السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الرسول وزوجاته (2)




بقلم: محمد الدويك

وفى مرة يحكى عمر بن الخطاب. والد حفصة زوج الرسول. لابن عباس: «أننا معشر المهاجرين، أهل مكة، كنا نغلب نسائنا. كلمتنا نافذة عليهم ورأينا مسموع لا يردوه أو يناقشوه. وعندما قدمنا إلى المدينة. وجدنا الأنصار تغلبهم نساؤهم، وترد كلمتهم وتتناول آراؤهم بالتفنيد والمراجعة. فتعلمت نساؤنا من أدب نسائهم. (الستات خيبت بعض).
وفى مرة، والحديث لعمر، غضبتُ على زوجتى فراجعتنى فى الكلام. فشق ذلك علي. قالت: لم لا أراجعك، فوالله ان ازواج رسول الله قد راجعنه. وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل. فسارع عمر الى ابنته حفصة زوج الرسول يسألها. قالت حفصة: والله كنا نراجع رسول الله فى كلامه. أى نناقشه ويكون لنا حرية القبول والرفض. الأخذ والترك. وكانت الواحدة منا حين تغضب تهجره أى تخاصمه -تخاصم رسول الله- اليوم الى الليل. فنهرها عمر وخوفها من غضب الله عليها.
هذا هو محمد الزوج. يحرص على مشاعر زوجته ورضاها وعدم ايذائها حتى فى رائحة فمه. ويترك لها حرية الرد والنقاش والاقتناع. بل أن تأخذ موقفا شخصيا وتخاصمه. فهل هذا رجل يحتقر المرأة ويعاملها كنصف انسان بلا حقوق أو إرادة؟ هل هذا رجل يحث على أن تغتصبها بدعوى أنها لو لم تستجب لك باتت تلعنها الملائكة؟ هل هو يعلمنا الاستبداد والقمع أم الرحمة والتساهل والمساواة؟
والآية القرآنية (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ* وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ * وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ). الحرث هو الزرع والنماء والحياة. الحرث هو اللون الأخضر النضر لون البهجة والراحة والخير. والمرأة هنا هى الحرث. فهى أصل الحياة وهى الجمال والنضارة. ووضع الله شرطا مهما لإتيانها. قدموا لأنفسكم. وهى كلمة مجملة يتدخل فيها الفسيولوجى والسيكولوجي. الجسدى والنفسي. ويشترط فيها القبول والرضا. وختم الله الآيات فى هذا الشأن بالتشديد على تقوى الله. والتذكير أنك ملاقيه. حتى لا تسرف أو تظلم أو تستغل فارق القوة فى الاعتداء والتنكيل.
وفى البخاري، تزوج رسول الله ابنة الجون، ودخل عليها، فنظرت له وقالت: أعوذ بالله منك. قال الرسول، قد عذتى بعظيم. الحقى بأهلك. وأمر لها بثوبين من القطن.
(فى رواية اسمها اسماء ورواية اسمها أميمة ورواية أنها الكندية وليست ابنة الجون)
هكذا.. امرأة تقول للرسول أعوذ بالله منك. فلا يقترب منها ولا يمسها. ويعيدها سالمة إلى أهلها بلا أذى ويأمر لها بأثواب جديدة.. يعنى لم يدوخها فى المحاكم أربع سنين لتحصل على حريتها. بل حريتها رهن ارادتها. بكلمة واحدة منها يستجيب لها الرسول مباشرة. فهل نشرح الدين أنه دين انسانية ورقى ورحمة واحترام.. وعشرة طيبة.. أم دين قتامة وجهامة واستعباد وقهر!
وفى صحيح مسلم، عن النبى عليه الصلاة والسلام، أنه من أشر الناس يوم القيامة عند الله، من أفضى لزوجته وأفضت له، فخرج وكشف سرها.
كاتب فى الفكر الإسلامي
facebook.com/M.ELDWEK