الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المجلس سيكون «صوت المثقفين» لا «بوق السلطة»




حوار- محمد خضير

وضع الدكتور محمد عفيفى استاذ التاريخ بجامعة القاهرة بعد توليه الأمانة العامة للمجلس الأعلى للثقافة يده على مشكلات عديدة تواجه الثقافة والمثقفين فى مصر أبرزها ثقافة الحياة اليومية وسلوك المواطنين فى الشارع والذى يراه أهم من الاقتصاد والأمن، وبشر المثقفين والمبدعين وخاصة من الشباب بأن المجلس يفتح لهم احضانه.
وكشف الدكتور محمد عفيفى أن الثقافة كانت تتم خلف الأبواب المغلقة، ولا أحد يسمع بها، وحان الوقت لتفاعل مؤسسات، ووزارات عديدة مع الثقافة للنهوض والارتقاء بمستوى فكر المصريين، والنزول إلى المواطن وتوعيته فى مكانه، من أجل تربية سليمة ووعى هادف والعودة مرة أخرى لزمن الأخلاق الجميل، داعيا الى تبنى مشروع قومى ثقافى يمكنه النهوض بالمجتمع المصرى وتوعيته.
جريدة «روز اليوسف» فتحت العديد من الملفات والقضايا المهمة أثناء حوارنا معه بمكتبه بالمجلس الأعلى للثقافة فى الحوار التالي
■ المجلس الأعلى للثقافة أسس ليكون الجهة الثقافية العليا للنخب وخلق حلقة الوصل بين المثقفين والجمهور.. فكيف تراه كمثقف؟
- المجلس الأعلى للثقافة هو «عقل وزارة الثقافة» سيحتضن كل المثقفين والمبدعين المصريين، ولذلك اطالب بـ«التخلى عن لغة الاحباط والتصورات النمطية والتقليدية والايحاء خلافا للحقيقة بأن المجلس الأعلى للثقافة هو بوق السلطة»، بينما هذا المجلس فى الواقع هو «صوت المثقفين المصريين»،وأن « الأحلام فى هذا الصرح الثقافى كثيرة وعظيمة لكنها بحاجة لكل المثقفين والجمهور».
■ المجلس ليس مجلس شيوخ والثورة قامت بإيعاز من الشباب وهناك 36 مليون شاب فى مصر ولا يوجد بالتالى عناصر شبابية بشكل واضح ؟
- المجلس الأعلى للثقافة ليس مجلس شيوخ، وأنا متفائل بالتغيير للأفضل سواء على مستوى المجلس الأعلى للثقافة أو الهيئات والمؤسسات الثقافية الأخرى فى ظل قيادة الدكتور جابر عصفور ووجوده فى الموقع الأول للمسئولية وعملية صنع واتخاذ القرار بوزارة الثقافة، وأتفق قلبا وقالبا مع رؤية يتبناها وزير الثقافة بشأن ضرورة استعادة الدور الريادى للثقافة المصرية فى العالم العربى والاقليمى.
■ ولكن يرى البعض ان المجلس بعيد عن الشباب والمتلقى العادى ..فما تعليقك؟
- المجلس الأعلى للثقافة «لن يكون أبدا جيتو مغلقا»، فيما سيسعى المجلس الذى يدخل الآن مرحلة جديدة لجذب الكتاب والشعراء وكل المبدعين الشباب وسيكون هذا المجلس بكل رمزيته «مقرا لحوار أجيال بين المثقفين والمبدعين المصريين»،وخاصة أن الدكتور جابر عصفور راغب بشدة فى «اعداد كوادر ثقافية شابة» ومنحها كل الفرص للتطور بما يخدم الثقافة المصرية والتنمية بمفهومها الشامل.
■ ولكن ألا ترى ان المنتقدين معهم بعض الحق، لما يروه من وجود فجوة وقطيعة بين اجيال المثقفين.. فما تعليقك؟
- مقولة الفجوة بين الأجيال هى فكرة معرقلة للأذهان وخاصة ما كان يحدث فى الأيام الخوالى أو العصر الذهبى للثقافة المصرية من تواصل مستمر بين اجيال المثقفين وحواراتهم التى لا تنقطع مثل المشهد المحفور فى الذاكرة الثقافية المصرية من حوار ومساجلات فكرية بين عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين واثنين من شباب المثقفين حينئذ هما محمود أمين العالم وعبد العظيم انيس.
■ ما أبرز المشكلات التى واجهتك منذ توليك أمانة المجلس الأعلى للثقافة؟
- توليت المجلس فى مرحلة انتقالية فى وزارة الثقافة حيث وزير جديد، وخطة ومنظومة ثقافية جديدة، وبالتالى هناك تغيير شامل على مستوى الوزارة، ثم أمين جديد للمجلس الأعلى للثقافة، برؤية مختلفة ومن ثم ينبغى أن يتفهم موظفو الوزارة خطة الوزير الجديد وأيضا فى المجلس الاعلى للثقافة فى المراحل الحالية التى تشمل التجديد والتغيير، وبدورى سأحاول تمرير الفكر الجديد، وأتفهم طبيعة العمل البيروقراطى الذى يغرق فى التفاصيل من أجل السيطرة.
