الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عضو سابق: الإخوان مجرد طائفة ضحيت من أجلها كثيراً واكتشفت ان المسئول عنها رجل فاسد




إذا كان الإخوان المسلمون قد ظلوا الفاعلين الأكثر هيمنة على الإسلام فى أوروبا، فإنهم يعانون اليوم من فقدان متزايدد لمصداقيتهم عند الشباب المسلم؛ بسبب تخفيفهم نبرة المعارضة التى كانوا يتمتعون بها لصالح علاقات زبونية مع الحكومة. لقد كان موقف «اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا» من مسألة العلامات الدينية عام 2003 متخاذلاً جدًا ومترددًا. كما حسمت الفتوى الخاصة بالعنف الحضرى التى أطلقها الاتحاد أثناء المظاهرات التى اندلعت فى نوفمبر عام 2005؛ حيث جُرِّم فيها المتظاهرون على أساس انتمائهم المزعوم للإسلام، حسمت تلك القطيعة مع القاعدة. ويحاول الاتحاد أيضًا نفى تلك الأحكام عنه من خلال تطوير خطاب معادٍ للوهابية يهدف لتخفيف مواقفه المتشددة من جهة، وتقليص تبعيته للإخوان المسلمين من خلال تطوير خطاب جمهورى حول بعض القيم الرمزية مثل المواطنة من جهة أخرى.

وفى إطار المنطق نفسه، يسعى «اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا» إلى الترويج لإسلام مدنى من خلال المواءمة بين «النص القرآنى والسياق». ووفقًا للكاتب جيل كيبيل، فإن «تلك التصريحات تهدف إلى إظهار انضمامهم للخطاب السياسى الحالي». ويتماشى هذا الانخراط فى الخطاب السياسى الغربي، فى الوقت نفسه، مع تغير موقف الإسلاميين المعتدلين من الديمقراطية فى أوائل التسعينيات؛ حين ضاعف حزب العمل الذى كان يرأسه عادل حسين فى مصر، وحركة الاتجاه الإسلامى لرئيسها راشد الغنوشى من تصريحاتهما عن مدى التوافق الجوهرى بين الإسلام والديمقراطية. وهذا ما يشير إليه تحليل ازدواجية الخطاب؛ حيث يصدر «اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا» خطابًا حول الاندماج والمواطنة وإقرار القيم الجمهورية بهدف الظهور بمظهر الشريك «الدائم» للسلطات العمومية. ويرى الإعلام والرأى العام وبعض الأساتذة أن تلك التصريحات ليست صادرة عن قناعة وإنما هى أداة وإستراتيجية يستخدمها الاتحاد للوصول إلى أهدافه.
إن نموذج الاندماج السياسى للإسلاميين- بموافقة من السلطات العمومية- هو بمثابة لعبة ماهرة من «الاندماج الذاتي» و«الاستبعاد الذاتي» والتى يمارسونها داخل المنظمات المعنية بالعقيدة الإسلامية؛ فكما يرغب هؤلاء فى الظهور كفاعلين دائمين وعنصر من عناصر الاستقرار فى نظر المنظمات الأخرى والدول الأوروبية والرأى العام، فهم يرغبون أيضًا فى طمأنة قاعدتهم المنجذبة للطابع الاحتجاجى لأيديولوجيتهم. سيكون الهدف إذن هو بناء قوة استقرار سياسية وغير مثيرة للقلاقل، مع إمكانية الحفاظ على قوة المعارضة، لذلك سيتعلق الأمر بجمع الأصوات خارج قاعدتهم الأصلية وإقامة تحالفات ضرورية من أجل تحقيق نتائج أفضل، بل والفوز بانتخابات «المجلس الفرنسى للديانة الإسلامية» إلى جانب منظمات دينية لا تنتمى إلى حساسيات إخوانية. على هذا النحو، تحالفت قائمة «اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا» مع حركة «ميلى جورش» التركية و«الفيدرالية الوطنية لمسلمى فرنسا» (FNMF) من أجل الفوز برئاسة المجالس الإقليمية للديانة الإسلامية بمقاطعة بورغون.. هكذا، وبدخولهم فى تحالفات حزبية وانتخابية وبتخليهم عن فكرة امتلاكهم الحقيقة الدينية المطلقة نجحوا فى تطوير ثقافة التوافق السياسي. وقد مكَّنهم الخطاب الموالى للنظام السياسى من التفاوض على دخولهم الساحة السياسية بشكل سلمي. وبفضل لجوئهم لأساليب سياسية «محايدة» وشرعية، فهم يبدون بمثابة تعبير عن التيار السياسى والاجتماعى المحافظ.
