الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خيرت الشاطر.. مجهد من قلة النوم




أدت القوة العسكرية هذا الأسبوع إلى أزمة سياسية تعد الأخطر منذ سقوط الرئيس المصرى السابق محمد حسنى مبارك. ففى الوقت الذى تقوم فيه جماعة الإخوان المسلمين بتعبئة المتظاهرين للاعتصام فى ميدان التحرير، هدد جنرالات المجلس العسكرى بأنهم سيضربون بيد من حديد من أجل استعادة النظام.
 
ربما أكثر من أى شخص خارج المؤسسة العسكرية، يعد خيرت الشاطر قادرا على حسم نتيجة هذه المواجهة. خيرت الشاطر هو رجل الأعمال المليونير الذى يدير آلة شيكاغو أى جماعة الإخوان المسلمين من مقرها فى حى المقطم الذى يقع على تلال شوارع القاهرة المضطربة.
 
إنه يعترف بالإجهاد بسبب قلة النوم فى هذه الأيام الصعبة. يبلغ من العمر 62 عاما، طويل القامة، رجل ثقيل بصوت عميق ويتجنب دائما ارتداء البدلة ورابطة العنق وتجده يرتدى قميصا مفتوحا وبنطلونا أزرق.نادرا ما يظهر فى وسائل الإعلام المصرية ولكن رغم ذلك له سلطة كبيرة لا جدال فيها وإذا وصلت جماعة الإخوان المسلمين الى سدة الحكم، سوف يكون الشاطر رجلا مسئولا.
 
لم يقترب مؤسسو الحركات الإسلامية فى تاريخ الشرق الأوسط إلى الحلم الذى وصل إليه الإخوان فى الوقت الحاضر،وقد حدد الشاطر «الخطوط الحمراء» أى الحد الأدنى الذى يمكن قبوله من الجيش:يجب على المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعادة النظر فى قرار حل البرلمان الذى يهيمن عليه الإخوان، وإلغاء قانون الملاحقة الضبطية ومنح الإخوان فرصة صياغة دستور جديد. إنه يريد تسليم مقاليد السلطة إلى الرئيس الجديد المنتخب بحرية ونزاهة ووفقا للتقديرات الاخيرة من المتوقع فوز الدكتور محمد مرسى مرشح حزب الحرية والعدالة بحسب النتائج الإجمالية فى 13000 من مراكز الاقتراع.
بهذه المطالب، ينتهج الشاطر أشد لهجة نحو الجنرالات أكثر من أى وقت مضي. ووفقا لكلامه، الجيش خان جماعة الإخوان المسلمين.
 
وقد قال خيرت الشاطر باللغة العربية وقام بالترجمة أحد مراسلينا: «صدقنا وعود المجلس العسكرى - المجلس الحاكم - بتقاسم السلطة ولكن لم يتم الوفاء بهذه الوعود».
 
وأضاف «أجبرنا على تغيير موقفنا بعد أن رأينا أن المجلس العسكرى لا ينوى تسليم السلطة بشكل حقيقى».
 
الصدام مع الجنرالات خطوة محفوفة بالمخاطر بالنسبة لرجل اسطورى مثل خيرت الشاطر.فإلى أى مدى تعد جماعة الاخوان مستعدة لمواجهة الجيش؟ هذا السؤال سوف تجيب عنه الأيام المقبلة.. لا تقوم جماعة الإخوان المسلمين بتعبئة النقابات العمالية وإنما تعتمد على شباب الجماعة وتدفعهم إلى النزول إلى ميدان التحرير وهو أمر مزعج حيث إنه يؤثر على الاقتصاد وتلحق الأذى بنخبة رجال الأعمال بما فى ذلك الجيش.
 
يستشهد الشاطر مرارا وتكرارا بجملة واحدة وهى «نحن لا نريد الصدام مع النظام بل نريد إصلاح الأجهزة الأمنية، وإصلاح الاقتصاد حل هذا الصراع». ويضيف: «يمكن ان تتغير مصر تدريجيا وقد يستغرق هذا الأمر عامين أو ثلاثة أو أربعة أو خمس سنوات».
ويقول أيضًا: «السياسة هى فن الممكن.. لا تتوقعوا منا أن نبحث عن حادث تصادم أو استخدام العنف. لدينا طريقة هى الطريقة السلمية، والاعتماد على أساسيات اللعبة السياسية. حاولنا الحوار وسنحاول مرة أخرى فى الحاضر والمستقبل».
 
هذا لم يكن صحيحا دائما.لقد تأسست جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 كحركة إسلامية اجتماعية وسياسية، وتم قمعها فى أواخر 1940، وبصورة أكثر وحشية فى عام 1954 بعد سنتين من الانقلاب العسكرى الناصرى، وطوال عهد مبارك. وتحول بعض أعضائها السابقين للعنف، بما فى ذلك زعيم تنظيم القاعدة الحالي، أيمن الظواهري، الذى كان من بين الذين خططوا لاغتيال أنور السادات عام 1981.
 
عرض على الشاطر التفاوض بالسماح للجماعة بالترشح لعدة مقاعد مختارة بالبرلمان، وبعد ذلك غيرت حكومة مبارك رأيها بشأن اشراك الجماعة فى الحياة السياسية وانتهى الأمر بدخول الشاطر السجن فى 2007 وتم العفو عنه بعد شهرين من سقوط نظام مبارك فى فبراير 2011. إن الطموح السياسى للجماعة هو «المشاركة وليس السيطرة» فى حياة سياسة أكثر حرية فى مصر - من وجهة نظر الشاطر..
 
وقد حاولت الجماعة تحقيق التوازن بين السلطة والضغط من أجل تفادى العودة إلى رحلة وراء القضبان. عقدت صفقات مع المجلس العسكرى على حساب الإصلاح الديمقراطى الحقيقى.
 
إذا نظرنا إلى الوراء على الـ16 شهرا الماضية، يقول الشاطر إنه يأسف على تبنى أساليب تناهض الحكومة القائمة وخفف لهجته، وعلى صعيد آخر يقوم بالتشاور مع القوى الوطنية المتعددة للتوصل الى وفاق وطنى لتحقيق الديمقراطية وسيادة القانون فى مصر.
 
لقد تعهدت جماعة الاخوان بالتخلى عن الأغلبية البرلمانية، وقالت انها لن تقدم مرشحا للرئاسة. ولكن الشاطر يقول رفض تسليم الجيش للسلطة جعل الجماعة تراجع موقفها وتغير مسارها.
 
حتى الآن لاتزال جماعة الإخوان غير قانونية ولا تقوم بالكشف عن قوائمها المالية أو أعضائها. ووفقا لتصريحات احد قادتها السابقين، لدى الجماعة أكثر من نصف مليون عضو منهم المهنيون والمتعلمون والمهندسون ورجال الأعمال.
 
سوف يتلقى الشاطر المخاطر بكل سرور، فاللعب الحقيقى ليس فى ميدان التحرير ولكن فى الكواليس على طريقة الرقص مع الجنرالات.