الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«محمد صلى الله عليه وسلم».. سيرة مسرحية لتوفيق الحكيم




كتابنا يحمل عنوان: «محمد صلى الله عليه وسلم»، وهو سيرة حوارية، يتناول فيها الكاتب والأديب الكبير توفيق الحكيم، قصة حياة النبى خير الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.


قال الحكيم فى نبذته عن الكتاب، الصادر عن «مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر- مصر» عام 1936م: «المألوف فى كتب السيرة أن يكتبها الكاتب ساردا باسطا، محللاً معقبًا مدافعًا مفندًا، غير انى يوم فكرت فى وضع هذا الكتاب قبل نشره عام 1962 م ألقيت على نفسى هذا السؤال:


إلى أى مدى تستطيع تلك الطريقة المألوفة أن تبرز لنا صورة بعيدة، إلى حد ما، عن تدخل الكاتب؟.. صورة ما حدث بالفعل، وما قيل بالفعل دون زيادة أو إضافة، توحى إلينا بما يقصده الكاتب أو بما يرمى إليه؟
كل ما صنعت هو الصب والصياغة فى هذا الاطار الفنى البسيط، شأن الصائغ الحذر، الذى يريد أن يبرز الجوهرة النفسية فى صفائها الخالص، فلا يخفيها
بوشى متكلف ولا يغرقها بنقش مصنوع ولا يتدخل إلا بما لا بد منه، لتثبيت أطرافها فى إطار رقيق لا يكاد يرى.


هذا ما أردت أن أفعل: فإذا اتضح للناس بعد هذا العمل، أن الصورة عظيمة حقا فإنما العظمة فيها منبعثة من ذات واقعها هي، لا من دفاع كاتب متحمس أو تفنيد مؤلف متعصب».


تميز هذا الكتاب عن غيره مما تناول السيرة النبوية، بأنه قدمها بطريقة سرد مسرحية، وهى طريقة جديدة ومتميزة، تجسد المواقف والأحداث وتضع القارئ فى مواجهة الموقف كأنه كان أحد المشاركين به، كل هذا بأسلوب الحكيم الفنى المبدع.


خطر للمؤلف أن يضع هذه السيرة على هذا النحو الغريب، فعكف على الكتب المعتمدة والأحاديث الموثوق بها واستخلص منها ما حدث بالفعل وما قيل بالفعل، فحكى السيرة النبوية للنبى محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وجسد حياته فى صور ومواقف من لحظة ميلاده مرورا بنشأته، ومنها إلى غزواته وصحابته، ثم الانتهاء بوفاته صلى الله عليه وسلم.


ورغم أن الغالبية من الدارسين نصحوا بعدم اعتبار الكتاب مصدرا من مصادر دراسة السيرة، لعدم التزامه الحرفى والدقيق بأحداثها، والتركيز على بعض الأحداث والمرور بسرعة على غيرها أو عدم ذكر أحداث من الأساس، فإن أسلوب الكتاب الحواري، يجعل القارئ ينتقل بفكره وروحه ليعيش فى عصر النبوة بين الصحابة وزوجات الرسول، دون ملل أو كلل من القراءة.


وحاول الحكيم أن يحمل القارئ ليتمثل كل ذلك؛ كأنه عاصره ودارت أحداثه أمام عينه، وحافظ على عدم التدخل بأى تعقيب أو تعليق على أحداث السيرة، تاركا فقط الوقائع التاريخية، ترسم بنفسها الصورة.


وقسم الحكيم كتابه إلى مناظر على طريقة الكتابة المسرحية، ننقل جزءا من أحد مناظر السيرة عن ميلاد النبي، لتوضيح طريقة وأسلوب الكتاب:


«عبد المطلب بجوار الكعبة»
امرأة: تجرى نحوه تصيح .. أبشر ياعبد المطلب أبشر ..!!
عبد المطلب: ماذا؟
المرأة: جاءت امرأة بولد .. لا ككل الولدان!
عبد المطلب: ولد؟
المرأة: لقد نظرت وهو يخرج منها أن قد خرج منها نورا رأت به قصور بصرى من أرض الشام!
عبد المطلب: (فى فرح) إنها والله كالرؤيا التى رأيت .. هلمى بنا!
المرأة: أى رؤيا؟


عبد المطلب: ألم أر فى منامى أن سلسلة من فضة خرجت من ظهرى لها طرف فى السماء وطرف فى الأرض، وطرف فى المشرق وطرف فى المغرب، ثم كأنها شجرة على كل ورقه منها نور، وإذا بأهل المشرق والمغرب كأنهم يتعلقون بها ويحمدونها ..!
المرأة: فلتسم المولود محمدًا
عبد المطلب: نعم، ولألتمس له المراضع
المرأة: هلم .. فانظر إليه
ثم يذهبان مسرعين ..