بخروجهم من عباءة الثورة الدينية أصبحوا ينتمون «الديمقراطية الاجتماعية»، ومع تبنيهم رؤية سياسية تقدمية، فهم لا يطعنون فى إطار الدولة ولا فى النظام السياسى السائد. وباتخاذهم الشكل المؤسسي، فقد أصبحوا، أو أنهم يطمحون أن يصبحوا منظمات إسلامية معترفًا بها على غرار مسئولى مسجد باريس الكبير، أى أن يصبحوا قادرين على إدارة الشأن العام بطريقة توافقية وإصلاحية. لقد تحولت اليوتوبيا الثورية التى كانوا يتسمون بها، عند مواجهتها بحقيقة إدارة العقيدة الإسلامية، تدريجيًّا إلى أيديولوجيا مبنية على شكل ما من أشكال الاتجاه المحافظ.
يوافق هذا التطور عملية تنميط خضع لها الإخوان. فباستمرار تواجدهم واستقرارهم بالمؤسسات أخذت الروح الثورية التى كانت تميز خطابهم والحركة الإخوانية فى السابق تخبو وتضعف يومًا بعد يوم. فيما تبقى لهم الضروريات العملية للإدارة اليومية العادية ومنها إدارة الشئون الاقتصادية والعلاقات مع السلطات العمومية. تضاف للبيانات المتعلقة بعملية التحول المؤسسي، نتائج مفاوضاتهم مع المؤسسات العامة (مثل وزارة الداخلية، والمحليات...)؛ بهدف الاندماج والحصول على الاعتراف بهم. لقد استطاعت حركات المعارضة الدينية تلك، والتى ظهرت فى الستينيات والسبعينيات على هامش المجتمع الأوروبي، أن تتخطى فى عشرين عامًا المخاوف التى كانت تثيرها تلقائيتهم الراديكالية وطابعهم الثورى لدى السلطات الأوروبية. كما تمكنت، بفضل إمكاناتها الكامنة من فرض نفسها كممثل أساسى للجاليات الإسلامية ممن أنهكتهم الكيانات التى فشلت فى تحقيق تطلعاتهم. إن هذا النجاح المؤسسى لا ينفصل عن اكتسابهم للحكمة والهدوء الذين هنكاهم من أن يلعبوا اليوم دور الوسيط بين المؤسسات والمسلمين.
إن «الديمقراطية الاجتماعية» التى تبنتها تلك الحركات دفعتها إلى تطوير أشكال من النضال أكثر علمانية. ولأن استدعاء المرجعية الاسلامية وحدها يظل مكلفًا دومًا وغير منتج بالنسبة لحركات تسعى لنيل الاعتراف بالمسلمين اجتماعيًّا، شرع جزء من الشباب فى إعادة التفكير فى مكانة الدين فى حياتهم وفق منهج «معلمن» إن لم يكن علمانيًّا بالفعل. فلم يعد الفرع الطلابى لـ«اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا» بباريس ينظم مؤتمراته عن الممارسات الإسلامية، وإنما عن الأقليات النشطة، وعن التدخين... إلخ. وتمتنع مؤسسة «الفجر»- القريبة من «اتحاد شباب المسلمين»- منذ عام 2001م، على سبيل المثال، تمتنع عن الحشد الديني، ولم تعد ترغب فى التقرب من «اتحاد شباب المسلمين»؛ لتركز جهودها على برنامج يتضمن بنكًا للطعام ودعمًا مدرسيًّا وتنظيم نزهات نهاية الأسبوع. ومن ناحيتهم، ترك كوادر الإخوان المسلمين العمل فى إطار الجمعيات لصالح العمل على المستوى الوطني، وأحيانًا للانضمام إلى الحركة المناهضة للعولمة، فى حين يقر بعضهم بأن «تسييس الإسلام يعد كارثة»، كما جاء على لسان أحد قادة الحركات الشبابية بمدينة ليون.
