الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الخرافات المقدسة فى الكتب القبطية




تنقية كتاب التراث قضية شائكة. وملف ساخن يخشى الكثيرون الاقتراب منه.خاصة أن كتب التراث مع الوقت والسنين تكتسب قداسة بمرور الايام. وقداسة أخرى من تتبعها والاعتماد عليها وعند الاقباط هناك عدد كبير من كتب التراث التى تحتاج الى تنقية وفحص. يأتى على رأسها كتاب السنكسار وهو كتاب يجمع سير وقصص القديسين والابرار والشهداء حسب يوميات السنة القبطية اى يسجل يوميا حياة الشهداء أو القديسين الذين ماتوا فى هذا اليوم. وتتم قراءة فصول منه خلال صلاة القداس. ويحتوى على حكايات عديدة تحتاج الى فحص ومراجعة وامور غير مقبولة. وهناك بالفعل محاولات تمت لتنقيته مثل المحاولة التى قامت بها الكاتبة والمؤرخة الكبيرة إيريس حبيب المصرى قبل رحيلها. ولكن لم تنل رضى الكنيسة.؟! كذلك هناك كتاب بستان الرهبان الذى يتضمن قصصا واقوالا لمؤسسى الرهبنة. وهناك العديد من كتب سير القديسين وقصص المعجزات التى تصدر بلا مراجعة. وفى البداية نرصد ما جاء بمدونة تحت اسم «إليكن نور» والذى كتبها أحد الباحثين فى علم اللاهوت رافضا توقيعها باسمه وجاء فيها: أتذكر حين أتى احدهم إليَّ ليسألنى حول قصة ما مذكورة فى السنكسار، قال لى: هل أنت واثق أنها حدثت حقا؟ اعنى أن الأمر لا يبدو منطقياً ولا حتى من الناحية التاريخية بل يناقض اشياء كثيرة.
أجبته أن قداسة البابا قد أشار ذات مرة لوجود أخطاء فى السنسكار، وطلبت منه وقتاً لأبحث الأمر وأعطيه إجابة. أذكر أننى وقتها لم أنجح فى الوصول لأى إجابة إذ لم أجد كتاباً واحداً يشير للمصدر الأصلى للقصة فكل الكتب كانت قد نقلت من بعضها البعض.
وهذه هى محنة التراث القبطى، فقد ظللنا قروناً ننقل تراثنا بكل ما فيه من غث وثمين دون أن نتوقف لحظة أمامه لندرسه ونحلله وننقيه مما شابه عبر العصور أو حتى نحاول أن نرده لأصوله الأولى ولو قررت يوماً أن تتبع أصل أحد الألحان أو ربما قصة من قصص التراث القبطى أو حتى أصل أحد الأصوام ستفاجأ بصعوبات جمة لعدم وجود أى مراجع أو كتابات موثقة لهذا التراث.
ويضيف صاحب مدونة «ليكن نور»: إن التراث القبطى هو واحد من أغنى وأقوى وأندر التراث الدينى والإنسانى فى العالم، وعلينا نحن أبناء هذا التراث أن ندعمه ونحفظه بالصورة التى تليق به ككنزنا الذهبى الفريد. نحن امام أمرين لايمكن لواحد منهما أن يكون دون الآخر.
الأمر الأول هو تنقية هذا التراث من الشوائب التى لحقت به عبر العصور خاصة من التأثير الأسلامى والرومي. الأمر الثانى هو تأصيله وتوثيقه.
ربما لأننا أدمنا تقديس الأشياء واعتبارها تابوهات لايجب مسها، لذا لا نقبل فكرة النقد والتنقية، التراث أصبح لنا مقدساً أياً ماكان فيه.
لكن التقدم وجوهر الإبداع يبدأ من النقد الذاتى وحيث نعرف - أين - أخطاءنا وأين أصبنا لنكمل الطريق أحراراً لامحملين بتراث يفقد المصداقية والتأصيل بل حاملين تراثا نقياً تضرب جذوره فى ماضينا السحيق نحمله بكل فخر واعتزاز.
لكن بالرغم من هذا تعلو بعض الأصوات التى تقول إن تأصيل التراث القبطى قد يهدد التراث ذاته إذ قد نجد أنفسنا أمام ممارسات أو أفكار اعتقدناها متجذرة فى تراثنا وهى ليست كذلك وهذا الاكتشاف سيدفعنا لمحنة أعمق.
