السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«السيسى» لا يحب أن يعيش «ملكا»




ترجمة - أميرة يونس

أعدت «أورليت برلوف» الباحثة الإسرائيلية بمعهد دراسات الأمن القومى، والخبيرة فى شئون الشبكات الاجتماعية وتحليل المزاج واتجاهات وسائل الإعلام الجديدة فى الدول العربية دراسة تحت عنوان «هل قدر لعبدالفتاح السيسى النجاح أم الفشل ؟»، قائلة إنه وسط المباركة والتهنئة لمصر بعد استقرار نظام الحكم فى مصر ومحاولاته القضاء على الخلايا الإرهابية التى زرعها النظام السابق بزعامة الرئيس المعزول «محمد مرسى» المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية - تجد أصواتًا تعانى من اكتئاب شديد ولا تجد سوى قول «سرقت الثورة».
تقول الدراسة: إن ثورات الربيع العربى جلبت التيارات الإسلامية فى المقدمة والتى تولت فيما بعد السلطة التى لم تكن إلا لتحكم جماعة بعينها وليس الشعب كله، وفى مصر لم يحتمل الشعب أن يكون رئيسهم على هذا المنوال فقاموا بثورة 30 يونيو التى أطاحت بالنظام الإسلامى فى مصر وجاءت بالرئيس الذى أيده 97% من المصريين «عبد الفتاح السيسى» ليتغير الوضع وتواصل مصر مسارها الطبيعى للخطوة التالية وتقييم احتمالات نجاح أو فشل السيسى الذى اعتبرت الغالبية العظمى من المصريين أن نجاحه هو نجاح للثورة، فيما اعتبر صناع الرأى على شبكات الإنترنت أن نجاحه «معجزة».


