الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المصريون أول من علموا العالم «الثورة»




لمصر تاريخ طويل فى الثورات أثبت من خلالها الشعب المصرى أنه شعب يتميز بالصبر، والتريث، وليس شعباً «مسالماً، خانعاً» يرضى بالذل، ويصمت على العار والهوان، وينام على الضيم. فقد أثبتت الأحداث عبر التاريخ ان الشعب المصرى تجاوز كثيراً ما حل به من كوارث، تلمساً لطريق النجاة، وبعد فيض الكيل يتجه إلى الخلاص.. خلاص ليس له طريق سوى الثورة وتغيير الأمر الواقع.

ومصر عبر تاريخها الطويل، تواكب على حكمها فراعنة، وملوك، ورؤساء.. تألب على أرضها الطيبة الغزاة والفاتحون.. كان شعبها يوالى الصالحين من الحكام، وينبذ الطالحين.
ويذكر التاريخ أن أول حركة قومية يمكن ان توصف بأنها «ثورة» كانت فى عهد الملك بيبى بسبب طول فترة حكمه التى اقتربت من مائة عام قبل الميلاد  فنتيجة ضعف الحكومة بدأت الناس تضجر وتمل، واندلعت ثورة اجتماعية بسبب ضيق ظروف المعيشة وتركز كل الثروات فى يد حاشية الملك والكهنة وكبار رجال الدولة.
فقد قام المصريون بعمل اضراب عام شمل البلاد لكى يشل حركة الاقتصاد لاجبار الملك على تنفيذ مطالب الشعب واطلق على تلك الثورة ثورة الجياع.
وكان المتظاهرون يعتصمون فى أكبر معابد مصر لكى يلفتوا النظر اليهم،  ويقومو ببعض الاعمال التى من شأنها اجبار الملك على سماع مطالبهم كزلزلة بوابة المعبد والعصيان المدنى.. هى تلك الحركة التى تزعمها ثلاثى فراعنة الأسرة السابعة عشرة والتى كان هدفها طرد «الهكسوس» من مصر، بعد أن حكموها ما يقارب القرنين من الزمان.
وفى عهد الأسرة العشرين، غزت القبائل القادمة من الشرق، والقبائل حليفتها القادمة من الغرب، أرض الدلتا واستقرت فيها مدة من الزمن ولكن السكان ثاروا عليهم، وتم إجلاؤها عن مصر إلى الشرق والى الغرب، فى أواخر القرن الثانى عشر قبل الميلاد، وكانت هذه الثورة الثانية صورة مصغرة للثورة الأولى على الهكسوس.
وفى القرنين السابع والسادس قبل الميلاد، كانت مصر مسرحا لحوادث لم يذكر التاريخ مثيلا لها فى بلد آخر.. وأثناء فترة الاحتلال العثمانى لمصر، تعد الحملة الفرنسية على مصر التى استمرت لثلاث سنوات» الفترة 1798-1801، أبرز الأحداث فى التاريخ الحديث التى فجرت غضب المصريين، فقد شهدت تلك الفترة القصيرة ثورة المصريين بضع مرات انتهت بزوال الاحتلال. بعدها ثار المصريون وجاءوا بمحمد على حاكما عليهم.. وثاروا أيضاً بعد قرن ونصف القرن ليطردوا حفيد حفيدة الملك فاروق عن العرش، كما عمدوا مرارًا فى خلال هذه المدة الطويلة إلى التعبير عن امتعاضهم أو غضبهم أو استنكارهم، لما كان يقدم عليه أفراد الأسرة الحاكمة من أعمال تعسفية.
أما الثورة التى كانت عواقبها خطيرة، فكانت ثورة الجيش المصرى بقيادة احمد عرابى، عامى 1881 و1882فقد كان سبب هذه الثورة إيثار العناصر غير المصرية على العنصر المصرى فى سلك الجندية، وفى سلك الإدارة على السواء، ومما يثير الدهشة أن المصريين الذين ثاروا على الترك ليأتوا بمحمد على، ثاروا على حفيده توفيق لأنه كان يفضل عليهم الترك وغيرهم فيخصهم بالوظائف والمناصب والرتب والعطايا.لكن الثورة التى لم تقم على أساس من التنظيم، منيت بفشل ذريع إذ أعقبها احتلال بريطانى لمصر دام لأكثر من سبعين عاماً احتلالا جثم على صدور أبناء الشعب المصرى وعمد إلى تخلف المجتمع ومعاملته بسخرة بغيضة.
وشهد القرن العشرين ثورتين غاية فى الأهمية، فقد اندلعت ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول زعيم الحركة الوطنية المصرية.. ثورة شعبية استمدت روحها من نضال زعيمين عظيمين قادا بدايات الثورة ضد المحتل البريطاني، وأثارا شعور المصريين فى التطلع نحو الحرية والعدالة، لقد كان كل من مصطفى كامل، ومحمد فريد، بمثابة الشعلة التى أنارت الطريق لثورة 1919 بقيادة زعيم الأمة سعد زغلول احتجاجاً على المعاملة القاسية التى عانى منها المصريون من قبل الاحتلال البريطاني، وكان أبرز نتائجها إلغاء الأحكام العرفية التى كان يحكم من خلالها الانجليز مصر، والوعد بحصول مصر على الاستقلال بعد ثلاث سنوات، مقابل إبقاء قوات بريطانية فى مصر.
وفى عام 1952 كانت أهم الثورات المصرية على مر العصور.. ثورة بيضاء نجحت فى تغيير وجه التاريخ المصرى تماماً، ثورة الجيش المصرى التى نقلت مصر من عهد الملكية إلى عهد الجمهورية. ثورة أيدها الشعب المصرى بكل قوة، وتفاعل معها ومع ما صدر عن رجالها من قرارات غيرت وجه الأحداث فى البلاد.
وفى حقبة حكم الرئيس الراحل أنور السادات، شهد عام 1971 تصحيحاً ذاتياً، أو بمثابة ثورة داخل الحكم أقصى بموجبها السادات ما سمى بمراكز القوي، فانطلق الشعب لتأييده، قبل أن يثور الشعب فى يناير 1977 على قرارات رفع الأسعار فتراجع السادات عن قراراته هذه نزولاً عن رغبة الشعب.
وشهدت بدايات القرن الواحد والعشرين ثورة يناير 2011.. ثورة ثار فيها الشعب على نظام الرئيس مبارك الذى حقق بعض الانجازات الداخلية المحدودة طيلة ثلاثين عاماً من الحكم، مقابل انتشار الفساد، والرشوة، والمحسوبية، والقهر، والعديد من الأمراض الاجتماعية كالفقر، وتدنى الخدمات التعليمية والصحية، والنقل، فضلاً عن انتشار العشوائيات، والاستخدام المفرط للقوة من قبل رجال الشرطة ضد فئات الشعب محتمين باستمرار العمل بقانون الطوارئ طيلة ثلاثين عاماً.
وفى عام 2013 قامت ثورة30 يونيو عندما خرجت جموع المصريين تهتف بسقوط نظام الاخوان وشهدت تلك الثورة وقوف القوات المسلحة المصرية بجانب جموع الشعب المصرى وادى ذلك لسقوط نظام الإخوان.