الخميس 26 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

د.فاطمة سيد أحمد تكتب: مصر بين الأزمة الحمساوية فى رفض المبادرة المصرية




والحساسية السودانية فى العلاقات المصرية - الإثيوبية


إفطار وزير الخارجية سامح شكرى يوم الخميس الماضى مع رؤساء تحرير الصحف كان فتح شهية للمعلومات والحقائق التى أدلى بها الوزير عن الأجندة المصرية للقضايا الخارجية وقام بدوره بالإجابة عن أسئلة الصحفيين  بشقين أحدهما عام والآخر هو الأهم بـ«هذا ليس للنشر» ومع احترامى لهذا المعنى فإن ما قيل فى هذا اللقاء لا يمكن إغفاله.
تناول الحديث الأزمة الحمساوية فى رفض المبادرة المصرية ومثلت الضغط على مصر من واقع المواقف الإخوانية ـ القطرية ـ التركية لإفشال مبادرة مصر ومحاولة إبعادها عن دورها الريادى وإعلاء صوت التيار الدينى لتسليم المنطقة العربية تسليم مفتاح له وإهدار الدولة المركزية المصرية التى هى رمانة ميزان المنطقة وعمودها الفقرى.. ويريد المثلث الإخوانى ـ القطرى ـ التركى أن تصل بلدان المنطقة بأكملها إلى ما آلت إليه ليبيا وسوريا والعراق والحقيقة كما رواها وزير الخارجية شكرى فى أزمة غزة هى الأهداف  غير المعلنة بمعنى أن العلاقات الفلسطينية ـ الفلسطينية طرف أساسى فى هذه الأزمة والمقصود هو الاستقطاب الذى أقره القائمون على رأس الدولة هناك واقتسام السلطة فيما بين فتح السلطة الشرعية والتى انزوت فى الضفة الغربية ولم يعد لها أى وجود فى قطاع غزة والطرف الآخر حماس واستحواذها على مقاليد الأمور فى القطاع.. المثلث السابق يبذل قصارى جهده فى دخول حماس بشكل  أكثر عمقا الصراع على السلطة مع أبومازن وحكومته ومحاولة الإطاحة بفتح ووضع يد مشعل وهنية وجماعتهما على الضفة الغربية وضمها لغزة ليرتفع رصيد حماس لتدهور حالها بعد النشوة المزيفة التى انتابت قيادات حماس بعد رفعهم على أكتاف محمد مرسى وإخوانه أثناء العام البائس الذى حكموا فيه مصر.. ويذكر شكرى أن مسألة اللعب بأن هناك قصورا فى الموقف المصرى غير صحيح بالمرة وأن الأطراف التى تدعى هذا تعلم جيدا أن مصر تتصدى بقوة لحماية الشعب الفلسطينى وأنها تضع نقاط تفاهم كثيرة بين فتح وحماس من خلال طرح هذه المبادرة المتوازنة وإذا خلصت النوايا سيتم التوافق للوصول إلى مصلحة مشتركة من أجل الشعب الفلسطينى فى غزة ولكن مايحدث هو الهجمة الشرسة من مثلث الشر لوأد هذه المبادرة حتى لا تكون مصر فاعلة كعهدها مرة أخرى ولكن شكرى يؤكد أن مصر ستستمر فى دورها بحكم الجغرافيا وقدرتها على التعامل والتأثير على إسرائيل التى تريد الاحتفاظ بعلاقة طيبة مع مصر وحماية اتفاقية السلام والبقاء على الوضع القائم بينهما.. وقال شكرى: إن تقييم المبادرة بأنها نجحت أو فشلت ليس هو المهم ولكن المساعى على قدم وساق لوقف العائد السلبى المترتب على رفض المبادرة وأن جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى قام بالاتصال عدة مرات وأن مكالمتين منها كانتا يوم الأربعاء وأخرى صباح الخميس الماضيين واستمرت الأخيرة لمدة 40 دقيقة وأيضا وزراء خارجية كل من ألمانيا وفرنسا وأيرلندا واليونان وإيطاليا يريدون تعضيد وتفعيل المبادرة المصرية وأن هذا دليل على أن المجتمع الدولى يعود للتعامل مع مصر ودورها بشكل لائق ليس فيه تعال أو غرور كما كان من قبل، أما الطرف الرافض للمبادرة وهو حماس ومعها المثلث الإخوانى القطرى التركى فيريدون ابعاد مصر عما تقوم به فى إطار إيجاد مصلحة عربية قومية متجاوزة من أساء إليها وقال شكرى: إن المبادرة المصرية لم تعرض على الجامعة العربية إلا فى الاجتماع التشاورى وأن الجميع دعمها ما عدا وزير خارجية قطر الذى تبنى المنهج العقائدى الذى تريد حماس طرحه ولا يضع فى هذا المصلحة العامة للشعب الفلسطينى سواء كان بإرادته أو بأطراف غيره تريد إجحاف شروط لا يمكن قبولها مثل تدويل الشريط الحدودى وهو الشرط الذى تمسك بأطرافه حماس وأيضا الفصائل الأخرى بغزة لها رؤية فى إدارة القطاع أهمها إلغاء الاحتجاز الإدارى الذى تقوم به إسرائيل بشكل تعسفى فى حق الشعب الفلسطينى وقياداته السياسية فى هذا الإطار.. وأكد شكرى أنه لو شرط الاحتجاز هذا قامت بقبوله إسرائيل يكون كافيا إلى حد كبير لأن تقبله الفصائل الفلسطينية بأكملها وأيضا مسألة المعابر وهى فى مجملها خارج معبر رفح المصرى ولكن حماس تتصور أنها تقدر تدخله ضمن شروطها لأن معبر رفح هو مصرى 100٪ لا يقاسمه فيه أحد ونقوم بفتحه للحالات الإنسانية ومساعدة الشعب الفلسطينى لأن مصر عمرها ما كانت ضالعة فى حصار غزة كما تريد أن تصور حماس.
وانتقل شكرى فى حديثه لرؤساء التحرير عن العلاقات المصرية ـ الإفريقية وقال إن البعض يصف ما حدث من تصدعات فى هذه العلاقة التى كانت قوية هو نوع من الاستعلاء لمصر عن الجوار الإفريقى ولكن هذا ليس صحيحا فإن ما حدث هو «إهمال» وليس استعلاء وساعد على هذا أن صعوبة العيش فى هذه الدول جعل بعض السفراء يشعرون بأنهم يعاقبون بالذهاب إليها.. وعن سد النهضة قال شكرى: إن هناك حساسية سودانية فى هذا الملف لأن الخرطوم قدمت نفسها كحكم أو وسيط بين مصر وإثيوبيا وهى فى الحقيقة طرف فى الملف وعندما انتهى البيان المشترك عن الانعقاد الأخير للجنة المشكلة من أجل سد النهضة وكان المفروض أن تعقد اللجنة القادمة خلال 8 شهور فى مصر اعتبرت السودان أن هذا بمثابة إقصاء لها وبالتالى اقترحت مصر أن يكون انعقاد اللجنة بالخرطوم حتى تثبت حسن النوايا.. وختم شكرى حديثه الممنوع من النشر بأن مصر هى العمق الاستراتيجى للوطن العربى ومن هذا المنطلق فإن أصدقاء وأشقاء مصر يريدون دعمها فى شكل مؤتمر لدفع الاقتصاد المصرى وهو ما أطلق عليه مؤتمر «المانحين» ولكن مصر رفضت هذا وأكدت أنها فى حاجة إلى شركاء يستثمرون على الأراضى المصرية وأنها لا تقبل أن تمد يدها حتى ولو كان للأشقاء.