أزمة نضالية.. إنهاك المناضل
يثير النظام البيروقراطى وثقافة السرية التى يتبعها الإخوان المسلمون جدلاً شديدًا. فالشباب الأوروبى المولود فى أوروبا يرفض هيمنة المهاجرين المغاربة من ممثلى الإسلام السياسى على إدارة الحركات الإسلامية على حساب المسلمين الذين نشأوا فى أوروبا، بل وسيطرتهم على جميع المناصب القيادية وعجزهم عن تحديث خطابهم. كما يؤكدون العلاقات الوثيقة التى كانت تجمع بعض الكوادر بنيكولا ساركوزى عندما كان وزيرًا للداخلية، بالإضافة لاستيائهم من تخاذل الإخوان عند التصويت على قانون منع الحجاب فى المدارس عام 2004، وموقفهم المتحفظ حيال الرسومات الدنماركية المسيئة للرسول عام 2005. لقد خبا الحماس الذى بثته هاتان المنظمتان والوعود بتغييرات جذرية فى التسعينيات تدريجيًّا بحلول الألفية الجديدة.
إن العمل داخل تلك الحركات قد كلف الشباب كثيرًا؛ فالعديد من الطلاب المسلمين بفرنسا قد عانوا من تبعات انخراطهم فى تلك الجمعيات على مستقبلهم الجامعي. يقول شرف الدين مسلم، الرئيس السابق لـ«اتحاد الطلاب المسلمين بفرنسا»: «أعرف الكثيرين ممن ناقشوا رسائلهم فى ظروف سيئة، والذين فقدوا أى أمل فى استكمال مشوارهم العلمي؛ لأن أساتذتهم كانوا يلومونهم لانتمائهم لحركتنا». ويخبرنا نبيل شهبون، الرئيس السابق لـ«اتحاد الطلاب المسلمين بفرنسا» بمدينة بوردو، بأنه شخصيًّا كان ضحية عمله الإسلامي: «لقد كنت رئيسًا للاتحاد فى بوردو لعدة أعوام وكان الجميع يعرفونني، موظفو الجامعة حتى الأساتذة، ولكنهم كانوا يعتقدون أن منظمتنا متشددة. وعندما أردت استكمال دراستى والحصول على شهادة الدكتوراه، رفض المشرف على الرسالة معللاً ذلك بانتمائى اتحاد الطلاب المسلمين بفرنسا». ووفقًا لناشط إسلامى آخر من أصل مغربى كان عضوًا فى جمعية للشباب قريبة من الإخوان المسلمين فى بورغون اتجه اليوم إلى العمل الفردي، فإن انتماءه لهذه المنظمات قد أفسد مستقبله كمعلم: «كنت طالب دراسات عليا بجامعة ديجون، وكنت ناشطًا قويًّا داخل المنظمة، وفى الوقت نفسه كنت أدرس الأحياء بهدف أن اتجه للتعليم. ونظرًا لأننى غير فرنسي، فقد تقدمت بطلب للحصول على الجنسية، لكن طلبى رُفض؛ بسبب انتمائى لمنظمة يعتبرونها خطيرة، ولم أتمكن من دخول المسابقات المطلوبة مما اضطرنى إلى التخلى عن طموحي». ويشرح لنا أحد الأعضاء السابقين أن تجربته مع الإخوان المسلمين قد غيَّرته كثيرًا: «الإخوان المسلمون هم طائفة. لقد كنت أضحى بكل وقتى من أجلهم، وقضيت عدة سنوات فى مجال الدعوة، إلا أننى اكتشفت فجأة أن المسئول رجل فاسد، فتركت كل شيء. لقد أنهيت زواجى وتركت مدينتى للعيش فى باريس، وأخضع الآن للعلاج النفسى».
