الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أمريكا..تتجسس على العالم




كتبت – ابتهال مخلوف ووسام النحراوى

لم تكد ألمانيا ودول أوروبا بوجه عام تفيق من صدمة فضيحة تجسس الولايات المتحدة على زعمائها، التى ظهرت العام الماضى، حتى تفجرت مع نسمات شهر يوليو الجارى فضيحة تجسس جيدة بين برلين وواشنطن، تعد من توابع نشاط  وكالة الأمن القومى الأمريكية التجسسى على دول العالم.. إذ ألقت السلطات الألمانية القبض على عميل مزدوج كان يتجسس لصالح أمريكا على اللجنة البرلمانية الألمانية «البوندستاد» التى تحقق فى وقائع فضيحة تجسس الوكالة الأمريكية على مراسلات واتصالات المواطنين والشركات والسياسيين الألمان.

ووصل الأمر بأن كشفت صحيفة «بيلد» الألمانية وثيقة لوزارة الداخلية تجزم بأن برلين تخطط لتوسيع أنشطة أجهزة استخباراتها على واشنطن كإجراء مضاد لفضيحة التجسس الأخيرة. وذكرت الصحيفة أن وزير الداخلية توماس دى ميزيير طلب من أجهزة الاستخبارات الألمانية توسيع أنشطتها لتشمل الولايات المتحدة الأمريكية. يذكر أن أجهزة الاستخبارات الألمانية لا تتجسس عادة على شركائها فى حلف الناتو، وهو الأمر الذى اعتبرته المستشارة الألمانية «خطيرًا».
ولعل علامة الاستفهام التى تلح أمام الإنسان العادى هى لماذا ألمانيا بالذات؟
قد تكون للعلاقات القوية بين البلدين أو لأنه يوجد  فى ألمانيا أكبر وأهم القواعد العسكرية فى العالم. ويرى المراقبون أن التجسس لأغراض تجارية وصناعية واقتصادية وعلمية على ألمانيا يأتى فى المقام الأول. ولعل التاريخ يذكر عندما قامت الاستخبارات الأمريكية فى القرن الماضى بزرع أجهزة تنصت فى مقاعد الدرجة الأولى لطائرات البوينج (747)  فى رحلاتها بين فرنسا وأمريكا لكى يعرفوا ماذا يتحدث عنه رجال الأعمال والساسة الفرنسيون فيما يخص الصفقات التجارية والأموال المرصودة لها.
الحقيقة التى لاجدال فيها أن هناك وحدات تجسس أمريكية فى ثمانين موقعًا حول العالم، من بينها برلين وباريس وروما ومدريد وجنيف وفرانكفورت، وأن عملاء وضباط المخابرات الأمريكية يتنصتون على العالم مباشرة عبر قانون «باتريوت» باستخدام خوادم تسع شركات إنترنت أمريكية لاستخراج الدردشات الصوتية ودردشات الفيديو عبر الإنترنت والصور ورسائل البريد الإلكترونى والوثائق وسجلات الاتصال لعملاء هذه الشركات. كما تقوم أجهزة المخابرات نفسها بتسجيل المكالمات الهاتفية لعشرات الملايين من المواطنين.
ولا تنكر أمريكا أبدًا التهمة ولا تدافع عن نفسها أمام العالم، فقد أكدت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن وكالة الأمن القومى الأمريكية مسئولة عن رصد وتتبع معلومات تشمل كل الدول فى العالم باستثناء أربع فقط وهى بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا التى تدخل مع واشنطن فى اتفاقية واسعة النطاق للتعاون المخابراتى والتجسسى منذ عام 2010. كما تجمع واشنطن معلومات حول هيئات مثل البنك الدولى وصندوق النقد الدولى والاتحاد الأوروبى والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
والبرهان على ذلك، ما كشفت عنه كشفت وثائق سربها الأمريكى “إدوارد سنودن” عن قيام الوكالة الأمريكية (NSA) بالتجسس إلكترونياً على مكاتب مقر الأمم المتحدة الرئيسى فى نيويورك كجزء من برنامج مراقبة يشمل السفارات والقنصليات ومقرات الوكالات الدولية. ولذلك الهدف أنشأت الوكالة برنامجا خاصا يدعى «خدمة الجمع الخاصة» للتجسس على مقارات أكثر من 80 سفارة وقنصلية ومكاتب تابعة لهيئات ووكالات دولية عبر استخدام تقنيات قادرة على فك تشفير محادثات الفيديو التى تجرى فى المقر الرئيسى للأمم المتحدة والتجسس عليها وهى من المفترض أرض تتمتع بأشد درجات الحصانة الدبلوماسية.
كما أكدت صحيفة «دير شبيجل» أن البرنامج تجسس على بعثات الاتحاد الأوروبى ووكالة الطاقة الذرية، مستخدما مراكز للتجسس تابعة للوكالة بمدينة فرانكفورت الألمانية وفيينا النمساوية.
والسؤال هو كيف تصل وكالة الأمن القومى الأمريكية للمعلومات من الهواتف الذكية؟ وفى معرض الإجابة عن ذلك، ذكرت صحيفة «ديرشبيجل» الألمانية أن المخابرات الأمريكية طورت قدراتها للتجسس على أجهزة الآى فون وأجهزة الأندرويد والبلاك برى، التى كان يعتقد أنها آمنة من الاختراق، مشيرة إلى أن 50% من المواطنين الألمان يمتلكون هواتف ذكية، بينما النسبة فى بريطانيا ثلثى السكان يمتلكون تلك الهواتف، وفى أمريكا 130 مليون شخص لديه أحد تلك التقنيات الحديثة والنسبة تتصاعد.
