الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«72 ساعة».. أول جولة خارجية للرئيس بالقارة السمراء




كتب – أحمد إمبابى وأحمد سـنـد

إلى القاهرة عاد الرئيس عبدالفتاح السيسي مساء أمس الأول، قادما من العاصمة السودانية الخرطوم، بعد جولة إفريقية شملت الجزائر وغينيا الاستوائية والسودان.. هى الأولى منذ توليه منصبه.
فعلى مدى 72 ساعة، كانت جولة الرئيس عبدالفتاح السيسى الأولى خارج مصر، التى شهدت نشاطا مكثفا عبر مجموعة من الزيارات واللقاءات مع قادة وزعماء أفارقة، التى تأتى بداية لاستعادة نشاط مصر فى القارة السمراء وتواجدها الافريقى، وحماية مصالح الامن القومى المصرى فى القارة.
لفت الرئيس عبدالفتاح السيسى الأنظار بمشاركته فى اجتماعات القمة الإفريقية، بمجموعة من اللقاءات والمباحثات مع زعماء وقادة دول إفريقية وصلت إلى 13 لقاء، ما تم مع دول كان لها موقف تجاه إرادة الشعب المصرى من ثورة 30 يونيو، وكان يراها لها البعض موقف الخصم للمصالح المصرية.
بدت تحركات الرئيس السيسى كان أبرزها القارة كأنه يريد ترميم العلاقات مع مجموعة من الدول التى ترتبط ارتباطا مباشرا بالمصالح والامن القومى المصري، أفسدتها سياسات خارجية فى العهود السابقة، وعلى رأس تلك الدول الجزائر وإثيوبيا والسودان.
 البداية من الجزائر
مع الساعات الأولى لصباح الاربعاء الماضى حرص الرئيس السيسى على أن يزور الجزائر ويجرى مباحثات مع الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، قبل سفره لغينيا الاستوائية للمشاركة فى اجتماعات القمة الافريقية، وكان على رأس موضوعات النقاش بين الرئيسين قضية الغاز وتوفير احتياجات مصر من الغاز والوقود.
وعقد السيسى جلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة، وقال السفير إيهاب بدوي، المتحدث الرسمى باِسم رئاسة الجمهورية، إن تلك الزيارة تمثل نقلة نوعية على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين، وتدشن لعلاقات استراتيجية مستقرة بين مصر والجزائر.
وأضاف: المباحثات بين الزعيمين تطرقت إلى مختلف جوانب العلاقات الثنائية، إذ تضمنت بحث عدد من الملفات الاستراتيجية، فضلا عن استعراض العلاقات السياسية والاقتصادية بهدف تعزيزها وتنميتها، وذلك فى ضوء العلاقات التاريخية المتميزة التى تجمع بين البلدين والشعبين المصرى والجزائري.
وأوضح أن الرئيس عبر خلال اللقاء عن تطلع مصر للإسهام من خلال شركاتها المختلفة والقطاع الخاص المصرى فى الخطة التنموية الخمسية الطموحة للجزائر، ووجود رغبة مصرية حقيقية فى أن تعود الاستثمارات المصرية فى الجزائر لسابق عهدها كأكبر استثمار خارجى لمصر على مستوى العالم.
لقاء القمة تطرق أيضا إلى عدد من القضايا الإقليمية، فتم استعراض تطورات القضية الفلسطينية، فضلا عن الأوضاع فى ليبيا وسوريا والعراق. كما تم أيضاً استعراض عدد من القضايا الإفريقية ذات الاهتمام المشترك، واتفق الجانبان على تعزيز التنسيق والتشاور ارتباطا بالشأن الإفريقي، وبما يحقق المصالح المشتركة للبلدين.  
وعقب انتهاء جلسة المباحثات فى الجزائر اتجه الرئيس السيسى إلى مالابو عاصمة غينيا الاستوائية للمشاركة فى أعمال الدورة العادية الثالثة والعشرين لقمة الاتحاد الإفريقي، لم ينتظر الرئيس المشاركة فى اجتماعات القمة الافريقية حتى يعقد سلسلة من اللقاءات مع الرؤساء الافارقة المشاركين فيها، إذ استهل لقاءاته مساء الاربعاء وعشية انعقاد القمة، حتى قبل مغادرة غينيا عقد خلالها 11 لقاء وجلسة مباحثات على هامش مشاركته فى القمة.
كان أول لقاءاته فى غينيا مع النائب الاول لرئيس جمهورية السودان بكرى حسن صالح، وأعقبته جلسة مباحثات أخرى مع رئيس جنوب السودان سيلفاكير لبحث العلاقات بين البلدين والمصالح المشتركة بينهم، وتلاها لقاء مع رئيس جامبيا يحيى جامع.
 الحضور الأول فى القمة الإفريقية
وفى صباح يوم الخميس، شارك الرئيس السيسى فى اجتماعات قمة الاتحاد الافريقى لاول مرة بعد استعادة نشاط مصر فى الاتحاد، وألقى السيسى كلمة مصر فى جلسة الافتتاح أكد فيها على مجموعة من الرسائل والتوجهات التى تحكم السياسة الخارجية لمصر فى الفترة المقبلة ورؤيتها لإفريقيا.
واستنكر السيسي، فى خطابه عدم مساندة الاتحاد الإفريقى للشعب المصرى فى ثورته فى 30 يونيو، قائلا «لا يخفى عليكم أن شعب بلادى تألم حينما رأى الاتحاد يتخذ موقفا مغايرًا وحينما لم ير إخوته يبادلونه التضامن والمساندة والتأييد بعد 30 يونيو».
