الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لماذا لم يتبع الربيع العربي الصيف المنتظر؟




تذكر النشوة في بداية العام الماضي عندما انهارت أقوي دولة شرطة راسخة في أنحاء العالم العربي، تم إجراء مقارنات سهلة مع سقوط الدول الشيوعية في أوروبا الشرقية في عام 1989، وتحدث معلقون من غير تكلف عن التغيير السياسي الذي لا يمكن كبته في عصر الإنترنت، وسائل الإعلام الاجتماعية والمحطات التليفزيونية الفضائية، وبدا أن تغيير النظام من تونس إلي البحرين ودمشق الي صنعاء سهل و لا مفر منه.
بدلا من ذلك، قد ذهب التاريخ في الاتجاه المعاكس بتسلق الحكومات العسكرية للعودة الي السرج في مصر أو ذبح شعوبها في سوريا، في البحرين، سحقت آل خليفة الملكية المعارضة وليس هناك جديد في اليمن، فضلا عن تشريد رسمي للزعيم القديم. ليبيا في حالة من التفكك نصف النهائي، في حين ان تونس، مهد الثورات، يبدو أنها تدير عملية انتقال للديمقراطية ناجحة.
وجاءت اللحظة الحاسمة في زوال ثورة 2011 العظيمة الاسبوع الماضي بحل الجيش المصري البرلمان المنتخب ديمقراطيا، وتدهور سلطة الرئاسة لصالح الجنرالات، واستعادة سلطة  النظام القديم علي نحو فعال من قبل قوات الأمن، لاحتجاز وتعذيب المدنيين. في نهاية هذا الاسبوع، سيقرر الجنرالات ما اذا كان يجب أن يخطو خطوة أبعد وتزوير الانتخابات الرئاسية لصالح مرشح الخاصة بهم - آخر رئيس وزراء لحسني مبارك، أحمد شفيق - بدلا من محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين.
لم تنتصر الثورة المضادة فقط في مصر. في كل مكان، تخمد نيران الربيع العربي حيث لا يعيرها بقية دول العالم اهتماما كبيرا، الهزيمة ليست جماعية، العرب لن يعودوا مرة أخري إلي تعليق الرسوم الجرافيتي التي تم منعها التي وعبروا بها عن غضبهم لمدة طويلة أثناء الاحتجاجات والثورات من العام الماضي، بل يعودون إلي تكرار الصراع علي السلطة الذي يعصف بالمنطقة في الخمسينيات والستينيات رغم أن غالبا ما يتم تجاهل الحقيقة، شهدت هذه الفترة الحركات الجماهيرية والمعارضة العلنية، فضلا عن الحروب الكارثية، والانقلابات العسكرية.
كانت هناك عبارة واحدة تستخدم في العام الماضي خلال الانتفاضات الأولي، ولكني وجدتها مضللة وتقشعر لها الأبدان، وتخدع النفس. كانت حول طبيعة القوة في الشرق الأوسط، بل في كل مكان آخر في العالم. كانت العبارة أو الشعار: «إن الناس قد فقدوا خوفهم»، كما لو أن خوف يشعر به في القاهرة، وطرابلس ودمشق وبغداد بطريقة مماثلة لفوبيا الخوف من الفئران أو الخفافيش وتم استبداله الآن بصورة أكثر واقعية أنه لم يعد هناك ما يخشون منه.
في لحظة الانتصار في مصر، بعد الاطاحة بالرئيس مبارك، نسيت مقومات النجاح، الاخوان المسلمين، دائما منفعلون من حلفائهم الجدد، ويتصرفون كأن المستقبل ينتمي حتما إلي ذلك، نسيت أن العسكر لا يزال بيده معظم أدوات السلطة. تجاهل حقيقة أنه علي الرغم من دورها الذي يدعمه الخارج، الا أنها كانت حاسمة في السيطرة علي المعلومات حول الانتفاضة داخل مصر، والمشاركة في قبول وسائل الاعلام الاجنبية، وطمأنة الولايات المتحدة، والحكومات الأوروبية والاجنبية الاخري التي كانت هنا أن الثورة يمكن أن التعايش معها.
هناك مشكلة أساسية في مصر أن قوات الأمن ضحوا بزعيمهم، حسني مبارك، لتجنب إحداث تغيير جوهري و الاحتفاظ بالسلطة وامتيازاتها، لكن هذا لم يصل إلي انقلاب عسكري اجوف كما يصور في بعض الأحيان، يمكن تصوير القادة في المجلس الاعلي للقوات المسلحة بانهم اساتذة التلاعب المكيافيلي المصمم للحفاظ علي الوضع الراهن، ولكن هذا بالتأكيد مبالغة، وربما كانوا يأملون لهذا، ولكن لم يمكنهم التنبؤ، بالانقسامات الذاتية التي تخدم خصومهم مما يؤدي إلي إعادة انتخابات الرئاسية بين الإخوان ومرشحي العسكري بعد أن تم القضاء علي الوسط واليسار.
لعب المجلس العسكري بمهارة علي أخطاء خصومه. تبرر الحكومات الاستبدادية القمع في كل مكان قائلة إنها ضرورية لمنع الفوضي، تأكد المجلس العسكري أن وسائل الإعلام الحكومية عززت الشعور بانعدام الأمن وعدم الاستقرار الاقتصادي، وذلك باستخدامهم لها بنجاح لتشويه الاحتجاجات في الشوارع والحنين إلي أمان النظام القديم.