ولفتت الدراسة إلى أن نهاية رؤساء مصر السابقين خلال الستين عاما الماضية كانت كئيبة على الرغم من تمجيدهم لأنفسهم ورسم من حولهم لهالة كبيرة لهم، إذ توفى الرئيس عبد الناصر إثر أزمة قلبية فى وقت عصيب تمر به مصر بعد حروب الاستنزاف التى خاضتها، وتم اغتيال الرئيس السادات خلال احتفالات 6 أكتوبر عام 1981 ، وأحالت ثورة 25 يناير الرئيس المعزول حسنى مبارك إلى السجن لقضاء عقوبته فيما أطاح الجيش بالرئيس الأسبق « محمد مرسى» لتورطه فى قضايا متعلقة بالأمن القومى لمصر.
أضافت أن الرئيس الحالى عبد الفتاح السيسى يفضل البقاء خلف الكواليس وأن يصبح «صانع الملوك» على أن يعيش ملكا على غرار من سبقوه.
ووفقا للدراسة فإنه منذ تولى السيسى حكم البلاد ورعايتها وهو قلق من ثلاثة أشياء، أولهما كان استبدال شعار «الإسلام هو الحل» إلى «الدفاع هو الحل»، ثم تحمل مسئوليته عن الإطاحة بالرئيس المعزول «محمد مرسى»، وإجراء استفتاء يناير 2014 حول شرعية الانتخابات المصرية.
وحملت الدراسة الرئيس السيسى مسئولية مقتل 2.500 عضو من جماعة الإخوان المسلمين بعد تولى الحكومة المؤقتة التى تولت شئون البلاد عقب ثورة 30 يونيو برئاسة المستشار «عدلى منصور» وحبس آخرين، إضافة إلى حبس قادة المعارضة والصحفيين وإغلاق القنوات التليفزيونية والصحف الخاصة - فى الوقت الذى لم يغلق حقيقة صحيفة مصرية واحدة،  قائلة إنه إذا كان مقدرا للسيسى الفشل فستكون تلك الأشياء هى الركائز الأساسية ضده.
تقول الدراسة إنه على الرغم من ذلك فإن شعبية الرئيس المنتخب «عبدالفتاح السيسى»  كانت فى ذروتها بين المصريين وجموع الشعب العربى، ونجح بقوة فى مخاطبة الشعب المصرى الذى اختار أن ينتخب رجلاً عسكريا لرئاسة الجمهورية، وتسائلت الدراسة حول ما التحديات التى يواجهها السيسى؟، وما فرص نجاحه،وهل يمكن حدوث ثورة ثالثة - أم لا؟.
تتناول الباحثة الإسرائيلية بعض المناقشات التى أجرتها مع بعض المصريين عن طريق الشبكات الاجتماعية و الظروف التى أحاطت بالسيسى منذ توليه السلطة فى مصر وحتى الآن، إذ تجد أن لسان حال المصريين يعبر عن استعدادهم التام لتقديم الدعم الكامل للرئيس السيسى لاستعادة الاستقرار لما عانت منه الطبقتين الوسطى والدنيا من مشاكل اقتصادية عقب قيام ثورة 25 يناير قبل ثلاث سنوات، وأن المصريين لا يبحثون الآن سوى عن الأمن والاستقرار وقوت أولادهم، وتعليمهم، غير طامعين فى تحقيق مكاسب مادية خرافية، معبرين عن رغبتهم فى أن الدولة يجب أن يحكمها رجل قوى يعيد القانون والنظام إلى الدولة».
وأستدلت الباحثة بقول السيسى أن هذا الوقت لن يكون للإخوان المسلمين ووعده بمكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار لمصر وإعلانه عن عشقه «للعمل الشاق»، الأمر الذى جعل منه أمام أعين المصريين «شخصية أسطورية»، «المنقذ»، «رجل الكاريزما»، «العمود الفقرى لمصر»، «أمل مصر العظيم»، «الأسد»،  «لا يقهر»،  «القومية الوطنية»، كل هذه المصطلحات وجدتها الباحثة بين السطور خلال مناقشاتها مع المصريين على الشبكات الاجتماعية.
وأوضحت الدراسة أن مثل شخصية السيسى لم تظهر فى مصر منذ عهد الرئيس الراحل «جمال عبدالناصر»، وأن شخصيته التف حولها النساء والأطفال والشباب والرجال، قائلة إنه لا يوجد شىء يباع فى مصر إلا وعليه «صورة السيسى» سواء مجوهرات أو دمى وملابس ومصنوعات زجاجية.
فعلى الرغم من قدر حب المصريين للسيسي تجد بعضهم يخافه ويراه على أنه ديكتاتو، الأمر الذى يعيد طرح السؤال ما هى فرص فشل السيسى وخيبة أمل المصريين به؟
وحاولت الباحثة إيجاد ردود حول هذا السؤال ووجدت أنه على الرغم من تحديات السيسى لنفسه فإن أمامه مشاكل قوية يحتاج «معجزة» أمام حلها وهى قضايا الإرهاب الداخلى والخارجى، والإضرابات العمالية، وانقطاع تيار الكهرباء، وأزمة الطاقة والغاز، ناهيك عن إرتفاع معدلات البطالة، والأزمة الاقتصادية الكبرى التى تقع على رأس أولوياته، ومسألة الطلاب الذين قتلوا فى الجامعات المصرية وأسعار الغذاء التى أصبحت فى زيادة مستمرة، وانهيار السياحة، كما أن الرئيس الذى كان مسئولا فيما مضى عن حدود الجيش والأمن الوطنى أصبح الأن مسئولا أيضا عن أسعار الطماطم والسكن والوظائف.
هل ينجح السيسى أم يفشل؟
وتحت عنوان جانبى للدراسة «ثمن النجاح والفشل: هل هناك ثورة ثالثة على الطريق ؟ «كتبت الباحثة أن نجاح السيسى يعتمد على تنفيذ وعوده وأن يسن إصلاحات حقيقية فيما لا يقل عن سبعة مجالات أولهما الاقتصاد والذى من شأنه أن يؤدى إلى نمو اقتصادى حقيقى مستدام، يتبعه إصلاحات لمؤسسات الدولة والخدمات، ثم يأتى ملف الفساد إذ يجب عليه مكافحة الفساد فى جهاز الدولة، وإصلاح وتحديث قوات الشرطة والأجهزة الأمنية لتفعيلها فى مكافحة الجريمة والإرهاب.
وفيما يخص المالية يجب على الإدارة المالية بالحكومة الحد من العجز قدر الإمكان وسداد الدين الوطنى، والحفاظ على دعم مرتبات حوالى 6 ملايين موظف فى مصر، وأضافت أنه بالنسبة للقضاء فعلى الرئيس المصرى إصلاح النظام القضائى من أجل استعادة الثقة فيه والعمل على نحو فعال، حيث تأسيس نظام قانونى موثوق فيه دون أى تدخل أجنبى.
أما بالنسبة للسياحة فرأت الدراسة أن عودة السياحة سريعا لبلد يبدو فى صورة فقيرة ويواجه مشكلة كبيرة مثل الإرهاب من الداخل والخارج - صعبا إلى حد ما، وأنه من أجل عودة السياحة فيجب عودة الإستقرار الذى يتتطلب عودة الثقة فى الحكومة وعلى أيضا المستوى السياسى والإجتماعى والذى بدونهم لا يمكن أن تكون هناك دولة، وأشارت إلى أهمية الاستثمار الأجنبى الذى تعتمد عليه فى مصر فى جزء كبير من دخلها والذى بدونه لن يكون هناك غذاء للمواطنين.  
ورأت الدراسة أن هناك عاملين رئيسيين مسئولين عن عدم الاستقرار فى مصر اليوم وهما بعض الثوار الشباب الذين يعتقدون أن الثورة سرقت ولم يرغبوا فى أن تذهب السلطة إلى رجل عسكرى مرة أخرى، والإخوان المسلمين، وأن السيسى لم يستطع حتى الآن التوصل إلى اتفاق أو تسوية سياسية مع الطرفين لتحقيق الاستقرار، قائلة إن السيسى صاحب الجملة الشهيرة (لا تصالح مع الدم) - فى إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين التى تسببت فى أفعال إرهابية أراقت بها دماء المصريين - لن يحاول إيجاد حل سياسى تجاه الجماعة وأن مبدأ الدفاع هو الحل الذى  سيسود خلال السنتين القادمتين  كما وعد السيسى.
وترى الدراسة أن أى محاولة لاستخدام الأساليب القديمة أو الإبقاء على الوضع الراهن ستؤدى إلى فشل السيسى وأن أنصاف الحلول أو الحلول المؤقتة لا تكفى بسبب الوضع الاجتماعى والاقتصادى التى تمر به مصر قبل ثلاث سنوات ونصف منذ قيام ثورة 25 يناير، وأن فشل السيسى سيكون مدويا فى نهاية حياته السياسية القصيرة وسينهار معها صورة الأسطورة إلى جانب أسطورة «الإسلام هو الحل».
وأنهت الباحثة الدراسة بقولها أنا استطاعت استنباط أن مصر الآن تتبنى مبدأ الديمقراطية فى تأسيس قيادة مصر خلال القرن الـ 21 من خلال بحثها على الشبكات الاجتماعية.