الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

دير «درنكة».. تاريخ من «البركة» والوحدة الوطنية




لدير السيدة العذراء بجبل اسيوط والشهير باسم «دير الدرنكة» مكانة مهمة ومتميزة فى قلوب المصريين جميعا مسلمين واقباطا؛ وذلك لما تمثله السيدة العذراء من قدسية ومكانة فى قلوبنا جميعا فهى التى قال عنها الكتاب المقدس «جميع الاجيال تطوبنى» وجاء عنها فى القرآن ان الله اصطفاها وطهرها على كل نساء العالمين ؛ وتتجلى هذه الكرامة فى مواسم واعياد السيدة العذراء خصوصا فى احتفالات صوم العذراء خلال الفترة من «7 اغسطس –  22 اغسطس» حيث يتوافد الألوف من البشر على الدير ملتمسين البركات وفى البداية يقول الباحث القبطى ماجد كامل عن تاريخ الدير  لقد ذكر المقريزى فى كتابه «القول الابريزى للعلامة المقريزى» تحت كلمة «أديرة أدرنكة» (اعلم أن ناحية ادرنكة؛ وهى من قرى النصارى الأصعايدة؛ ونصاراها اهل علم فى دينهم وتفاسيرهم فى اللسان القبطى ؛ ولهم فيها أديرة كثيرة فى خارج البلاد من قبليها)؛ و«الأدرنكة» هو النطق القديم لاسم قرية الدرنكة وتقع فى قرية قرب أسيوط ويشتهر اهلها بزراعة الكتان؛ والكمون؛ والينسون ؛وهناك تقليد شفاهى قديم متداول بين الاقباط ان العائلة المقدسة قد اختبأت وقتا ما فى مغارة بجبل اسيوط هربا من اضطهاد هيرودس وهى المغارة التى اقيم عليها بعد ذلك دير العذراء الشهير بدير الدرنكة ويضيف ماجد قائلا:
جاء ذكر الدير فى  كتاب «دليل الكنائس والأديرة فى مصر» للانبا صموئيل اسقف شبين القناطر أنه يقع على مسافة 8 كم جنوب غرب أسيوط على طريق الغنايم. وتوجد به مغارة قديمة كانت اصلا محجرًا فرعونيًا قديمًا وقد زارتها العائلة المقدسة واختبأت فيها. وبجوار المغارة كان يوجد كنيسة أثرية للثلاثة الفتية القديسين لم يتبق منها سوى الحجاب المطعم بالعاج. وشمال المبانى الأثرية وعلى مسافة 300 متر توجد مغارة مقسمة إلى ثلاثة اقسام ويوجد بها المبانى الأثرية وهى غالبا كانت المغارة التى عاش فيها القديس يوحنا التبياسى مؤسس الرهبنة فى هذه المنطقة فى القرن الخامس الميلادى ويستطرد ماجد قائلا: ولقد عرف هذا الدير ايضا باسم «دير الانبا ساويرس» وذلك لأن أحد رهبان هذا الدير قد صار بطريركا وقيل عنه أنه قرب وفاته قد اخبر رهبان الدير أن كتلة عظيمة من الجبل «جبل اسيوط» سوف تسقط على الدير ولكن لن تؤذيها. فلما حدث ذلك وسقطت الكتلة الحجرية الضخمة علم الرهبان بوفاة الاب البطريرك الانبا ساويرس فأطلقوا اسمه على هذا الدير .اما التعمير الحديث بالدير فتم على يد نيافة الحبر الجليل المطران الكبير الانبا ميخائيل الذى اعاد بناء الدير للوجود .وبنى مجموعة من الكنائس منها كنيسة العذراء فى المغارة بواجهه 160م طول وعمق 60 متراً. وبنى عدداً كبير من الاستراحات حوالين الدير الأمر الذى حول القرية الفقيرة بجوار الدير إلى قرية تعيش سنويا على الاحتفالات بالعذراء وتنتظر الرزق الموسمى للخروج من دائرة الفقر .حيث يزور الدير السائحون من مختلف البلاد إلى جانب مشاركة الألوف من المسلمين والأقباط خلال فترة صوم السيدة العذراء من 7 - 22 اغسطس من كل عام وتصل الاحتفالات إلى الذروة فى الليلة الختامية للعيد حيث يسهر المصلون حتى الصباح الباكر مرددين المدائح والتماجيد للسيدة العذراء على انغام الطبول والدفوف والناقوس؛ ولقد حفظ لنا الفولوكلور القبطى الكثير من هذه المدائح نذكر منها:-
على دير العدرا ودينى اوفى ندرى والرب راعينى
امدح فيكى يام النور مهما يكون قلبى مكسور
امدح فيكى يا ام يسوع ياشفيعة كل الجموع
ومكانك على جبل مرفوع على دير العدرا وديني
نزورك مع الاصحاب يامذكورة فى كل كتاب
تخضع لك كل الاوثان على دير العدرا وديني
ومن التقاليد الشعبية المأثورة عن هذه الاحتفالات ما يتردد وما يقال عن ظهور أنوار مبهرة اعلى المنارة فى الدير تمثل طيف السيدة العذراء فيصرخ المصلون:-
نورك بان على الصلبان
ويرددون فى مديحة اخرى ويقولون
انا مبسوط انا مبسوط دى العدرا بتظهر فى أسيوط
وتتجلى فى هذه الاحتفالات اروع مظاهر الوحدة الوطنية بين عنصرى الأمة؛ ولقد سجلت إحدى المدائح الشعبية هذه الوحدة فى قولها :-
يحيا الوطن يحيا الوطن يحيا الوطن وله استقلال
عاش المسلمون والأقباط عاشوا جميعا فى الوطن.