الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بدأها الملك «سنوسرت الثالث» وطورها الرئيس «السيسى»




سجل التاريخ أن مصر هى أول دولة قامت بشق قناة مائية على وجه الأرض ولم تكن فكرة شق القناة وليدة التاريخ الحديث وعصر ديليسبس، بل إنه بمتابعة التاريخ المصرى القديم نجد أن فكرة ربط البحرين الأبيض المتوسط والأحمر بطريق مائى لاستخدامه فى عمليات التجارة ونقل البضائع بين الشرق والغرب، ترجع إلى عهد القدماء المصريين. ومن ذلك يتضح أن مصر هى أول دولة فى العالم فكرت وقامت بشق قناة صناعية لاستخدامها فى أغراض السفر والتجارة.
وترجع فكرة حفر قناة تربط بين البحرين الأبيض والأحمر إلى العصور القديمة، فكانت أولى المحاولات فى عام 1850ق.م فى عهد الملك سنوسرت الثالث احد أهم ملوك الأسرة 12 حيث انشأ أول قناة مائية تربط ما بين البحر الأحمر والبحر المتوسط عن طريق النيل سميت هذه القناة «سيزوستريس» وهى التسمية الإغريقية لـ(سنوسرت) وقد أدى إنشاء هذه القناة إلى ازدياد حركة التجارة بين مصر وبلاد بونت وجزر البحر المتوسط وبالأخص كريت وقبرص. وعندما فتح المسلمون مصر جدد عمرو بن العاص هذه القناة تنفيذا لأوامر الخليفة عمر بن الخطاب وسميت بقناة «أمير المؤمنين»، وفى رواية للمقريزى أكد أن السفن استطاعت أن تصل من الفسطاط إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة بعد أقل من عام على الفتح، ومجد الفيلسوف والشاعر الفرنسى المعروف فوليتير فضل عمر بن الخطاب على الملاحة بتجديده لهذه القناة الحيوية التى استمرت فى العمل نحو مائة وخمسين عامًا.
وعندما اكتشف البرتغال طريق رأس الرجاء الصالح تراجع دور مصر الاقتصادى حتى  جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر بقيادة نابليون بونابرت سنة 1798م فقامت الحملة بعمل دراسة لمحاولة  إنشاء قناة تربط البحر المتوسط بالاحمر، فقامت البعثة العلمية للحملة بوضع دراسات لهذا المشروع الذى كان العمود الفقرى فى البرنامج الاستعمارى الفرنسى لمصر، غير أن «ليبير» رئيس البعثة وقع فى خطأ علمى هندسى قال فيه بارتفاع مستوى البحر الأبيض عن البحر الأحمر.
وبعد تولى محمد على حكم مصر  عرض الفرنسيون عليه مشروع شق القناة، رفض محمد على باشا الكبير المشروع الفرنسى كما عرض عليه وقال: «لا أريد فى مصر بسفوراً آخر»، وبعد تولى سعيد باشا  الحكم نجح «فرديناند ديليسبس» فى إقناعه  بشق قناة السويس لتربط بين البحرين: المتوسط والأحمر، وكان لصداقته للوالى منذ الصغر أثر فى هذا الاقتناع، وكان سعيد باشا كما يصفه المؤرخون لين العريكة، سهل الانقياد، يضع ثقته فى الأجانب، فأصدر مرسومًا لصديقه الفرنسى فى سنة1854م بحق امتياز فتح القناة، ثم جدد له امتيازًا ثانيًا بعد ذلك بعامين، ووافق على قانون الشركة التى ستقوم بحفر القناة والإشراف عليها، وأهم ما جاء فى هذا القانون أن القناة ستكون حرة لجميع سفن العالم التجارية دون تمييز أو تحفظ بشرط دفع الرسوم المطلوبة والالتزام بالقوانين، وأن للشركة حق التمتع بالامتياز مدة 99 سنة ابتداءً من افتتاحها، وبعد انتهاء المدة تصير القناة ملكًا للحكومة المصرية.
فى 25 إبريل 1859 أقيم حفل بسيط ببورسعيد للبدء بحفر قناة السويس وضرب ديليسبس  بيده أول معول فى الأرض إيذاناً ببدء الحفر وكان معه 100 عامل حضروا من دمياط ولم يتمكن العمال بعدها من استكمال حفرهم بسبب معارضة إنجلترا والسلطان العثمانى لذلك توقف الحفر  واستكمل الحفر فى30 نوفمبر1859.
 وفى 15 أغسطس ضربت الفأس الأخيرة فى حفر القناة وتم اتصال مياه البحرين فى منطقة «الشلوفة»، وبلغ  إجمالى عدد العمال  ما يزيد على مليون عامل مصرى، ووبلغ عدد الذين توفوا من العمال أثناء الحفر أكثر من 120 ألفاً.
واقام الخديو إسماعيل حفلا أسطوريا دعا فيه أباطرة وملوك العالم وذلك للاحتفال ببدء عمليات الملاحة فى القناة  فى 16 نوفمبر 1869 وقد بلغ المدعوين للحفل اكثر من ستة الاف شخصية.
وبعد مرور 145 عاما على افتتاحها سيقف التاريخ عند 5 أغسطس 2014 عندما وقفت قناة السويس على عتبة منعطف تاريخى جديد وعلى مسار تطويرها وتحديثها، فقد أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، أن مصر ستطلق مشروعًا لحفر قناة سويس جديدة بطول 72 كيلو مترًا، فى إطار مشروع للتنمية فى منطقة القناة الحالية ضمن خطط وبرامج المشروع القومى الضخم المعروف باسم “محور قناة السويس”، ومن مميزات وجوانب ثقل وجدوى هذا المشروع أنه سيتيح مليون فرصة عمل للمصريين، علاوة على أن حفر القناة الجديدة مع تنفيذ مشروع تنمية قناة السويس سيجعل مصر مركزًا صناعيًّا وتجاريًّا ولوجيستيًّا عالميًّا، وسيزيد من الدخل القومى المصرى، وقد أعلن الرئيس أخيرًا – وبعد انتظار وحلم طيل من جانب كثيرين – أن المشروع سيتم تنفيذه خلال سنة واحدة بدلًا من 3 سنوات كما كان مُخطَّطًا له، حتى يتمكّن المصريون من جنى ثماره وعوائد فائدته فى أسرع وقت.