السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

نيويورك تايمز: المالكى أحبط رؤساء أمريكا




وساقت الصحيفة حادثة معينة للتدليل على ما تقول، فذكرت أنه فى يوم من أيام خريف 2007، شارك الرئيس جورج دبليو بوش رئيس الوزراء نورى المالكى فى مؤتمر لتوقيع «اعلان مبادئ» حول مستقبل العلاقات العراقية الأمريكية عقب الإطاحة بصدام حسين.
وبينما مضى السيد بوش فوق اسمه، قام المالكى بتمرير القلم على نسخته من الوثيقة متظاهرا بالتوقيع، وفى اللحظة الأخيرة، قرر المالكى عدم التوقيع متعذرا بأنه لم يقرأ الصيغة النهائية للوثيقة لكنه لم يذكر ذلك لبوش الذى لم تكن لديه فكرة بأن قلم نظيره لم يمس الورقة، ولاحظ أحد المسئولين الأمريكيين ذلك وبعد أن اختفت صورة بوش عن الشاشة، دنا أحد معاونى المالكى منه قائلا: «لا تتلاعب مع رئيس الولايات المتحدة».
تلك الحادثة التى حصلت قبل ما يقرب من سبع سنوات كانت بداية للعلاقة الشائكة المتقلبة بين رئيس الوزراء والمسئولين الأمريكان، الواحد تلو الآخر. فلم تكن الأحداث فى الغالب كما كانت تبدو عليه، ولم يجر العمل بها لأنها كان من المفترض أن تعمل على استمرار المالكى فى السلطة بمساعدة أمريكا، إلا أن ما حدث خالف كل توقعات المالكى وحلفائه. فحلفاء الأمس استبدلوا به شخصية موثوقاً بها أكثر يمكنها لم شمل العراق المنقسم والمشرذم ولديها نهم أقل على السلطة، شخصية تعمل بتعاون أكثر فاعلية مع واشنطن، وكان رد فعل المالكى أن اتهم رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بانتهاك الدستور بعد أن وجد نفسه فى لحظة الحقيقة عليه الاختيار فيها بين التنحى أو الاحتفاظ بالسلطة دون أى حلفاء داخليين أو خارجيين.
ورصدت «نيويورك تايمز» تنصل واشنطن من تنحية المالكى بشكل صريح ومعلن وأكدت أنه ليس من واجبها تسمية رئيس للعراقيين، لكنهم أوضحوا أن الوقت قد حان لتنحى المالكى لصالح حيدر العبادى – الذى ينتمى لنفس الحزب – بتسميته من قبل الرئيس معصوم ليكون رئيسا مقبلا للوزراء، كونه شخصية مختلفة تماما عن المالكي، إذ إن له توجها براغماتيا وهدوءا سياسيا، على حد تعبيرهم.
وفى خطوة تأكيدية تصعيدية، قام الرئيس أوباما ونائبه جوزيف بايدن بالاتصال بالعبادى لتهنئته، وعندما ظهر الرئيس أمام الكاميرا لتكرار التهنئة علنيا، فإنه لم يذكر اسم المالكى، وعندما سأله أحد المراسلين ما إذا كانت لديه رسالة للمالكى، غادر الرئيس المكان دون ان ينبس بكلمة، كانت تلك هى الرسالة.
ويصف جيمس جيفرى، الذى كان يراقب تعامل الرئيسين مع المالكى بصفته أولا نائب مستشار الأمن القومى فى فترة حكم بوش ومن ثم سفير أوباما فى بغداد، المالكى بـالعنيد الذى سيقاتل كل من حوله من أجل السلطة وبالتالى سيخسرهم وينسحب الجميع بعيدا عنه.
وأضاف جيفرى: إن العالم سيحمل الامريكان المسئولية فى النهاية عن أفعال المالكى الخرقاء، إذا قام بتصعيد الموقف ليحدث انقلابًا أو أن يقوم باعتقال الناس علنا لإخافتهم واستعراض قوته ، ولذلك لابد أن يقوم الأمريكان أو غيرهم بإقناع المالكى بالرحيل. وفى حينها كان بوش حريصا على ان يختار العراقيون أخيرا  بعد سقوط نظام صدام رئيس وزراء أكثر حسما من إبراهيم الجعفرى، وشجع سفير بوش فى بغداد زلماى خليل زاد المالكى على تسلم المنصب وإدارة البلد، حيث توسموا فيه «صلابة داخلية» فى البداية.
واعتبر الغرب أن  قرار المالكى بأنه «يهيئ لانتقال تاريخي، وسلمى للسلطة فى العراق»، داعين العبادى، والقادة العراقيين إلى «التحرك بسرعة لإكمال هذه العملية الأساسية لتوحيد العراق، وتظافر جهود المجتمعات المختلفة، ضد الخطر المشترك الذى يشكله تنظيم الدولة الإسلامية».