الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أعادوا قراءة التاريخ بطريقة تطمس الهوية العربية الإسلامية




كتب– خالد بيومى


«منذ تأسيس دولتهم فى منتصف مايو 1948، يسعى القادة الإسرائيليون إلى تبرير احتلال فلسطين وضم القدس وتهويدها، واعتباره وحياً من الله، بالاستشهاد بمضامين الكتاب المقدس».
خلص الباحث المغربى الدكتور محمد رضوان إلى الحقيقة السابقة فى كتابه «القدس الشريف.. فى الاستشراق اليهودى» الصادر مع عدد أغسطس 2014 من «المجلة العربية» الصادرة فى السعودية، وتساءل: أى وحى إلهى هذا الذى يبرر، بل يدعو إلى ارتكاب المجازر والمذابح فى حق أصحاب الأرض الأصليين من العرب الفلسطينيين، ومحاولة إقناع العالم بأن اسرائيل التوراتية، التى تتحدث عنها النصوص الدينية العبرية، هى ذاتها دولة اسرائيل الحالية، وأن قيام هذه الأخيرة يمثل تحقيقاً لنبوءة التوراة وإشارة إلى اقتراب عودة المسيح عندهم.
ويسوق الباحث فى دراسته أدلة تكشف أن تاريخ اليهود بفلسطين يكتنفه الكثير من الغموض والتأويل وعدم اليقين، ومن هذه الأدلة: بعد المسافة الزمنية الفاصلة بين عبورهم القديم أو استيطانهم المتقطع بهذه الأرض، التى تذكر مروياتهم أنهم وصلوا إلى أطرافها فى زمن النبى موسى عليه السلام، عندما خرج مع بنى إسرائيل من مصر، قبل أن يحتل الملك داود القدس ويشيد مملكته على جزء من أرض كنعان فى القرن العاشر قبل الميلاد، وهى المملكة التى انقسمت بعد وفاة ولده سليمان إلى «يهوذا» فى الجنوب، وسهل اسرائيل فى الشمال، ومن ثمة، ظلت القدس بزعمهم مركز تواجدهم ورمز سيادتهم كلما عادوا إلى هذه الأرض التى أخرجوا منها بعد ذلك مرات كثيرة.
وبعد إنشاء إسرائيل أخذ الإسرائيليون يتوجهون إلى إعادة قراءة تاريخهم بما يلائم أوضاعهم الاستيطانية الجديدة، وبما يسمح بطمس هوية الأراضى العربية الإسلامية وتهويدها، والتنقيب فيها عما يثبت حقوقهم المزعومة، ولتعليل هذه المزاعم يقدم الاستشراق اليهودى قراءة مخالفة للتاريخ الإسلامى للقدس لتصوير ضعف اهتمام المسلمين بها، وبمكانتها الدينية عندهم زاعمين أن هذا الاهتمام لم يظهر إلا فى مرحلة لاحقة لأسباب ودواع سياسية أكثر منها دينية.
ويقوم هذا المنهج على مقاربتين متشابكتين؛ الأولى دينية، تركز على الطعن فى الأحاديث النبوية التى تشيد بفضائل بيت المقدس.
ويعد المستشرق المجرى جولد تسيهر من أبرز القائلين بهذا الكلام وأن الهدف من تدوين الأحاديث النبوية هو إضفاء الشرعية على الأوضاع والوقائع المستجدة، خاصة بعد الفتوحات الإسلامية، والثانية تاريخية سياسية تربط اهتمام المسلمين بالقدس بمرحلة الحكم الأموى وسياسة تدعيم سلطة الأمويين، وذلك فى خضم صراع سياسى بين قاعدتين للحكم الإسلامي، الأولى بالحجاز ومركزها مكة المكرمة، والثانية بالشام ومحورها بيت المقدس.
وهناك مزاعم أكثر فجاجة، حيث يؤكد بعض المستشرقين اليهود أنه إذا كانت مدينة القدس مقدسة بالأمس أو اليوم عند المسلمين، فإنما السبب يعود إلى التأثيرات اليهودية والمسيحية فى الثقافة الإسلامية ..ويزعم المستشرق الأمريكى مايكل كوك، والمستشرقة الدانماركية باتريسيا كرون، وأن لفظة «إسلام» يمكن أن يؤرخ لنشوئها بشكل دقيق فى عام 691 م بقبة الصخرة بالقدس.
ويختم الباحث الكتاب بالإشارة إلى تصدى المفكرين العرب لهذه المهاترات وعاب على الاستشراق خدمته للمشروع الاستعمارى الأوروبى فى القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، مثلما يخدم الاستشراق اليهودى مشروع الاستيطان الصهيونى للأراضى العربية الفلسطينية وتهويد القدس.مطالبهم.. قناة والاهتمام بالمناطق النائية وتمكين الشباب