الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الإخوان والتحالف مع الشيطان




ترجمة وإعداد - أميرة يونس

كشفت صحيفة «معاريف» العبرية عن وثيقة جديدة  لشعبة الاستخبارات الإسرائيلية تتحدث عن استخفاف القيادات الإسرائيلية بالأسرى اليهود فى السجون المصرية بعدما قبض عليهم فى القضية المشهورة باسم «فضيحة لافون» فى إشارة إلى بنحاس لافون وزير الدفاع الإسرائيلى الأسبق غير أن الاسم الحقيقى للعملية هو «سوزانا» والتى حدثت فى 23 يوليو عام 1954 فى الإسكندرية.


ووفقا للوثيقة فقد تم التجهيز للعملية فى صيف 1951 بعدما قام  أخطر رجال المخابرات الإسرائيلية فى ذلك الوقت «أبراهام دار» والذى دخل مصر بجواز سفر لرجل أعمال بريطانى يحمل اسم «جون دارلينج» بتشكيل قاعدة للعمليات فى مصر وقام بتجنيد عدد من اليهود فى مصر وتشكيل خليتين إرهابيتين فى القاهرة والإسكندرية لضرب أهداف مصرية وأمريكية وأوروبية، على أن تؤدى هذه الأعمال الى توتر العلاقات المصرية الأمريكية، وعدول بريطانيا عن إجلاء قواتها من السويس.
وتقول صحيفة معاريف: إن اكتشاف الخلية بدأ عند سقوط أحد أعضائها وهو « فيليب ناتانسون» وهو عضو فى الشبكة الإرهابية وتم تجنيده من قبل وحدة الاستخبارات العسكرية 131 حين انفجرت محتويات القنبلة فى جيب العميل المكلف بوضع المتفجرات بدار سينما ريو فأنقذه المارة ولسوء حظه تواجد رجل شرطة فى المكان تشكك فى تصرفاته فاصطحبه إلى المستشفى بدعوى إسعافه من أثار الحريق وهناك قال الأطباء: إن جسم الشاب ملطخ بمسحوق فضى لامع وأن ثمة مسحوقاًَ مشابهاًَ فى جراب نظاره يحمله فى يده ورجح الأطباء أن يكون الاشتعال ناتج عن تفاعل كيميائى، وأنتهى أمره بالقبض عليه.
وانهارت شبكة التجسس بعد حوالى ستة أشهر من التعذيب فى سجون القاهرة، إذ أنتحر أحد أعضاء الشبكة «ماكس مائير بينيت» بعد اكتئابه الشديد بسبب عدم إيجاد أى مبادرة من الجانب الإسرائيلى بالإفراج عنهم خاصة بعد أن أمرت المحكمة المصرية بإعدام اثنين من زملائه بالشبكة الإرهابية وهم « الدكتور «موشيه مرزوق» والمهندس «شموئيل عازر»، وتم تنفيذ الحكم فى 31 يناير عام 1955، كما حكم على ستة من أعضاء الشبكة بالسجن مع الأشغال الشاقة وقمع السجناء فى السجون المصرية لمدة 14 عاما مع محاولة إسرائيل توصيل مساعدات مالية لعائلاتهم لكن بدون الإعلان عن ماهية العملية للشعب الإسرائيلى كله.
وفى بداية عام 1968 تم الافراج عن سجناء القضية ضمن صفقة تبادل للأسرى مع مصر فى أعقاب نكسة يونيو.
واستقبلوا فى إسرائيل «استقبال الأبطال» وحضرت رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير بنفسها حفل زفاف أحد السجناء المفرج عنهم بصحبة وزير الدفاع موشى ديان ورئيس الأركان، وتم تعيين معظم هؤلاء الجواسيس فى الجيش الإسرائيلى كوسيلة مضمونة لمنعهم من التحدث بشأن القضية.
وفى سبق لصحيفة معاريف تقول إنها حصلت على الوثيقة من قبل أحد اليهود الذين حكم عليهم بقضاء عقوبتهم فى السجون المصرية والذى مازال على قيد الحياه، ويكشف هذا الرجل الذى وصفته الصحيفة «بالبطل» عن أنه حصل على حليف داخل السجون المصرية سيستغرب أى أحد أن يعرف أنه تحديدا من «الإخوان المسلمين».