الصدام الخفى
خلف توحُّد مسئولى الإخوان المسلمين، تكمن مواجهة خفية بين فئتى «الحرس القديم» و«التجديديين» فيما يتعلق بشكل وعمل التنظيم. فبينما يريد الفريق الأول الإبقاء على الوضع الحالي، يسعى الآخرون إلى القطيعة مع الثقافة الإخوانية منتقدين ثقل الأجهزة وثقافة السرية التى يتبعها «الحرس القديم». كما ينتقد الأعضاء شكل الانتقائية التى تؤدى إلى تكوين نوع من «الأرستقراطية النخبوية» الإسلامية. ساعد على ترسيخ هذا الانطباع اتجاه قيادات «اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا» إلى بناء علاقات المصاهرة فيما بينهم؛ على سبيل المثال، فإن حسن إقيوسين الداعية داخل المنظمة، هو صهر طارق أوبرو، عضو مجلس الإدارة وإمام المسجد الكبير ببوردو؛ وبشير بوخزر الذى يشغل منصب مدير قسم الاتصالات، هو صهر فؤاد عَلَوى سكرتير عام الاتحاد. من الضرورى فى نظرهم إعادة تقييم الثقافة الإخوانية؛ حيث معارضة الانخراطات الفردية، ونزع القداسة عن التنظيم، ورفض التركيبة الهرمية.
هذا الصراع قاد عددًا من الإخوان المسلمين إلى ترك التنظيم، منهم: شرف الدين مسلم (مدير رابطة المسلمين بمقاطعة جيروند)، وفريد عبد الكريم (المدير الفنى لـ«اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا»، وعمرو مارونجيو (عضو مؤسس بمنظمة الشباب المسلمين بفرنسا). وقد أعلن هؤلاء وغيرهم رفضهم لثقافة السرية التى تتبعها الجماعة، وطريقة عملها التى يعتبرونها شديدة الـ«ستالينية»، داعين إلى تطهير التنظيم الإخواني.
تنظيمات موازية
 طريقة عمل الإخوان التى لاقت رفضًا متصاعدًا من قِبَل القاعدة أدت إلى انفصال بعض الشباب الذين انضموا إلى تنظيمات موازية على نحو «تجمُّع مسلمى فرنسا» الذى يمثل نوعًا من البديل للمحبطين. وقد ازدادت حدة هذا الانقسام بين القيادات والقاعدة بعد تأسيس «اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا»، فالخلاف بين الفروع الشبابية للاتحاد (الطلاب المسلمين بفرنسا وشباب المسلمين بفرنسا) والقيادات فى المركز يتزايد يومًا بعد الآخر، بالإضافة إلى معارضة بعض القيادات الشبابية فى الجمعيات للاختيارات الأيديولوجية للمسئولين فى التنظيم. وإثر هذا الخلاف، لم يرُقْ للاتحاد انضمام الجمعيتين الشبابيتين المذكورتين لتجمُّع «مدرسة للجميع» المعارض للقانون حول العلمانية الذى يقضى بمنع الرموز الدينية الظاهرة، فى حين كان موقف الاتحاد من هذه القضية أكثر ترددًا.
يضاف إلى كل هذه الأزمات التى يجتازها الإخوان أزمة مالية. فبعد فترة الانفراج التى كان يعيشها الاتحاد فى الثمانينيات والتسعينيات - حين كانت «الرابطة الإسلامية العالمية» وبعض الرعاة الأغنياء فى الشرق الأوسط يمولون أنشطة الإخوان وجماعات التبليغ دون حساب - أصبح الممولون أكثر حرصًا ومراقبةً لما ينفقونه من أموال بعد ارتكاب قيادات الاتحاد أخطاء عديدة ذات طبيعة تجارية؛ فقد مرت مؤسسة «لو جيديس» المُكَلَّفة بتسويق منتجات دينية لصالح الاتحاد بضائقة مالية حقيقية، والمؤتمر السنوى الكبير الذى ينظمه الاتحاد بمنطقة البورجيه لم يعد يدر أرباحًا منذ عدة أعوام بالرغم من إقبال الجمهور. وبالإضافة إلى ذلك، فإن السعوديين الذين كانوا الممولين الرئيسيين للإخوان المسلمين فى أوروبا قد شدَّدوا من شروط تلقى التمويلات منذ هجمات 11 سبتمبر 2001م.
