الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

10 ملايين قطعة سلاح دخلت مصر فى العام الأخير




حتى وقت قريب جداً وبالتحديد حتى قيام ثورة 25 يناير المجيدة كان صعيد مصر هو المنطقة الوحيدة المشهورة باستخدام وانتشار السلاح لطبيعة المنطقة وانتشار عادة الثأر، وكان السلاح الآلى أو المدفع الرشاش هو المستخدم والمنتشر بين أبناء الصعيد ونادراً جداً ما تجد سلاح الجرينوف مع بعض العائلات وهناك أفراد كانوا يفضلون استخدام الفرد الخرطوش لرخص ثمنه وفى نفس الوقت لسهولة إخفائه وسرعة استخدامه لكن مع مرور الوقت وقيام ثورة 25 يناير واقتحام السجون وأقسام الشرطة تم تهريب أكثر من مائة ألف قطعة سلاح، بين سلاح آلى ورشاش بورسعيد ومسدسات متنوعة الأشكال.
 
بعدها بأيام قليلة اندلعت الثورة فى ليبيا وفتحت الحدود الغربية للبلاد وأصبحت متاحة للجميع ووجدها البعض فرصة نادرة لتهريب وتخزين السلاح فى مصر، حتى إن بعض الأسر والعائلات سواء فى صعيد مصر أو فى الوجه البحرى أصبحت لا تقتنى السلاح الآلى والبعض ينظر إليه على أنه سلاح خفيف ولا يحمى صاحبه فى المعارك المرتقبة وانتشر فى البداية سلاح الجرينوف ومع الآر بى جيه المضاد للدبابات الذى من المؤكد استخدمه لهدم المنازل على أصحابها لكن مع تدقق العديد من أنواع الأسلحة والذخيرة إلى البلاد بدأت العائلات تقتنى أخطر أنواع الأسلحة مثل مضادات الطائرات وصواريخ عابرة للمدن وقاذفات صواريخ.
 
الأسوأ من ذلك أن بعض عائلات الصعيد أصبحت تقدم الآن هدايا للعائلات الأخرى فى المناسبات طرود ذخيرة أو قنابل يدوية، فقد أصبحت متاحة للجميع وأصبحت العائلات فى الصعيد وفى الوجه البحرى على حد سواء تتفاخر بامتلاكها أخطر أنواع الأسلحة وأصبح السلاح الآلى من الأسلحة التى عفى عليها الزمن.
 
فقد استطاعت أجهزة الأمن خلال شهرى إبريل ومايو ضبط أكبر كمية من هذه الأسلحة والمعدات الثقيلة التى بلغت حسب تقرير جهاز الأمن العام 400 صاروخ مضاد للطيران و120 صاروخ أرض أرض و90 صاروخ أرض جو و180 آر بى جيه و300 مدفع جرينوف و150 رأساً مدمراً للصواريخ و180 طبة خاصة بالصواريخ، بالإضافة إلى 5 أجهزة تليسكوب و7 أجهزة جى بى إس و12 مفتاحاً لتجميع الصواريخ و1200 بندقية آلية هذه الكميات الضخمة التى تم ضبطها فى شهرين فقط تؤكد أن هناك تخطيطاً منظماً لامتلاك هذه الأسلحة لاستخدامها فى نوعية خاصة من الجرائم ذات الصلة السياسية وليست الجنائية، نظراً لخطورتها وهذه الأسلحة حتى وقت قريب كان لا يعرفها المصريون ولا يقتنونها على الإطلاق إلا أن عمليات التهريب المنظمة خاصة من ليبيا والجنوب من قبل عصابات تقوم بإحضار هذه الأسلحة الثقيلة وبيعها فى مناطق محدودة أصبحت سوقاً لهذه الأسلحة وهذه المناطق تتركز فى محافظات مرسى مطروح وشمال سيناء والإسماعيلية وبورسعيد والبحيرة وأسيوط وسوهاج.
 
تلك المناطق تحولت إلى محطة لتوزيع هذه الأسلحة وبيعها فى باقى مدن الجمهورية بالإضافة إلى استخدام الطرق الصحراوية الوعرة فى عمليات تهريب هذه الأسلحة حتى إن بعض هؤلاء التجار لجئوا إلى جبل ماكرة فى إخفاء الأسلحة داخل مخازن سرية بسياراتهم لنقل وبيع هذه الأسلحة.
 
