السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

دعاوى بالجملة ضد قرار منح الضبطية القضائية لضباط الجيش




عادل عبد الحميد
 

 
المشير طنطاوى
 
 
بعد ساعات قليلة من نشر قرار وزير العدل رقم 4991 لسنة 2012 الخاص بالضبطية القضائية فى الجريدة الرسمية شهدت محكمة القضاء الإدارى العديد من الدعاوى القضائية ضد هذا القرار وأعلن العديد من المنظمات والقوى السياسية إقامة دعاوى قضائية جديدة ضده.
يأتى ذلك بينما حدد المستشار على فكرى رئيس محاكم القضاء الإدارى جلسة سريعة اليوم الثلاثاء لنظر أربع قضايا من هذه القضايا ضد قرار وزير العدل 4991 لسنة 2012 نص فى المادة الأولى منه على «مع عدم الإخلال بالاختصاصات المنصوص عليها فى قانون القضاء العسكرى الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966 يخول لضباط وضباط صف المخابرات الحربية وضباط وضباط صف الشرطة العسكرية الذين يمنحون سلطة الضبط القضائى من وزير الدفاع أو من يفوضه صفة مأمورى الضبط القضائى فى الجرائم التى تقع من غير العسكريين والمنصوص عليها فى الأبواب الأول والثانى والثانى مكرر والسابع والثانى عشر والثالث عشر» من الكتاب الثانى من قانون العقوبات وفى الباب الخامس عشر والباب السادس عشر من الكتاب الثالث من ذات القانون.
يسرى على مأمورى الضبط القضائى المذكورين الأحكام المنصوص عليها فى الفصل الأول من الباب الثانى من الكتاب الأول من قانون الإجراءات الجنائية.
والمادة الثانية من القرار نصت على أن يسرى هذا القرار من اليوم التالى لتاريخ نشره فى الوقائع المصرية ويظل ساريًا حتى تاريخ إصدار الدستور والعمل به.
جميع الدعاوى القضائية التى أقيمت ضد هذا القرار طالبت فى نهايتها بإصدار حكم قضائى بصفة مستعجلة بإلغاء قرار وزير العدل وتنفيذ الحكم بمسودته.
محمد حامد سالم المحامى أول من أقام دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى حملت رقم 46266 لسنة 64ق أكد فيها أن قرار وزير العدل مخالف لمواد الإعلان الدستورى أرقام 8 و9 و10 و11 و12 و13 و14 و16 و17 التى سنها المشرع لحماية الحقوق والحريات العامة والخاصة وحظرت تقييدها أو المساس بها إلا وفقا للقانون أو إذن القاضى المختص أو النيابة العامة كما أن قرار وزير العدل مخالف للمواد 51 و53 و55 من الإعلان الدستورى التى فرقت بين اختصاصات القضاء العسكرى والقوات المسلحة وبين اختصاصات ودور الشرطة كهيئة مدنية نظامية.
أكدت الدعوى أن قرار وزير العدل ولد ميتا ومخالفاً لقانون الإجراءات الجنائية لأنه لم يحدد النطاق المكانى ودوائر اختصاص ضباط المخابرات الحربية وضباط الشرطة العسكرية.
كما أن سلطة الضبط القضائى فى الجرائم التى تقع من غير العسكريين المدنيين ليست متعلقة بأعمال وظائف ضباط المخابرات الحربية وضباط الشرطة العسكرية فى الأصل بحسب قوانينهم الخاصة والمادتى 51 و53 من الإعلان الدستورى ولمن ستكون تبعيتهم هل للنائب العام أم للقضاء العسكرى؟!.
كما أن القرار صدر بتحويل ضباط المخابرات والشرطة العسكرية صفة الضبط القضائى بالنسبة لكل الجرائم على مساحة جمهورية مصر العربية بأكملها دون ثمة تحديد جغرافى فى صيغة عامة مبهمة على المليون كيلو متر مربع التى هى مساحة مصر وعلى 85 مليون مواطن الذين هم كل سكان مصر.
كما أن القرار مخالف للمادة 22 من قانون الإجراءات الجنائية التى حددت من هم مأمورى الضبط القضائى وليس من بينهم رجال المخابرات الحربية والشرطة العسكرية لأن لهم قوانين خاصة تحدد اختصاصاتهم تتعارض وتتناقض مع قانون الإجراءات الجنائية وجميع القوانين التى تطبق على المدنيين.