وتتابع الصحيفة أنه بعد 60 عاما نجا ثلاثة فقط من «سجناء صهيون» فى القاهرة وهم «مارسيل نينو»، «مائير زعفران 87 عاما، و«روبرت داسا» 81 عاما وهو من أجرى محادثة مع صحيفة معاريف يحدثها عن حلفائه من الإخوان المسلمين، وأنه الآن على استعداد للتجسس وجمع المعلومات لصالح إسرائيل لكن دون ارتكاب أعمال تخريبية، مؤكدا أنه ومع صدور الأحكام القضائية ضد أفراد الشبكة فى يناير 1955، وخلال فترة الاعتقال بالسجون المصرية التى قضاها 6 من أفراد الشبكة، استطاع بمساعدة أفراد من الإخوان المسلمين إرسال وثيقة للوحدة 131 الاستخباراتية الإسرائيلية موقعة بأسم «عزرائيل هارئيل»، تناولت وضع المعتقلين اليهود فى سجن طرة.
وأضاف اليهودى «روبيرت داسا» أن أعضاء الشبكة اليهودية لم يتعرضوا إلى أى مضايقات من جانب الإخوان المسلمين الذين قبض عليهم تزامنا مع قضيتهم بتهمة محاولة اغتيال الرئيس «جمال عبد الناصر»، بل أنه قام بفتح قنوات اتصال مع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين فى سجن طرة وخارجه .
يقول روبرت داسا: إنه قام برعاية ومعالجة أحد أهم قادة الإخوان المسلمين «سيد قطب»، «الحديبى» وأخرين أعدموا فيما بعد، معربا عن فخره وتقديره لهذه العلاقات التى ساعدته فى الاستمرار بالسجون المصرية، إذ إنهم كانوا يقدمون له السجائر وبعض الطعام ليوزعه على السجناء اليهود لتوطيد العلاقات معهم عسى أن يحتاجوا إلى بعضهم فى أى أعمال كانت من وجهة نظرهم حين ذاك «بطولية».
واضاف داسا: إنه كان ينظم بطولات رياضية للمسجونين بين اليهود والإخوان، وأنه فى إحدى المرات جلس وتحدث مع مؤسس جماعة الإخوان المسلمين «سيد قطب» الذى أعرب لداسا عن تقديره له و للنضال اليهودى أمام الانتداب البريطانى وأنه مثال يحتذى به.
واستطاع داسا تهريب تقارير بمساعدة الإخوان المسلمين، قائلاً: إنه سينشرها فى كتابه « العودة إلى القاهرة، ورفض داسا الكشف عن طرق تهريب الوثائق والتقارير من داخل السجن حتى بعد مرور 60 عاما.
وأنهى داسا حديثه مع صحيفة «معاريف» أن الإخوان المسلمون بقتلهم للسادات قتلوا «السلام» وأن حركة حماس التى انبثقت عن الإخوان المسلمين لولا عداء إسرائيل مع المصريين لما انبثقت هذه الحركة وأنه اليوم وبعد مرور 60 عاما على بذور العلاقات اليهودية مع الإخوان المسلمين، يواجه الجيش الإسرائيلى عسكريا حركة حماس، متسائلا فهل ما يحدث الآن هو ثمن خطيئة ارتكبتها القيادة الإسرائيلية قبل 6 عقود فى حق المصريين، وأن اليوم وبعد ستة عقود وجدت إسرائيل نفسها تعتمد على القيادة المصرية لفرض مبادرة وقف إطلاق النار من جانب حماس التى انبثقت عن جماعة الإخوان المسلمين.
يأتى ذلك فيما يبدو أن تحالفات الإخوان المسلمين فى مصر وجميع البلدان العربية كانت ضد المصالح القومية العربية من قديم الأزل، ولم يكتف الإخوان بالتحالفات الخارجية ضد المصالح المصرية، بل ذهبوا للتحالف مع اليهود، غير مبالين بتاريخ الاحتلال فى مصر وفلسطين وما ارتكبوه من حروب أدمت قلوب المصريين بعد إسالة دماء شهدائها فى سيناء أو بالمسلمين فى القدس والمجازر اللإنسانية  فى حق أطفال فلسطين.
