت الثورى العنيف، بل إن بعض هؤلاء أقسم بأنه لن يدخل وزارة الثقافة إلى أن ينتهى هذا الكابوس المسمى «الحظيرة»، وفى يقينى أن وزارة الثقافة كانت قد فتحت أبوابها للجميع، أى كسرت العزلة التى كانت مفروضة على المثقفين فى الحصول على خدمات ثقافية أو مادية من الوزارة، مع الوقت خمد الصوت، ومع الوقت تخفف الكثير من المثقفين من لهجتهم العنيفة تجاه الدولة، ومع الوقت أصبح الصوت أقرب لصوت مواء قط صغير جائع، وهنا كسرت أبواب الوزارة ولكن بنيت أبوابًا أخرى أبعد، يمكنها أن تسع السواد الأكبر من المثقفين والمبدعين، واصبح نقد الدولة هو نقد من نوع «شايف العصفورة» لا أكثر ولا أقل، فى نهاية الأمر ماذا قدمت ثقافة الحظيرة للمصريين، صحيح أنها قدمت نوعًا من الثقافة الجميلة، ولكن ليس للشعب، وإنما للمثقفين والمبدعين الذين بدأ بعض كبارهم ينعم بعطايا الدولة، وسقطت مقاومة الثقافة السوداء التى بدأت تتغلغل فى الشارع، لتظهر ثقافة المجتمع المخملى فى جانب واحد فقط ولعدد محدود للغاية من المصريين، صحيح أن مكتبة الأسرة ظهرت فى الهيئة العامة للكتاب، وتم تعديل كثير من قصور الثقافة فى الهيئة العامة لقصور الثقافة، ولكن ما المحتوى الحقيقى وتأثيره لكل ذلك على ثقافة الشارع، كان الشكل جميلا للغاية، دون مضمون حقيقى للثقافة فى الشارع، وإلا لماذا ثار الشارع، لماذا تحول الشارع إلى مجموعتين من البلطجية الذين تربوا فى أحضان الأمن وسجونه، وأيضا التيار الدينى المتطرف الذى تربى أيضا فى سجون الدولة ومعتقلاتها، وأيضا لماذا تضخمت فيه النزعة الدينية التى وصلت لحد التطرف، وإلا فليقل لى من يفهم ويعلم، كيف وصل السلفيون إلى ثلث عدد الناخبين، ووصل الإخوان إلى هذا العدد أيضا، إلا إذا كانت الدولة قد أعطت ظهرها للثقافة الحقيقية، ووقفت تهادن من يهاجمونها فى الإعلام، هذا كان الهدف والنتيجة، تحولت المواجهة كلها لمواجهة أمنية، تحمل حلولا أمنية فقط لاغير، وهو ما أودى بمصر إلى كل ما حدث، وأظن أن استمرار ذلك سيؤدى لنتائج اسوأ على المدى القصير وليس الطويل حتى، وهنا نتسائل عن الدور الحقيقى لثلاث مؤسسات هى الثقافة والتعليم والإعلام للمصريين!.
الأمر الأسوأ لم يكن مافعلته الدولة، بل ما فعله المثقفون وكثير من المبدعين أنفسهم، وهنا السؤال من الذى رضى ووافق على ذلك؟ الجواب هو الكافة تقريبا فعلوا ذلك، الثقافة والتعليم والإعلام ياسادة خط الدولة الأول والأخير لمكافحة مرين، المر الأول التطرف الدينى، والمر الثانى الفساد!


كاتب وروائى