هذا بالإضافة إلى أن هذا القرار يمثل تعديا على السلطة التشريعية الممثلة فى البرلمان الذى من اختصاصه مناقشة واعتماد وسن قوانين للجرائم التى تضمنها القرار خاصة أنه يتعلق بالحريات الدستورية الأساسية المكفولة لكل مواطن والتى لا يجوز المساس بها والنيل منها من ضباط المخابرات الحربية والشرطة العسكرية الذين لهم إجراءاتهم الخاصة بخلاف جهاز الشرطة كهيئة مدنية لها خبرة فى التعامل مع المواطنين غير العسكريين وأكدت الدعوى بأن قرار وزير العدل صدر ليمثل أداة لقمع الحريات العامة وخاصة حريات الرأى والتعبير والاحتجاج السلمى والاجتماع وهى الحريات التى كرستها ثورة 25 يناير 2011 وقد يشكل فى ذاته وسيلة لإعادة العمل بحالة الطوارئ بشكل جزئى بعد أقل من أسبوعين من انتهاء العمل بها للمرة الأولى منذ 31 عاماً.
كما أن ضباط المخابرات الحربية والشرطة العسكرية المشار إليهم فى قرار وزير العدل بحكم تبعيتهم للقوات المسلحة لا يمكن للنيابة العامة التحقيق معهم فى أى مخالفات قد يرتكبونها خلال ممارستهم لسلطة الضبط القضائى الممنوح لهم.
شحاتة محمد شحاتة مدير المركز العربى للنزاهة والشفافية أقام هو الآخر دعوى قضائية طالب فى نهايتها بإلغاء قرار وزير العدل وأكد فيها بعد استعراضه مخالفة هذا القرار لعدد من مواد الإعلان الدستورى أن هذا القرار عودة للطوارئ بمسوغ قانونى يتجاوز الكثير من الحقوق الدستورية للشعب، فنقل اختصاص أمن الدولة السابق من وزارة الداخلية إلى الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية مما يجعل هذا القرار كارثى وهو صورة من الطوارئ لكن بسلطات وصلاحيات أكبر وأوسع وهو أمر غير مقبول كما أنه يعتبر عودة للطوارئ ولكن بشكل جديد والأدهى أن هذا القرار لم يوضح الجهة التى سيتم تحويل المقبوض عليهم بموجبه إليها وهل سيتم تحويلهم إلى النيابة العامة أم للنيابة العسكرية؟
أما مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومكتب المتحدون للاستشارات القانونية وأعمال المحاماة ومركز هشام مبارك للقانون والمركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمبادرة المصرية الشخصية أقام الدعوى رقم 46282 لسنة 66ق أمام محكمة القضاء الإدارى ضد كل من رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزيرى العدل والدفاع والنائب العام ورئيس هيئة القضاء العسكرى والمدعى العام العسكرى مطالبين فى نهايتها بإصدار حكم قضائى بوقف تنفيذ قرار وزير العدل.
وأكدوا فى الدعوى أنهم جميعًا يعملون فى مجال الدفاع عن الحقوق والحريات وأن قرار وزير العدل يحتوى على صلاحيات استثنائية لا سند لها فى القانون تشكل التفافا صارخا على الإنهاء الرسمى لحالة الطوارئ فضلا عن أنه وضع قيوداً أسوأ بمراحل من تلك التى كانت فى حالة الطوارئ وتوفر غطاء قانونياً لها إذا أن عشرات الآلاف اعتقلوا وعذبوا وبعضهم قتل باسم قانون الطوارئ، فإن هذا القرار الجديد سيوفر الغطاء القانونى لتدخل القوات المسلحة فى الحياة اليومية لجموع المصريين.
كما أنه قد يعرض آلاف المدنيين للملاحقة بل بالإحالة للقضاء العسكرى خاصة إذا ما وضع فى الاعتبار أن صدوره يقترن بحالة التأزم والاحتقان السياسى الهائل وهو وثيق الصلة باخفاقات المجلس العسكرى فى إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية.
وما يؤكد هذا التصريح الصادر من اللواء عادل المرسى رئيس هيئة القضاء العسكرى بأن هذا القرار جاء لمعالجة الفراغ التشريعى لتواجد القوات المسلحة بالشارع وأن صلاحية وزير العدل فى إصدار القرار هى بنص المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية والتى تمنحه الحق فى إصدار قرار منح صفة الضبطية القضائية لبعض الموظفين العموميين فى مجال عملهم وفقا للحاجة لذلك.
كما أكد أن وقف العمل بحالة الطوارئ لا توجد صفة الضبط القضائى لعناصر القوات المسلحة وبالتالى كان يجب وضع قانون لتنظيم تواجد القوات المسلحة والبديل كان انسحاب القوات من الشارع وعدم تمكنها من تأمين الانتخابات الرئاسية أو القيام بالحملات الأمنية لضبط الهاربين والخارجين على القانون.
