الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«المعرض العام».. كثير من الأخطاء.. وقليل من الإيجابيات




فى كل عام يأتى «المعرض العام» ومعه نفس الاعتراضات المعتادة التى تؤدى إلى ارتفاع حدة التوتر والصراعات بين الفنانين التشكيليين والمسئولين عن تلك الفعالية، وكأنه لا جديد، الفنان يعتبر أن رفض عمله الفنى إهانة له، التشكيك فى معايير اللجنة لازال مستمرا رغم تغير أعضاء لجان التحكيم كل عام، كذلك ابتعاد بعض الفنانين الكبار عن المشاركة السنوية فى المعرض، حالة عدم رضا الفنانين عن مكان عرض أعمالهم، الشكوى من الإضاءة الشديدة على الأعمال النحتية وعرضها تحت مستوى النظر، وتأخر طباعة كتالوج المعرض الذى لم يعد يتزامن وجوده مع الافتتاح، كلها أخطاء بعضها يقع فيها الفنانين وبعضها من المسئولين عن الفعالية.
كان المقرر لافتتاح المعرض العام فى دورته السادسة والثلاثين يوم الخامس والعشرين من مايو الماضى لكنه تأخر 23 يوماً ليتم الافتتاح يوم 16 يونيو، والمعلن أن التأخير بسبب انتخابات رئاسة الجمهورية وتنصيب رئيس البلاد، وعلى الرغم من تلك الاعتراضات فإنها لم تقلل إطلاقا من قيمة المجهود  المبذول والعبء الثقيل الذى تحمله قطاع الفنون التشكيلية متمثل فى رئيسه الفنان الدكتور صلاح المليجى بالإضافة إلى مجهود لجنة الفرز والاختيار المتمثلة فى كل من الدكتور شوقى معروف القوميسير العام وعضوية كل من  أحمد نبيل، ريم حسن، أشرف مهدي، أسامة عفيفي، أيمن السمرى، ضياء الدين داود، رضا الدنف، صلاح حماد.
عرض فى هذه الدورة  361 عملاً لـ 319 فناناً منهم فى المجالات المختلفة، وقد عرضت الأعمال بقاعات قصر الفنون إضافة إلى قاعة الفنان الراحل محسن شعلان -أبعاد سابقاً - بمتحف الفن المصرى الحديث والتى عرض فيها 19 عملاً فنياً  لرواد وكبار الفنانين التشكيليين المصريين اللذين تم تكريمهم على هامش الفعالية، حيث كرم  كل من  الفنان أحمد نبيل سليمان، جمال الدين محمد الحنفي، حسن سليمان، حسنى البناني، زينب السجينى، عبد العزيز درويش، عبد الله جوهر، عدلى رزق الله، فاروق إبراهيم، محمد سالم، محى الدين اللباد، محمود بقشيش، مصطفى الفقى، كما تم تكريم الفنانة التشكيلية القديرة عطيات سيد أحمد التى تكرم لأول مرة من وزارة الثقافة رغم سنوات إبداعها التى تخطت40 عاماً.
وحتى نكون منصفين فإن هذه الدورة لها إيجابيات كثيرة مع وجود بعض الأخطاء التى قد تكون غير مقصودة، من أكثر الإيجابيات فى هذه الدورة ويحسب لهذه اللجنة اكتشاف مواهب جديدة ووجود أسماء لفنانين وفنانات شباب لم يسلط الضوء عليهم من قبل، وأتمنى من اللجنة أن تكتب توصيه للمعرض العام القادم بعرض أعمال الشباب بجانب أعمال الفنانين الكبار كنوع من التواصل بين الأجيال واقصد بالشباب هنا  تلك الفئة العمرية فوق الثلاثين، والذين لديهم فرصتين للمشاركة فى فعاليات وزارة الثقافة، الأولى فى صالون الشباب الذى ينتهى عند 35 عام، والثانية فى المعرض العام الذى يبدأ من فوق الثلاثين، وهو مايمكن أن يكون شيئا إيجابيا وسلبيا فى نفس الوقت.
ويليها أرقى الإيجابيات الإنسانية للعرض بوجود أعمال فنية  لمجموعه فنانين من ذوى الاحتياجات الخاصة تم ترشيحهم من صالون الفن الخاص، وعرضت أعمالهم على امتداد مساحه ضيقه جدا حيث عرض لهم 7 أعمال فنية مختلفة مابين رسم وتصوير ونحت، ولكن للأسف عرضت أعمالهم الفنية فى قاعه خاصة جانبية منفصلة لم ينتبه لها زوار المعرض، مما أكد عزلتهم تشكيليا، أيضا إضافة مجال «فن النسيج» الذى استبعد من المشهد الفنى المصرى على الرغم من أن المعروضات النسجية وضعت أغلبها فى ممر ضيق يستخدمه الزوار للمرور منه فى الصعود للأعلى أو للهبوط لأسفل مما لايمكن من مشاهدة الأعمال بصريا بشكل جيد،  ومن تكرار تواجد أعمال فنية فى الممرات ظهرت مشكله يجب تداركها فى العروض القادمة فهذه الممرات لاتصلح للعرض الفني، فما فائدة العرض والعمل الفنى لايوضع فى مكان مناسب للعرض، على الجانب الآخر نجد بعض الفنانين الكبار منحوا مساحات كبيرة للعرض فى حوالى 3 متر وأكثر لكل فنان، وهو الأمر الذى تعتبره كل اللجان السابقة والحالية انه حق لهم  فى حين أنه فعليا ليس هناك علاقة بين المساحة والقيمة، وأنها مسألة نسيبة، خاصة مع الحاجة لتوفير مساحات كثيرة لفنانين آخرين تعويضا عن العرض فى الممرات الضيقة.