الغريب فى الأمر بعد قيام الثورة مباشرة ارتفع ثمن الأسلحة نظراً للطلب عليها وبعد أسبوعين بدأت فى الانخفاض بعد سرقة مخازن الأسلحة من السجون ومديريات الأمن وأقسام الشرطة بعدها ارتفعت مرة أخرى ثم بعد ذلك انخفضت بشكل ملحوظ مع عمليات التهريب التى جرت بعد انتهاء الحرب فى ليبيا لدرجة جعلت سعر سلاح الكلاشينكوف الكورى وهو أحد أشهر وأحدث الأسلحة الآلية التى نهبت من مخازن الأسلحة الليبية حوالى 1500 جنيه فقط على الحدود الليبية وبعد دخوله يصل إلى يد المستهلك بحوالى 5 آلاف جنيه وسعر السلاح الجرينوف بعد أن كان 90 ألف جنيه انخفض ليسجل 60 ألف جنيه فقط، أما قاذفات الصواريخ والصاروخ الحرارى فيصل ثمنه إلى 90 ألف جنيه داخل مصر أما عند دخوله من الحدود الليبية وبالتحديد عند مدينة السلوم أو فى سيدى برانى فيصل سعره إلى 20 ألف جنيه فقط.
 
وقد أشارت التقارير إلى أن الحدود الليبية - المصرية تعد من أهم منافذ بيع الأسلحة فى العالم أجمع، الأمر الذى شجع عدداً كبيراً من تجار المخدرات على العمل فى تجارة السلاح بعد أن تبين لهم أن تجارة السلاح أرباحها أكبر بكثير من تجارة المخدرات، فإذا علم أن بعض الأسلحة يتم شراؤها من على الحدود الليبية بمبلغ 20 ألف جنيه فقط مثل قاذفات الصواريخ وصواريخ أرض جو وغيرها من الأنواع وتباع فى السوق السوداء فى الوجه البحرى أو فى الصعيد ما بين 60 إلى 90 ألف جنيه فى حين إذا تم شحنها إلى الحدود الشرقية وبيعها فى غزة قد يصل ثمنها إلى 120 ألف جنيه فهذا يعنى أن الأرباح مضاعفة قد تصل إلى ستة أضعاف ثمنها، فى حين أن تجار المخدرات تصل أرباحهم فى عمليات تهريب المخدرات ما بين ثلاثة إلى أربعة أضعاف الثمن بالإضافة إلى أن البعض يرى أن تجارة السلاح لا عيب فيها بعكس تجارة المخدرات التى تجلب العار لصاحبها عندما يتم ضبطه الأمر الذى شجع عدد كبير من أصحاب رءوس الأموال فى القرى والنجوع لأن يدخلوا فى هذه التجارة بشكل مكثف لدرجة أن تجارة السلاح أصبحت رائجة فى كل قرية وكل نجع وكل تاجر حسب مقدرته المالية ومقدرة أهل القرية الشرائية.
 
ورغم عمليات الضبط المستمرة التى تقوم بها أجهزة الشرطة إلا أن عمليات الضبط لا تمثل 2 أو 3٪ من حجم التجارة الحقيقية فى مصر ففى آخر عملية قامت بها أجهزة الأمن كانت فى محافظة الجيزة عندما هاجمت أحد تجار السلاح بمدينة الصف ولمدة ثلاث ساعات قام فيها بإطلاق كميات ضخمة من الأسلحة على أجهزة الأمن التى استطاعت فى النهاية القبض عليه فوجد بحوزته ثلاثة مدافع مضادة للطائرات و3 قنابل و6 بنادق آلية و2000 طلقة لكن ما يثير الشكوك فى وجود هذا الكم من الأسلحة داخل مصر دخول أعداد كبيرة من الشباب الفلسطينى بطرق غير شرعية إلى البلاد وتحديداً عناصر من حماس وقد استطاعت أجهزة الأمن بعد فحص 117 شقة مفروشة و65 شقة إيجار جديد يسكنها 281 شخصاً وجد بينهم 20 فلسطينياً و11 أردنياً مقيمون بطرق غير شرعية ولا يعرف سبب لوجودهم فى هذا الوقت بالذات.
 
