الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

القضاء الإدارى ينتصر لـ«الأمومة والطفولة»




كتبت ـ وفاء شعيرة وكفر الشيخ - محمد الأسيوطى

انتصرت محكمة القضاء الإدارى بكفر الشيخ برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى ـ نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة للأمومة والطفولة للأم المصرية والطفل، وأرست مبدأ جديدًا لصالحهما، إذ أجازت لها الحصول على إجازة رعاية طفلتها ولو كانت وحيدة من دون إخوة لثلاث مرات طوال حياتها الوظيفية، من دون ارتباط الإجازة بعدد الأطفال، وحظرت على المحافظين التعرض للحقوق الدستورية للمرأة فى مجال رعاية الطفل، وأعدمت قرار محافظ كفر الشيخ بإنهاء خدمة إحدى الطبيبات لطلبها إجازة بدون أجر لرعاية طفلتها للمرة الثالثة.
وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عبد الحميد متولى وزكى الدين حسين نائبى رئيس مجلس الدولة، بوقف تنفيذ قرار محافظ كفر الشيخ بتفويض وكيلة وزارة الصحة بإنهاء خدمة الطبيبة هدى فتحى البيومى طبيبة الأطفال بمستشفى كفر الشيخ العام، باعتبارها قائمة بإجازة وجوبية لرعاية طفلتها لمدة ثالثة، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام محافظ كفر الشيخ بتمكين الطبيبة من استلام عملها بالمستشفى، باعتبار أنه لا يجوز له تعطيل الحق الدستورى المقرر للمرأة لرعاية الطفل وألزمت محافظ كفر الشيخ بالمصروفات.
قالت المحكمة: إن الالتزام الدستورى الملقى على عاتق جميع السلطات والهيئات بالدولة لرعاية الأسرة، يوجب عليها المبادرة فورًا إلى الموافقة على منح الأم العاملة إجازة خاصة بدون أجر لرعاية طفلها لمدة سنتين ولثلاث مرات طوال حياتها الوظيفية، ودون أن يتقيد هذا الحق بعدد الاطفال أو بعدد الطلبات، فهذه الإجازة لا ترتبط بعدد معين للأطفال، فيمكن للمرأة أن تحصل عليها ولو لطفل وحيد لمدة أقصاها سنتان ولثلاث مرات طوال حياتها الوظيفية، لأن حكم القانون جاء عاما دون تخصيص بعدد معين للأطفال ولا يجوز للمحافظ تخصيصه، وأيا كانت مرحلته السنية حتى قبل بلوغه ثمانية عشر عاما، وأن القيد الوحيد لممارسة هذا الحق هو رعاية الأم لطفلها والمنوط بها وحدها تقدير ملاءمات هذه الرعاية، فإذا ما رتب المحافظ اعتبار الأم منقطعة عن العمل بالمخالفة للواقع والقانون بحسبانها قائمة بإجازة وجوبية، فإن قراره بالتفويض بإنهاء خدمتها يكون غير مشروع ويقع مخالفا لأحكام الدستور ومتعارضا مع المواثيق الدولية الكافلة لذات الحقوق.
وأضافت المحكمة أن المشرع الدستورى ألزم جميع الجهات الإدارية فى مصر بالموافقة على حصول المرأة العاملة فى الدولة أو القطاع العام أو قطاع الأعمال العام على إجازة بدون أجر لرعاية طفلها، وهذه الإجازة لا تعد منحة من المحافظ إن شاء منحها وإن رغب منعها بمحض سلطته التقديرية، وإنما تعد حقا للأم العاملة تستمده من القانون مباشرة متى توافرت شرائطها آخذًا بالاتجاهات الحديثة التى كشف عنها التطبيق الفعلى واقتضاء لتنفيذ أحكام الدستور فى شأن رعاية الاسرة ورعاية الأم العاملة لأطفالها، ومن ثم يتوجب على المحافظ أن يقبل على سبيل الإلزام لا التخيير الطلب الذى تقدمه الأم لحصولها على تلك الإجازة ثلاث مرات بغض النظر عن عدد أطفالها.  
وأكدت المحكمة أن توقيت اختيار إجازة رعاية الطفل يرجع فقط للأم وحدها باعتبارها القائمة على أمر تربية الاطفال وتقرير مدى حاجتهم الفعلية لها منذ الولادة حتى الثانوية العامة قبل بلوغهم الثامنة عشر ولا يجوز للمحافظ الحلول محل الأم فى اختيار وقت الحصول على تلك الإجازة، وليس له أدنى اختصاص فيه، وإلا يكون ذلك تغولا منه على حقوق الأسر وأدق خصوصياتهم وتعنتا ضد الأمهات العاملات، وهو ما يؤثر سلبا على الأسلوب التربوى للأطفال وينال من تنشئتهم التنشئة الصحيحة، وبهذه المثابة، فإن أمر تقدير توقيت الحصول على تلك الاجازة يرجع للأم ذاتها تقدره بكامل سلطانها بحسبانها الأقدر على تحديد احتياجات طفلها فى واقع الحياة وهى أقرب ما تكون إليه.  
واختتمت المحكمة حكمها المستنير بأن المشرع الدستورى ألزم الدولة بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا، كما جعل لكل طفل حق الرعاية الصحية والأسرية والتغذية الأساسية والمأوى الآمن والتربية الدينية والتنمية الوجدانية والمعرفية، وكل ذلك تشارك فيه الأم بنصيب الأسد، وإلزم الدولة كذلك برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة، ومن ثم لا يجوز للمحافظين تعطيل الحقوق الدستورية المقررة لحماية الأمومة والطفولة، وإلا عُد ذلك افتئاتا منهم على احكام الدستور، وبما يناقض الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التى وافقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة بجلستها المنعقدة 20 نوفمبر 1989 والتى أسرعت مصر بالتصديق عليها.