أما عن المجالات الفنية فمثلاً مجال الجرافيك الذى كان متصدرا للدورة السابقة ومتصدر أيضا هذه الدورة ويعد هذا مؤشر يحتاج من النقاد إلى دراسة حول تفوق الجرافيك فى الحركة التشكيلية حيث تميزت أعمال الفنانين تامر عاصم، سعيد حداية، عبد الوهاب عبد المحسن، مجدى عبد العزيز، فاروق شحاته وآخرون، كذلك مجال النحت حيث كانت الأعمال المشاركة من الأعمال الأكثر إبداعا  ولكن بكل أسف عرضت أغلبية الأعمال النحتية تحت مستوى النظر مما يسىء للعمل وقيمته.
 يتصدر مجال النحت مثالين متميزين جدا عرف عنهم الإبداع المستمر، منهم المثال محمد الفيومى العاشق للكفاح المرأة المصرية والذى وضع تمثاله تحت مستوى النظر، كما شارك المثال محمد طوسون بقطعه نحتية لوجه إنسانى وضعت على مدخل ممر، حيث تحمل القطعة فنيا سمات الأسلوب التجريدى الحذر الواعى مع تبسيط فى التفاصيل، كما شارك بعد غياب طويل عن مشاركات الفعاليات الرسمية المثال «صبرى ناشد» بقطعه نحتية من الخشب متناولا العلاقات الإنسانية، كما شارك الفنان القدير الدكتور احمد نوار بمشاركته تمثل أرقى تمثيل للتواصل بين الأجيال المختلفة.
على الرغم من المستوى الفنى والتقنى والجمالى المرتفع لفن الخزف الذى ويؤكد انه يشهد تطور فى التناول وكسر لتابوت الشكل الخزفى النمطى وطفرة فى المعالجة واللون والبناء الحر المحكم إلا أنه واجه بعض المشاكل فى العرض.
يعد مجال «التجهيز فى الفراغ» هو المجال الثرى الذى جاء يتضمن الفكر المعاصر والمعالجة الحداثية لموضوعات حياتية تهم الشعب المصري، حيث عرض فى مدخل قصر الفنون العمل المفاهيمى الذى قدمه لنا الفنان الكبير عصمت دواستاشى الذى لم يشارك بعمل تصويرى كما هو معتاد منه بعض الفنانين فى التعامل مع  المعرض العام، بل قدم عملاً فنياُ جديدا شارك فيه كل الشعب المصرى حالة التخوف من انتقاص مياه النيل بسبب مشروع سد اثيوبيا، وجاء العمل تحت عنوان «الحق اشرب» وهو مكون من مجموعه من زجاجات مياه الشرب وضعت على «ستاند» وكتب عليها عبارة «الحق اشرب قبل أن تشح مياه نهر النيل»، كما قدم أعمالا «تجهيز فى الفراغ» كل من الفنان رضا عبد السلام، محمد عبله، عادل ثروت، سيده محمود خليل وآخرون، انتقص بعض أعمال التجهيز فى الفراغ وجود تعريف بالعمل المفاهيمى، على اعتبار أن زوار المعرض ليسوا جميعاً فى مستوى ثقافى واحد،هذا التعريف لايفقد العمل قيمته ولا يحد من محاول فهمه، بل التعريف هو مجرد شفرة مرور لفهم العمل باستثناء الفنان سداد صلاح الدين الذى شارك بعمل مفاهيمى تحت عنوان «مرآه للوقع» وذكر بجانب العمل رؤيته، والفنان محمود مرعى الذى قدم عملاً تحت عنوان «المساواة» وذكر تفاصيل العمل.
وجاء مجال الخط العربى بمشاركة أربعه فنانين وجاءت الأعمال متوسطة المستوى، أما الفنون الفطرية فجاءت المشاركة محدودة بثلاثة فنانين ولكنها مناسبة مقارنتاً بباقى الأعمال المعروضة، ومجال الكمبيوتر جرافيك شارك فيه تسع فنانين قدموا معالجات وتقنيات تؤكد تمكنهم من إيجاد الحلول الفنية بأدوات معاصرة، والتصوير الجدارى مشاركة من سبع فنانين وفنانات بذلوا فيه جهدا تقنيا ملحوظا، أما مجال التصوير الزيتى وهو الأكثر مشاركه فى المعرض بمشاركة 124 فنان وفنانه عرض 129 عملا فنياُ اختلفوا جميعا فى الأساليب الفنية والاتجاهات التشكيلية والتقنيات والموضوع يجمع كل أعمال التصوير وجود قيمه جمالية وان تدرجت بحسب كل عمل.
وقد شهد مجال  التصوير الضوئى شهد عروض كثيرة  غير تقليدية فى اللقطة وفى الفلسفة التى تحملها اللقطة وتشابه التصوير الفوتوغرافى مع مذاهب التصوير حيث نجد اللقطة السريالية واللقطة التجريدية والواقعية والتعبيرية وهذا ما يؤكد أن مسار التصوير الفوتوغرافى فى الحركة الفنية يسير بخطوات سريعة متحررة من قيود الفكر.