وقد جاءت الثورة لكى تضع الجميع تحت سيادة القانون وتبطل الصلاحيات اللا معقولة التى يتمتع بها ضباط الجيش والشرطة فهذا القرار يعود بمصر لعصر قد يكون أسوأ من عصر مبارك الذى ثار عليه المصريون وأكدت الدعوى أن قرار الوزير مخالف لمادة 23 من قانون الإجراءات القانونية 150 لسنة 1950 التى نصت على أنه يجوز بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص تخويل بعض الموظفين صفة مأمورى الضبط القضائى بالنسبة إلى الجرائم التى تقع فى دائرة اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم.
أى أن هذا القانون خول لوزير العدل منح صفة مأموى الضبط القضائى لبعض الموظفين ولكن بضوابط أولها وقوع الجرائم فى دائرة الاختصاص الوظيفى الطبيعى لهؤلاء الموظفين والثانى أن تكون تلك الجرائم متعلقة بأعمال وظائفهم وهذه الضوابط غير موجودة فى القرار الأخير رقم 4991 لسنة 2012.
ناصر أمين المحامى أقام دعوى قضائية أيضًا طالب فيها بإلغاء قرار وزير العدل وحملت دعوته رقم 46269 لسنة 66ق قال فيها: إن هذا القرار مخالف للمادة 7 من الإعلان الدستورى التى تنص على أن المواطنين لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو العقيدة.
كما أنه مخالف للمادة 8 من الإعلان الدستورى التى تنص على أن الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيش أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل.
كما أنه مخالف للمادة 21 من الإعلان الدستورى التى تؤكد أن التقاضى حق مصون ومكفول للناس جميعا ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى.
وقالت الدعوى: إن هذا القرار تجاوز الحدود المرسومة للسلطات وقرر للشرطة العسكرية والمخابرات العامة صفة مأمورى الضبطية القضائية الذى يخول لهم ضبط أى مواطن عادى فى حال ارتكابه الجرائم المنصوص عليها فى قانون العقوبات.. فهذا القرار يعيدنا إلى منظومة الإجراءات الاستثنائية والأحكام العرفية والاعتداء على الحريات العامة وعودة الطوارئ بأدوات جديدة تهدد دولة القانون.
أقام عبدالمنعم عبدالمقصود أحد محامى الإخوان المسلمين الدعوى رقم 46337 لسنة 66ق أمام محكمة القضاء الإدارى طالب فيها أيضا بإصدار حكم قضائى بإلغاء قرار وزير العدل، أكد فيها بأن هذا القرار صدر بالمخالفة للدستور والقانون فهو مخالف للمواد 8 و9 و10 و11 و12 و13 و14 و16 و17 من الإعلان الدستورى التى حمت الحقوق والحريات العامة والخاصة وحظرت تقييدها أو المساس بها، إلا وفقا للقانون بالإضافة إلى أن هذا القرار جاء مخالفًا لقانون الإجراءات الجنائية فى المواد التى حددت من هم مأمورى الضبط القضائى وليس بينهم رجال المخابرات الحربية والشرطة العسكرية ومن جهة أخرى فإن هذا القرار ينطوى على صلاحيات استثنائية لا سند لها فى القانون تشكل التفافا صارخا على الإنهاء الرسمى لحالة الطوارئ.
وأن هذا القرار أسوأ بمراحل من القيود والانتهاكات التى كانت حالة الطوارئ توفر غطاء قانونيا لها وإذا كان عشرات الآلاف اعتقلوا وعذبوا وبعضهم قتل باسم قانون الطوارئ فإن هذا القرار الجديد سيوفر غطاء قانونياً لتدخل الجيش فى الحياة اليومية للمصريين فآلاف المدنيين قد يكونون عرضة للملاحقة والإحالة للقضاء العسكرى بموجب هذا القرار خاصة مع حالة الاحتقان الموجودة وينذر هذا الاحتقان فى اللحظة الراهنة بمصادمات هائلة فى الشارع المصرى فى ضوء احتمالات ما تؤول إليه الانتخابات الرئاسية من نتائج بالإضافة إلى أن هذا القرار يمثل سلبا لاختصاص القضاء الطبيعى ممثلا فى النيابة العامة حيث أنه وفقاً لمفهوم هذا القرار فإن هؤلاء العسكريون الذين سيمنحون صفة الضبطية القضائية لن يكونوا خاضعين لإشراف النيابة العامة وأن القضايا التى سوف يمارسون مهامهم فيها سوف تنظرها بطبيعة الحال المحاكم العسكرية وقالت الدعوى توقيت هذا القرار ونحن على أعتاب أحداث جسام تدعوا للتفكير والشك والريبة وكثرة الظنون عن غرضه وسببه والتى يقف العقل عاجزًا عن استيعاب مضمونه وهو الأمر الذى تتوافر معه الجدية والاستعجال فى الحكم بإلغاء هذا القرار الذى يمثل خطراً داهما على حقوق وحريات الأفراد فى تلك المرحلة الدقيقة التى تمر بها مصر.