■ يدور جدل كبير حول جوائز الدولة التشجيعية وأنه لا توجد معايير واضحة فى تقرير منحها، هل ستتم إعادة النظر فى اللائحة المنظمة لتلك الجوائز؟
- بدأنا بالفعل فى إعادة النظر بشأن لائحة جوائز الدولة التشجيعية، لكن فى رأيى الشخصى أن المشكلة ليست فى القوانين أو المعايير أو اللوائح، لدينا أفضل قوانين وأفضل دستور، لكن مشكلتنا الأساسية فى مصر هى التلاعب وعدم المصداقية والالتفاف حول الشرعية والقانون ثم التخفى بعد ذلك، تطبيق القانون لدينا سيئ وغير سليم، ويهمنى معيار الشفافية فى منح جوائز الدولة حسب المعايير العالمية ويجب أن تكون الأمور واضحة.
■ ينادى كثير من المثقفين بضرورة إعادة هيكلة المجلس الأعلى للثقافة ليصبح هيئة مستقلة عن الوزارة، فما تعليقك؟
- الهدف من انفصال المجلس عن وزارة الثقافة كما تعلم ضمان عدم سيطرة الدولة على الثقافة؛ وسنبدأ فى التعامل مع المجتمع المدنى والجماهير، والجمعيات الأهلية، والهيئة الإنجيلية، والمكتبات الخاصة، حتى نحّول المجلس إلى نصف حكومي، وكبداية هذا إجراء جيد، ومع الوقت نستطيع أن نصل لأن يكون المجلس هيئة غير حكومية.
■ وكيف ترى ما قدم من اعمال درامية تاريخية وما اثير حولها خلال شهر رمضان؟
- نحن هنا لا نصادر على الحريات لأن سياسة المجلس قائمة على الحوار الجاد للوصول إلى تفاهمات وحلول للإشكاليات التى تثير الجدل، وسبق وان نظم المجلس ندوة بحثية حول الدراما والتاريخ، وناقشت هذا الموضوع، بسبب ما أثاره مسلسلا «سرايا عابدين» وصديق العمر» من جدل.
وبصفتى أستاذ تاريخ وبشكل شخصى فقد كنت أتمنى أن يكون هناك مستشار تاريخى لهذه المسلسلات فالأعمال الكبيرة فى الدول الخارجية تتم هكذا وهو أمر مختلف عن المراجع التاريخى الذى يراجع النص، لأن المهم وقت التنفيذ.
■ ولكن ألا ترى ان هذه الاخطاء التاريخية تؤثر سلبا على المتلقى المصرى وتشوه تاريخنا للمتلقى الخارجى ؟
- بالتأكيد تؤثر بالسلب.. لان  اشكالية المواطن العادى بل خريجى الجامعات يصدقون ما يظهر فى الأعمال التاريخية والدرامية ويستقون منها معلوماتهم ويكونون من خلالها صورتهم الذهنية، والمشكلة أن صناع الدراما يقومون بتسليع التاريخ أى بل يتاجرون به، والدليل على ذلك أن صورة الشعب المصرى عما قبل 23 يوليو استقاها من فيلم رد قلبي، بينما الحقيقة لم تكن كذلك وعندما ظهر مسلسل الملك فاروق للميس جابر قلب الدنيا وتساءل الناس «هل الملك فاروق حلو ولا وحش»، ومن هنا تأتى خطورة اللعب بالتاريخ.
■ وكيف ترى وتقيم التحدى الرئيسى الذى يواجه تقدم مصر والخروج من ازمتها الراهنة؟
- اولا.. التحدى فى مصر ثقافى فى المقام الأول، ولا اقتصاد بلا ثقافة ولا نهضة اقتصادية دون ثقافة تفضى إلى هذه النهضة»، وهناك أمثلة تاريخية عن حالات أمم ودول مثل اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية ودور الثقافة فى نهضة هاتين الدولتين بعد الخراب الذى حاق بهما أثناء تلك الحرب، وبالتالى فنحن فى حاجة الى «المشروع الثقافى القومي» لمجابهة الارهاب وحشد المصريين على قلب رجل واحد.

 

عفيفى فى سطور


أستاذ ورئيس قسم التاريخ بجامعة القاهرة، اسهم على مدى اكثر من عقد فى تدريس التاريخ لطلاب كلية الإعلام بجامعة القاهرة، نائب رئيس لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة والمركز القومى للترجمة ورئيس تحرير سلسلة مصر فى الهيئة العامة لقصور الثقافة، حصل على جائزة الدولة التشجيعية عام 2004 وجائزة التفوق عام 2009.
شغل منصب مدير مركز الدراسات التاريخية بجامعة القاهرة وعمل مستشارا فنيا لدار المحفوظات العمومية ومن مؤلفاته: «الأقباط فى مصر فى العصر العثماني» و«الدين والسياسة فى مصر المعاصرة» و«التاريخ والموسيقى» و«الأوقاف ودورها والحياة الاقتصادية فى مصر بالعصر العثماني» و«المدرسة التاريخية المصرية».