لكن الأخطر من ذلك تحول محافظة البحيرة إلى سوق ضخمة لبيع وتجارة الأسلحة وبالتحديد مدينة الدلنجات وقد استطاعت أجهزة الأمن فى 20 يونيو ضبط 101 صاروخ أرض جو مع 4 متهمين بميدان الساعة بمدينة الدلنجات بالبحيرة وتبين أن المتهمين قاموا بجلبها من ليبيا عبر الصحراء الغربية، كما ضبط بحوزتهم كميات هائلة من الطلقات بينها 48 مقذوفاً وصاروخاً مضاد للدروع و473 طلقة نصف بوصة بينهما طلقات حارقة و1144 طلقة عادية مع المتهمين موسى محمد سلام وشاكر محمود مسلم هذه الضبطيات لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة.
 
أما عن تصنيع الأسلحة فى مصر فهى أصبحت أكثر وبكثير من صناعة الصابون فقد انتشرت صناعة الأسلحة فى مصر بعد أن كانت فى الماضى تتركز فى أماكن بعينها مثل بعض قرى محافظات قنا وأسيوط والقليوبية والبحيرة أما الآن فحدث ولا حرج فأغلب محافظات مصر الـ27 تنتشر بها ورش تصنيع الأسلحة سواء كانت أسلحة الفرد الخرطوش أو الفرد الروسى أو تحويل مسدسات الصوت إلى مسدسات حقيقية تطلق الرصاص الحى وقد استطاعت أجهزة الأمن خلال ثلاثة أشهر ضبط 16 ورشة لتصنيع الأسلحة وضبط مع أصحابها كميات كبيرة من الأسلحة المصنعة محلياً والتى انخفضت أسعارها فى الأيام الأخيرة فبعد قيام ثورة 25 يناير ارتفع سعر الفرد الخرطوش الذى كان ثمنه لا يزيد على 600 جنيه إلى ثلاثة آلاف جنيه إلا أنه بعد تدفق الأسلحة من الحدود الليبية المخفض سعر هذه الأسلحة عن سعرها أيام ثورة 25 يناير ليصل سعر الفرد الخرطوش ما بين 900 و1100 جنيه فى حين وصل سعر المسدس الصوت الذى يطلق أعيرة نارية ما بين ألفى جنيه وثلاثة آلاف جنيه بعد أن وصل سعره بعد الثورة إلى ما يقرب من خمسة آلاف جنيه وكان عدد كبير من المواطنين يفضلون شراءه حتى يتهربوا من المسئولية فى حالة ضبطه معهم من قبل أجهزة الأمن بدعوى أنه مسدس صوت ولا يتم محاكمة صاحبه أما الآن فأصبح شراؤه من قبيل الهزل بعد انتشار المسدسات التى يتم تهريبها من ليبيا وبكل الأشكال والأنواع سواء كانت إيطالى أو ألمانى أو كورى أو روسى حتى الأسلحة الصينى التى كان يتم تهريبها وبيعها داخل مصر مثل السلاح الآلى الصيني الذى انتشر فى السنوات الأخيرة داخل البلاد أصبح الآن الإقبال عليهم ضعيفاً جداً نظراً لخطورته رغم رخص ثمنه بالإضافة لانتشار أنواع أخرى من الأسلحة فى مصر يتم تهريبها عبر الحدود الغربية أفضل بكثير من السلاح الآلى الصينى رخيص الثمن الذى كان يباع بما يتراوح ما بين 4 إلى 7 آلاف جنيه لأن يتراوح بين ثلاثة و5 آلاف جنيه في حين أن السلاح الآلي الأصلي الذي وصل سعره إلي 25 ألف جنيه انخفض الآن ليباع من بين 12 إلى 16 ألف جنيه.
 
يقول اللواء وجيه عفيفى الخبير الاستراتيجى بأن مصر تحولت فى الشهور الأخيرة إلى سوق ضخمة لتجارة السلاح ونقلها من الحدود الليبية أو بمعنى أدق الحدود الغربية إلى الحدود الشرقية فى سيناء لبيعها فى غزة وأن آخر إحصاء يؤكد أن مصر قد دخلها فى العام ونصف العام الأخير ما يقرب من 10 ملايين قطعة سلاح وهو أمر ينذر بالخطر ورغم أن أجهزة الأمن تطارد المهربين للقضاء على هذه التجارة إلا أن انتشار الصحراء فى ربوع مصر جعل عملية التهريب بالأمر السهل واليسير.