السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مريم المصطفاة والمطهرة والأم الحنون




كتب ـ روبير الفارس


يحتفل الأقباط بعيد العذراء مريم «غدا السبت» والتى يعشقها كل المصريين فهى السيدة المطهرة والمصطفاة ونجد لها فى منطقة الشرق الأوسط مزارًا ضخمًا بلبنان باسم «سيدة لبنان حريصا» وحريصا تلة جبلية تبعد نحو 26 كيلو مترا عن بيروت وتعد من أبرز أماكن السياحة وتطل على خليج جونية مباشرة وتضم مزار سيدة لبنان العذراء مريم وهو تمثال وزنه 15 طنا فى قاعدته كنيسة صغيرة وبجوار كاتدرائية حديثة على هيئة شجرة أرز وسفينة فينيقية كما يوجد بها مقر السفارة البابوية فى لبنان. وهى من أجمل الأماكن السياحية فى لبنان حيث يستقطبها السياح العرب والأجانب من قمة روعة المنظر من أعلى الجبل ويمكن الوصول إليها من خلال التليفريك وهو تمثال مهيب الوقوف أمامه يشعرك بالرهبة والحنو فى نفس الوقت. وفى مصر هناك شجرة مريم وكنائس وأديرة مزارات العائلة المقدسة فى دير المحرق ودرنكة وجبل الطير وكناس أبو سرجة والمعلقة والمطرية ومسطرد والمعادى أما متاحف العالم فلا تخلو من لوحات وايقونات للعذراء مريم رصدها كتاب «العذراء فى الفن» من تأليف الباحثة ايستل ماى هرل.
ويعد الكتاب رحلة ممتعة ومتخصصة ما بين ريشات أشهر فنانى العالم الذين حاولوا أن يعبروا عن العذراء بالألوان بدءًا من بورتريهات العذراء. وتتويج العذراء. والعذراء فى السماء. والعذراء الريفية. والعذراء فى بيئة منزلية. وعذراء الحب الأم الأكثر حنوا. وعذراء العبادة والعذراء الشاهدة. وفى سبيل ذلك تناقلت الباحثة بين الكنائس لتبدأ البحث من رحلة زمنية عمرها خمسة عشر قرنا منذ قدمت العذراء مريم والطفل الرضيع إلى الفن، وتؤكد الكاتبة: وبوسعنا آمنين أن نقول.. طيلة كل هذا الوقت والعمل لا يضاهى فى شعبيته. ولا يتطلب الأمر فلسفة عميقة لاكتشاف السبب،  فالعذراء صنف كونى من الأمومة،  إنه موضوع يناشد كل أنماط الناس وأحوالهم،  فليس ثمة من يجهله أو يستعصى عليه فهمه،  وليس ثمة حكيم تتفوق على هذا السحر.
فالطفل الصغير يسهل عليه تقدير هذا تمامًا مثلما يسهل ذلك على الرجل المسن وكلاهما،  على حد سواء،  ينجذب إليه بعامل جذب لا يقاوم! لذا،  فقرنا بعد قرن،  سكب الفنان روحه فى هذه السمة السائدة من حب الأم،  إلى أن أضحى لدينا كم هائل من صور العذراء جد عظيم،  حتى إنه ما بوسع أحد أن يجرؤ على تقديره.
أولى صور العذراء التى عرفناها هى البورتريهات،  وقد كانت بيزنطية أو يونانية،  وقد جلبت إلى روما من اسطنبول،  حيث انبثقت مدرسة جديدة للفن المسيحى من اليونان القديمة.
لقد بذر فتح جستنيان Justinion  لإيطاليا بذور الفن الجديد فى حقل خصيب،  تلك البذور التى سرعان ما تعمقت جذورها وتضاعفت بسرعة كبيرة. ومع ذلك فلم يكن هناك تطور أو ربما كان التطوير قليلا فى هذا النوع لفترة طويلة. وامتد عدم التغيير إلى القرن الثالث عشر،  ولذلك،  فبينما كانت السيدة العذراء البيزنطية فى كل كنيسة إيطالية قديمة تقريبا،  تنظر إلى واحدة فترى الجميع، جميعها فى نصف طول الأشكال إلى خلفية ورقة ذهبية، وقد وضعت بقوة فى البداية، أو رصعت بالملائكة فى وقت متأخر. وللعذراء فى هذا الوضع ذات محيا نحيف وزاهد وعينان واسعتان سيئتا المرأى وذات تعبير حاد الطبع تقريبًا وقد اكتسى رأسها بحجاب ثقيل أزرق داكن ويسقط عليها فى ثنيات عديدة، مظهرها غير جذاب بالنسبة لنا من الناحية الفنية، إنها توحى لنا بالاحترام، إذا لم توح بالتقديس.
إننا نتجه بارتياح لصورة أم بسيطة كهذه، فى الحال حيث شكل فن العذراء الأكثر بدائية والأكثر تقدمًا. إنها حالة أخرى، حيث الأكثر بساطة هو الأفضل.
وفى فصل العذراء المتوجه تقول الكاتبة ملكة هى العذراء فى كل بيت حقيقى، متوجة فى قلوب أطفالها المحبين، لذا فثمة مدلولان  يجب أن يظلا فى عقولنا عند النظر إلى العذراء المتوجة، طبقًا للفكر اللاهواتى للفترة التى رسمت فيها لأول مرة، تنتصب صورة العذراء الأم كملكة للسماء. والمفهوم عادة أنها تقدم تقديس الأمومة.
فى تاريخ تطور الفن، تبدأ العذراء المتوجة حين تنتهى عذراء البورتريه.
يمكننا أن نؤرخ لذلك بدءًا من القرن الثالث عشر، حين أبدع سيمابو الفلورنسى وجايدو السيينى صورهما الشهيرة. لا تزال عذراء سيمابو معلقة على الهيكل فى كنيسة روتشيللى، يأخذ العديد من الحجاج طريقهم إلى هناك لنيل شرف ذكرى والد الفن الحديث.
العذراء الريفية
لم يكد يقبل القرن السادس عشر حتى تم إنتاج أول لوحة للعذراء الريفية فى أسمى أشكالها حتى ذلك الحين لم يكن هناك عدد عظيم من اللوحات التى تعرض لنا حبًا حقيقيًا للطبيعة فى المشاهد الطبيعية النموذجية، يملأ المشهد الطبيعى اللوحة بكاملها، والاشكال كما كانت تشكل جزءًا كاملاً من اللوحة. نادرة هى هذه اللوحات حتى اننا نكتب أسماء القليلين الذين منحونا هذه الكنوز بحروف من ذهب.
يأتى رافائيل فى أول القائمة بحق، ان عذراواته المبكرة توضح حبه للمشهد الطبيعى فى اللمحات الفاتنة فى طبيعة امبريا التى تشكل الخلفية فى لوحاته.
وكما يقول مونتز فانها تمتاز ببساطة خطوطها واتساع تصميماتها. ومع ذلك فقد كانت بداية أشياء عظيمة تبعتها أشياء أخرى.
الكتاب رغم صعوبته لغته الآن صدوره يمثل لافتة طيبة.