وأكد السيسى أن مصر لم تتوقف يوما عن الانشغال بقضايا وهموم إفريقيا وأنها لا يمكن أن تنفصل عن واقعها الافريقي، قائلا «مصر وإن غابت لبعض الوقت عن المشاركة فى أنشطة الاتحاد الإفريقي، فإنها لم تتوقف يومًا عن الانشغال بقضايا وهموم إفريقيا، مصر لا يمكن أن تنفصل عن إفريقيا، مصر لم تبخل بعقول أبنائها فى بناء الكوادر الإفريقية».
ووعد السيسى بمواصلة مصر جهودها لحل النزاعات الإفريقية، وبناء السلام فى مختلف ربوع القارة، مشيرًا إلى وجوب توحيد جهودنا الذاتية لمجابهة المشكلات الأمنية والنزاعات التى طالت دول قارتنا.
وأوضح أن شبح الجوع والمرض والأمية لا يزال يخيم على حياة الشعوب، وأنه بدلاً من الانخراط فى العمل الجاد والبناء تنخرط بعض الدول فى نزاعات قبلية أو حدودية، تمزق أوصال الدول وتفقدها خيرة أبناء القارة بكل ما يمثله من آمال واعدة.
وعقب مشاركة الرئيس فى اعمال القمة الافريقية، أجرى مجموعة من اللقاءات مع الرؤساء والقادة الأفارقة المشاركون، حيث التقى الرئيس الموريتانى محمد ولد عبد العزيز، ثم جلسة مباحثات أخرى مع رئيس السنغال ماكى سال.
 قمة مصرية - إثيوبية
وكان اللقاء الأبرز والمرتقب منذ فترة الذى عقده الرئيس السيسى مع رئيس وزراء إثيوبيا هيلى ماريام ديسالين، وتناول اللقاء سبل تعزيز العلاقات بين البلدين مرة اخرى وحل الخلافات القائمة بينهما خاصة حول سد النهضة الإثيوبى.
وفى بيان مشترك أكد الطرفان فى جلسة المباحثات تشكيل لجنة عليا تحت إشرافهما المباشر، لتناول كل جوانب العلاقات الثنائية والإقليمية فى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية وحول قضية سد النهضة واستخدامات مياه النيل اتفق الطرفان على مايلي: احترام مبادئ الحوار والتعاون كأساس لتحقيق المكاسب المشتركة وتجنب الإضرار ببعضهما البعض، أولوية إقامة مشروعات إقليمية لتنمية الموارد المالية لسد الطلب المتزايد على المياه ومواجهة نقص المياه، احترام مبادئ القانون الدولى، الاستئناف الفورى لعمل اللجنة الثلاثية حول سد النهضة، بهدف تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية، واحترام نتائج الدراسات المزمع إجراؤها خلال مختلف مراحل مشروع السد، تلتزم الحكومة الإثيوبية بتجنب أى ضرر محتمل من سد النهضة على استخدامات مصر من المياه، تلتزم الحكومة المصرية بالحوار البناء مع إثيوبيا، والذى يأخذ احتياجاتها التنموية وتطلعات شعب إثيوبيا بعين الاعتبار، وأخيرا فإن الدولتين تلتزمان بالعمل فى إطار اللجنة الثلاثية بحسن النية وفى إطار التوافق.
 السيسى يلتقى بان كى مون
وعلى هامش القمة الافريقية التقى الرئيس السيسى الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون، إذ هنأ الاخير السيسى بفوزه بانتخابات الرئاسة ودعاه للمشاركة فى اجتماعات الامم المتحدة المقبلة فى سبتمبر.
ثم واصل الرئيس لقاءاته الإفريقية بمقابلة رئيس غينيا الاستوائية أوبيانج أنجين، الدولة المستضيفة للقمة الافريقية، وعقد لقاءات مع عدد من رؤساء دول حوض النيل على رأسهم رئيس أوغندا يورى موسيفنى، ورئيس تنزانيا مريشيو كيكويتي، منسق لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة حول تغير المناخ، واختتم لقاءاته فى غينيا بمقابلة رئيس مالى.
 مفاجأة السودان
كانت المفاجأة الأخيرة من الرئيس السيسى خلال جولة الافريقية الاولى، هى زيارة السودان فى طريق عودته من غينيا حيث التقى الرئيس عمر البشير الرئيس السودانى فى مطار الخرطوم وعقدا جلسة مباحثات وبعدها شاركا فى مؤتمر صحفى قبل مغادرته للسودان عائدا للقاهرة.
لفتت زيارة السيسى للسودان الأنظار، ذلك أن الحكومة السودانية كانت قريبة من فكر جماعة الاخوان، وكانت مؤيدة لنظام مرسى ولديها موقف من ثورة 30 يونيو، لكن المصالح المصرية وأمنها القومى فى الجنوب اقتضت فتح صفحة علاقات جديدة من السودان.
وخلال المؤتمر الصحفى المشترك قال الرئيس عبدالفتاح السيسى: إن مصر تعتبر السودان عمقها الاستراتيجي، وأعرب عن أمله فى أن تساهم الزيارة فى دعم وتنمية العلاقات بين البلدين بما يعود بالنفع على الشعبين المصرى والسوداني.
وقال السيسى إن هناك موضوعات كثيرة ممكن أن نعمل من خلالها لمصلحة خدمة الشعبين، مشيرا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من التعاون المشترك بين البلدين فى كافة المجالات.
وأكد السيسى أن هناك مواقف داخل المنطقة تحتاج إلى التنسيق والتعاون المشترك بين البلدين، مضيفا أن هذه الزيارة هى الأولى له، وهو فى انتظار أن يقوم الرئيس السودانى عمر البشير بزيارة مصر فى القريب العاجل.