السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خطر جديد يهدد المكتسبات الإسلامية للمرأة




كتب : د.عبدالله النجار

أنصف الإسلام المرأة، وقرر لها من الحقوق الإنسانية وغيرها ما قرره للرجل حتى لا يظن أحد أن هناك تفرقة بينهما أو ان ثمة تمييزًا إنسانيا بسبب اختلاف الجنس، فهما مخلوقان من أصل واحد وهما شقان لنفس واحدة، قال تعالى: «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها»، والمراد بالزوج الرجل والمرأة إذ يطلق على كل منهما لفظ «زوج» عندما يرتبطان فى عقد الزواج.
وهما مكلفان أمام الله بما أنزله من صحيح دينه، وصاحبا حق فى نواتج عملهما وسعيهما فى الحياة، قال الله تعالى: «فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى» وقال تعالى: «من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة، ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون».
والتكليف أمام الله يترتب عليه أن يكون لكل منهما ذمة متساوية تلزم بالحقوق وتتحمل الالتزامات، ولهذا كان توقيع المرأة على سندات الحقوق وأوراق الالتزامات التى ترتب مسئوليتها عن توقيعها، مساويا لتوقيع الرجل على ما توقع عليه المرأة، ولو وقع الرجل وبصم وختم على عقد الزواج فلن يكون لتوقيعه أو ختمه أو بصمة اصبعه قيمة أو اثر إلا إذا وقعت المرأة فى إطار الضوابط الشرعية الصحيحة، وقد لا توقع هى بنفسها فتوكل من يوقع عنها كأبيها أو أخيها، ولولا ذلك الرضا الانثوى الذى تباشره المرأة بنفسها أو لواسطة من ينوب عنها لفشل الرجل فى الاقتران بها والزواج منها، ولعاد إلى منزله خائب الرجاء كسير العين مجروح الخاطر، مهدر الكرامة هو وأهله الذين رافقوه فى طلب يدها أو حضور زواجهما.
وربما كان إعراضها عنه وامتناعها عن الاقتران به مثار سخرية منه وسبب استهزاء به، وقد يسبب له معرَّة فى مجتمعه، ويجلب له الهزء بين أقرانه وزملائه، وقد يجره ذلك إلى هزيمة نفسية ربما يفقد معها أسباب نجاحه فى الحياة وقد يعجز عن اجتياز تلك الوهدة فيعيش وحيداً كسيف البال خائب الرجاء حتى يقضى الله به ما يريده.
والمرأة لها عقل يجتذب عيون الحكمة ويتفاعل معها ويضفى عليها من قدراته وما حباه الله به من ذكاء ما يرتقى بها لأن تكون أثراً فاعلاً فى رخاء الناس، ونشر معالم الخير والسلام والمحبة بينهم، وهى فى ذلك مؤيل للحكمة المنصوص عليها فى قول الله تعالى: «يؤتى الحكمة من يشاء، ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيراً كثيراً» والآية عامة تشمل الرجال والنساء، والرجال يرون هذا، فقد يكون الذكر مع الانثى فى صف واحد، وفى معهد أو كلية واحدة فتتفوق هى وتحصل على أعلى تقدير مرتفع، بينما يخفق هو ويحصل على تقدير متدن، وقد تكون زميلة له فى عمل فتؤدى عملها، بالذمة والأمانة والدقة والاخلاص بينما يؤدى هو عمله بإهمال واضح واستهتار معيب فترقى هى ويبقى هو فى مكانه محلك سر.
والمرأة هى أساس منظومة الحياة، وبدونها ينقطع النسل ويتوقف تسلسل الأجيال، ولو تصورنا رجالا فى عالم الدنيا بدون نساء وتصورنا انقضاء أعمار الرجال بدون عقب أو خلف أو ذرية فى هذا العالم الذى لا يوجد به نساء لتصورنا واقعا مرا ونهاية مدمرة، وخرابا لافكاك منه.
وقبل أن يموت الرجال فى هذا العالم الذى يفترض أنه ليس فيه نساء سوف يموتون كمدا وينتهون حزنا وجنونًا لافتقاد الأنيس الحالى، والمودة المأمولة إنهم سيموتون كمدا من قسوة الحياة وهجرها ولفقد الحبيب والأنيس لأن المرأة ركن ركين فى استمرار الحياة ونهوضها وجمالها، ومع كل ذلك فالمرأة ليست كالرجل فى التكوين الجسمانى، أو التركيب النفسى، لأنها تحمل وتلد، وتحيض وترضع، والرجل ليس كذلك، نعم، المرأة ليست كالرجل فى قدراته العضلية والجسمانية لأنه رجل وهى امرأة.
لكن تلك الاختلافات الجسمانية أو النفسية قد نظمتها الشريعة الإسلامية ووضعت لها ما يلائمها من الأحكام التى تتفرع على مبدأ من مبادئ الشريعة يقضى بأنه لا تكليف بما يشق أو بما لا يطاق، قال الله تعالى: «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها» وفى حدود  تلك الاختلافات البدنية عند المرأة يكون الوسع، ويكون التكليف مبينا عليه، وفيما عدا تلك الأحكام المنظمة لتكليف المرأة فى حال طرود متغيرات الانثى فيها يكون الرجل والمرأة صنوان بل شقيقين أو ندين متساويين كما قال النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ «النساء شقائق الرجال»، والندية فى التساوى ليست ندية تنافس أو تحارب ولكنها ندية تعاون أو تكامل كما يكمل الليل النهار، وصدق الله العظيم حين: «والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى إن سعيكم لشتى».
هذه مبادئ إسلامية عامة مقررة ومعلومة للقاصى والدانى، وهى تنطق بأن المرأة كيان إنسانى راق وتكوين إنسانى يدل على عظمة الخالق فى خلقه حين خلق كل شىء من زوجين ليستمر عمار الكون، ولا تتوقف خلافة الأجيال لبعضها فى القيام لواجب العبدوية لله، ونقل مبادئ الدين والخير من السلف إلى الخلق.
إن المرأة هى السبب الإلهى الذى يتحقق به مراد الخالق من خلق الإنسان حين جعله خليفة فى الأرض فقال: «هو الذى جعلهم خلائف الأرض» أى يخلف بعضكم بعضا عبر الأجيال ليكون إلى يوم القيامة فى طاعة متعاقبة لله عز وجل.
لقد تعرضت حقوق المرأة ـ رغم وضوح تلك المبادئ لاجحاف كبير وإهمال أكبر وها هى ألآن تنتظر مؤامرة إنسانية كبرى نريد أن نجعل منها شيئا من الأشياء أو مادة للمتعة، أو بصريح العبارة يكون النساء «سبايا» بعد أن انتهى زمن الرق ومضى زمن السبايا والا فما معنى إطلاق وصف «الحرائر» على بعض الاناث وعدم إطلاقها على بعضهن الآخر، ثم ما معنى ذلك الشيوع المتكلف لجريمة التحرش بالأنثى واتخاذ النساء سبايا من قبل بعض المهووسين والإرهابيين للاستمتاع بهن ليس إلا.
يجب على الضمير الإنسانى وعلى المسلمين عامة أن يتعاونوا على البر والتقوى وينقذوا نساء العالم مما يدبر لهن فى الخفاء.