تكلفة غير مجدية
يحاول الإخوان المسلمون، بالرغم من الأزمات التى يمرون بها، الظهور كنشطاء دينيين فاعلين على الساحة السياسية الأوروبية، فقد أصبحت المرجعية الإسلامية وحدها مكلفة وغير منتجة بالنسبة لمؤسسات تسعى لنيل الاعتراف بالمسلمين اجتماعيًّا. وفى هذا السياق، يلجأ البعض لأساليب أكثر علمانية للنضال؛ بحيث يسعى شباب المهاجرين لفرض أنفسهم على الساحة السياسية خارج الإطار الديني. ومنذ عدة أعوام، وضع الإخوان المسلمون ثلاث استراتيجيات؛ من أجل تحديد مكانتهم فى الحياة السياسية الأوروبية هى: «الزبونية» على المستوى المحلي، و«الإقحام» على المستوى الوطني، و«تشكيل جماعات الضغط» على المستوى الأوروبي. سيصبح التحدى بالنسبة لتلك المنظمات الناشطة من الآن فصاعدًا هو ايجاد إمكانات جديدة لإظهار تدينهم فى الفضاء العام دون أن يُفسَّر ذلك على أنه معارضة للقيم الأوروبية. وعلى المستوى الأوروبي، قرر الإخوان المسلمون منذ عدة أعوام نقل مقرهم من بريطانيا إلى بروكسل بهدف التقرب من المؤسسات الأوروبية وتشكيل جماعات ضغط.
الاستراتيجية الثانية التى طورتها الحركات الإسلامية هى «الإقحام». فلم يخفِ الفرع البريطانى للإخوان أثناء انتخابات المحليات الأخيرة علاقاته بحزب «العمل» (خصوصًا بعمدة لندن كين ليفينجستون)، وبحزب «الاحترام» اليسارى بلندن، وأيضًا بحزب «الخُضر» فى بريطانيا وويلز بجنوب إنجلترا. وقد ترشح أنس التكريتى، أحد مسئولى جماعة الإخوان ببريطانيا على قائمة حزب «الاحترام» فى انتخابات عام 2004 الأوروبية دون أن يتم انتخابه، بيد أن الاستراتيجية الجديدة يمكن أن تؤتى ثمارها؛ فهناك عضو سابق باتحاد الطلاب المسلمين بفرنسا يشغل حاليًّا منصب نائب عمدة «ران» بفرنسا، كما نجح أحد الإخوان المسلمين فى الانتخابات النيابية على قائمة «الخُضر» فى السريد. ولا يخفى فريد عبد الكريم، المقرَّب من «اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا»، طموحه فى الفوز بانتخابات المحليات المقبلة بمدينة نانت عام 2014م.
تحديات المستقبل
بالنسبة للإخوان المسلمين فى أوروبا، فإن الالتزام إنما يتأتى عبر أنشطة ومساعٍ سياسية على وجه التحديد (مثل الظاهرات، والعرائض، وحركات المقاطعة للمنتجات...) والتى يتم القيام بها فى إطار سياسى جدلي، أو عبر اتباع ديناميكيات تفاوض ونفوذ متبادل. وفى مواجهة السلطات الأوروبية، فإن هذا الإجراء سيستخدم الحوار والبراجماتية؛ وحينئذ يمكن أن نلاحظ ظهور مشاركة سياسية أكثر حيادية وهدوءًا عند شريحة كبيرة من النشطاء المسلمين؛ فهؤلاء الذين أظهروا اهتمامًا سياسيًّا فى وقت الأزمات الكبرى المتعلقة بالإسلام على نحو قضايا الحجاب والمآذن، فعلوا ذلك ليس عبر استدعاء المكون الديني، ولكن باللجوء إلى القانون من خلال السعى إلى قضائهم الوطنى والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.