حيث يشوب تاريخ الإخوان المسلمين الكثير ففى الوقت الذى يزعمون فيه أنهم وجدوا لتحريرالقدس من أيدى المحتل الغاصب وأنهم فى طريقهم إلى تأسيس إمارة إسلامية من أجل تحريرها وإقامة الشريعة فى بلاد المسلمين، ذهبوا لوضع أيديهم بأيدى كل من أراد بالبلاد السوء والسعى لعدم استقرارها سواء من قوى خارجية أو فى أيدى جماعات إرهابية منظمة.
ويجب أن نذكر هنا ما دعا إليه «عصام العريان» نائب رئيس حزب الحرية والعدالة ومستشار الرئيس المعزول محمد مرسى، بضرورة عودة يهود مصر واسترداد أملاكهم، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة بين صفوف القوى الوطنية ضده وجماعته الإرهابية قائلين: إن دعوة القيادى الإخوانى عصام العريان لليهود المصريين فى إسرائيل والذين تركوا مصر وهاجروا إلى إسرائيل إبان حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، سيدفع إسرائيل إلى رفع قضايا تعويض ضد مصر، وما هى إلا رسالة موجهة لاسرائيل مباشرةً لطمأنتها على مصالحها فى المنطقة على حساب المصالح المصرية .ففى الوقت الذى ذهب الإخوان فيه إلى تكفير المسلمين وتهجير، وقتل وسحل «الشيعيين» بالشوارع فى مصر، دعا العريان إلى عودة اليهود إلى مصر.
ويذكر محللون سياسيون أن تاريخ الإخوان المسلمين فى البلدان العربية مثل العراق عار عليهم فخلال الاحتلال الامريكى للعراق عمل الاخوان يداً بيد لمحاربة الشعب العراقى مع الامريكيين والشيعة من خلال ما يسمى بالصحوات العراقية التى اساسها الجيش الاسلامى التابع للاخوان،وطوال مجازر الشيعة فى العراق لم يصدر بيان واحد من الاخوان فى مصر وغيرها يدين جرائم الشيعة فى العراق.
وعندما هاجمت قطعان حزب الله الشيعية فى لبنان مناطق السنة فى لبنان لم نجد اى ادانة أو تنديد من الاخوان فى اى مكان،وأيضا خلال عهد مبارك كان هناك علاقة تصادم بين حزب الله اللبنانى وبين مصر وصل اوجها باعتقال السلطات المصرية لخلية لبنانية شيعية اتهمت بالتحضير لأعمال ارهابية فى مصر وتهريب الأسلحة الى غزة ،وفى تلك الفترة كانت العلاقات بين الاخوان وبين حزب الله اللبنانى والشيعة بشكل عام قوية بشكل كبير دفع مرشد الاخوان آنذاك لإصدار فتوى رسمية باسم الاخوان تعتبر الشيعة مذهبا خامسا.
أما بالنسبة لثورة 25 يناير تبارى المسئولون الايرانيون والشيعة اللبنانيون والشيعة العراقيون باطلاق التصريحات المؤيدة للثورة المصرية واعتبارها ثورة اسلامية وردت جميع القوى الثورية بالرفض والتنديد بالتدخل الايرانى ومن معها بالثورة وان الثورة مصرية خالصة، فقط الاخوان أحجموا عن الرد والتنديد بالتصريحات الإيرانية .
بل عمل المعزول «محمد مرسى» بعد توليه السلطة فى مصرعلى اقحام ايران فى المعادلة العربية الاقليمية من خلال اشراكها باللجنة الرباعية التى انتهت الى فشل ذريع لرفض السعودية المشاركة فيها. واصر المعزول فيما بعد على أن الحل بسوريا يجب ان يكون سياسيا من أجل ابقاء مصالح إيران بسوريا محفوظة وابقاء الشام المستودع الخلفى والممر الاستراتيجى لحزب الله .
فليس من الغريب أبدا أن تظهر وثيقة إسرائيلية جديدة تثبت تحالف الإخوان إبان عهد عبد الناصر مع الجواسيس اليهود الذين قبض عليهم فى السجون المصرية عقب العملية الإرهابية المعروفة «بفضيحة لافون».