ولعل برنامج وكالة الأمن القومى الأمريكى الـ‏NSA «أشيلون» للتجسس العالمى الذى انشئ عام ‏1984‏ ولم يتم الكشف عنه إلا فى ‏23‏ مايو ‏1999‏ القادر على اعتراض سبيل أكثر من‏3‏ مليارات اتصال يوميا وكان قد صمم فى بداياته لمراقبة الاتصالات الدبلوماسية والعسكرية للاتحاد السوفيتى وحلفائه من الكتلة الشرقية ولكنه اليوم يستخدم لمراقبة الإرهابيين واتصالاتهم وايضا تجار المخدرات واستخبارات دول أخرى، وتردد مؤخرا أنه يستخدم للمراقبة والتنصت على المواطنين الأمريكيين‏.‏
وهو عبارة عن مصفوفة من الجند أى العملاء مهمتهم مراقبة وتحليل اى مكالمة هاتفية أو فاكس او رسالة إلكترونية او رسالة برقية مباشرة ترسل من أى المواطنين إلى أى مكان فى العالم‏.‏
وسرب موظف المخابرات الأمريكية إدوارد سنودن أن أمريكا تصل للهواتف الذكية وأجهزة الحواسب المحمولة عبر الخوادم المركزية لتسع شركات أمريكية رئيسية للإنترنت من خلال برنامج سرى للغاية اسمه Prizm «بريزم». وهو برنامج تجسس رقمى مصنف بأنه سرى للغاية يُشّغل من قبل وكالة الأمن القومى الأمريكى. ويعتبر هذا البرنامج أحد البرامج التجسسية الضخمة.
كما كشفت إبان احتلال العراق عام 2003 عن قيام الإدراة الأمريكية حينذاك بالتجسس على الجيش العراقى بواسطة قمر صناعى أطلقته من قاعدة «كيب كانافيرال».
من المؤكد أن ذيول عملية التجسس لن تتوقف، وستتواصل تداعياتها لفترة زمنية على العلاقات الامريكية الاوروبية خاصة مستقبل العلاقات الأمريكية الألمانية... بسبب الحرج الشديد الذى سببه أوباما لحليفته ميركل التى تسعى لإقناع دول الاتحاد الأوروبى بتوقيع برنامج شراكة هام مع واشنطن.
ولكن ماذا عن الشرق الأوسط وعالمنا العربى؟ ومع تصاعد فضيحة تجسس وكالة الأمن القومى الأمريكية على اتصالات عدد من الدول الأوربية الحليفة، وحدها الدول العربية ظلت صامتة أمام هذه التداعيات الخطيرة رغم أنها كانت من أكبر ضحاياها.
وكشف تقرير صادر من مركز «المزماة» للدراسات والبحوث أن عمليات التجسس على الاتصالات العربية قدرت بالمليارات، طالت اتصالات عدد من الزعماء العرب ودوائر القرار العربية المهمة.
 وسارعت واشنطن لطمأنة حلفائها الأوروبيين الذين كانوا ضحايا عمليات التجسس فى الوقت الذى تحركت فيه الدول الأوربية بقوة لاتفاق فيما بينها بعدم التجسس والضغط على الولايات المتحدة للتوقيع على اتفاق مماثل.
وكانت وثائق تستند إلى تسريبات ادوارد سنودن ﻛﺸﻔﺖ ﻋﻦ أن ﻋﻤﻠيات التجسس طالت عددا من الدول العربية من بينها مصر والسعودية والأردن والعراق ودول شرق أوسطية مثل إيران وباكستان والهند.
ورغم هذا الكشف الخطير فالصمت يخيم على الدول العربية، فى حين أن نظيراتها الاوروبية والبرازيل تحركت فى اتجاه وضع حد لمثل هذا الوضع الخطير.
وحسب موقع « سيربتوم» المتخصص فى نشر الوثائق السرية، فإنه جرى التجسس على 7.8 مليار اتصال فى السعودية ، ومثلها فى العراق، و1.9 مليار اتصال فى مصر ، و1.6 مليار اتصال فى الأردن.
 ولم تقتصر عمليات التجسس على الاتصالات الهاتفية فقط بل امتدت لتشمل مواقع التواصل الجتماعى والبريد الإلكتروني.
ولم يصدر حتى اللحظة أى تعليق من قبل جميع الدول العربية على تلك التقارير، سواء بإنتقادها بشكل مباشر أو حتى الخروج بأى تصريح عن دراسة تلك التقارير وجديتها من عدمه، أو التحقق من صدقها.
وأكدت مجلة «دير شبيجل» الألمانية أنها اطلعت على وثيقة سرية للغاية صادرة عن وكالة الأمن القومى، ووفقا لتلك الوثيقة، فإن قادة 120 دولة كانوا من بين الأهداف الرفيعة للمخابرات الأمريكية، على رأسهم الرئيس الفلسطينى محمود عباس، والرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك و آنجيلا ميركل، مستشارة ألمانيا وكيم يونج آيل، رئيس كوريا الشمالية السابق ونجاد، رئيس إيران السابق ودا سيلفا، رئيس البرازيل السابق.
كما ضمت القائمة الرئيس السورى الأسد، وساركوزى رئيس فرنسا السابق، ونورى المالكى رئيس وزراء العراق، وأردوغان، رئيس وزراء تركيا، وبرلسكونى رئيس وزراء إيطاليا الأسبق.