الحقيقة هى: أن ما ليس له جذور فى التراث القبطى هو بالتأكيد دخيل أى أنه لا يعتبر جزءاً من تراثنا الحقيقى. بالإضافة أن الهدف الأساسى من دعوة تأصيل التراث ليس إثبات أو نفى معتقدات وممارسات معينة، فالتأصيل المقصود به القدرة على تتبع عقيدة أو ممارسة ما حتى نصل إلى جذورها فى أقدم زمن ممكن وبالتالى تكون مبنية على أساس سليم مما يمنحنا القدرة أن نضع لها دفاعاً قوياً تجاه المشككين.
ويرصد قائلا: كانت نتيجة غياب هذا النوع من الدراسات التى توثق للتراث أننا أصبحنا نعانى من عدم قدرتنا على تقديم الردود المناسبة والعلمية لأسئلة الجيل الحالى وفقدنا الرابط المرئى بين التراث الأبائى والفكر المعاصر وبالتالى فقدنا التمييز بين ماهو دخيل وما هو تراث قبطى أصيل.
من هنا دعوتى لانقاذ التراث القبطى من محنته… هى دعوة للانتقال من عصر النقل لعصر العقل.
ويقول الباحث القبطى المهندس فؤاد نجيب يوسف: مطلوب مراجعة السنكسار بصفة عاجلة وتنقيته من مخلَّفات العصور الوسطى وتراكم الأخطاء من كل نوع سواء التاريخية أو اللاهوتية أو اللغوية. ويلزم تحقيق كل الأحداث التى به تاريخيا وتنقيتها عقيديا. ومطلوب إضافة تسجيلات كثيرة لأحداث وقديسين ومصلحين مع إضافة الكثير من أحداث التاريخ القبطى بايجاز. كما يلزم التنقيح والحذف والتنقية من الأحداث الدخيلة على الكنيسة القبطية حيث مر عصر كان للسريان أثرا واضحا فى حشر كتاباتهم فى كتب الكنيسة القبطية بشكل عام وخصوصا فى السنكسار. ولقد قامت المؤرخة العظيمة إيرس حبيب المصرى بعمل سنكسار جديد كامل للكنيسة القبطية يلزم الاسترشاد به، كما أنه من المعروف أن نيافة الأنبا متاؤس أسقف دير السريان قد أعد سنكسارا كاملا إلا أنه لم يُسمَح له أن يرى النور.  
ولما كانت القراءات الكنسية اليومية تعتمد أساسا على السنكسار فبتغييره يلزم تشكيل لجنة لعمل قطمارس (كتاب قراءة فصول من الانجيل باللغة العربية والقبطية) جديد للقراءات اليومية. ولقد أشرت فى كتابى إلى الكثير من الملاحظات يلزم مراعاتها فى سنكسار الأيام حتى لا تتكرر الأخطاء القديمة.
كما أنه مطلوب مراجعة كل كتب الكنيسة وتنقيحها وإعادة تنظيمها وتنقيتها من كل معنى دخيل ومراجعة ترجمة الليتورجيات من النص القبطى أو اليونانى الأصلي. وهناك الكثير من النصوص التى استجدت على النص الأصلى لليتورجيات كما استجدت صلوات خاصة بعض صلوات القسمة التى تحوى أخطاءً لاهوتية جسيمة يلزم حذفها والتنبيه بعدم إعادة طبعها بالخولاجيات القبطية، كما يلزم التنبيه بعدم استعمال أى صلوات دخيلة من مخطوطات غير معتمدة من الكنيسة. ويلزم تحقيق النصوص ومعانيها ومعرفة تاريخها ومتى أدخلت لطقس الكنيسة وكيف ومن هو كاتبها. فقد تبين أن هناك ألحانا معروفة جميلة جدا لكنها بلا معنى أو لها معنى لا يتفق مع إيمان الكنيسة القبطية. ويلزم تنقية الألحان التى تقال للبطريرك والأسقف والرجوع لتاريخها ومتى أدخلت مع حذف كل ما هو خطأ منها ومعثر.وفى نفس الاطار يقول الباحث بالدراسات القبطية مجدى أبو دخانة يحتفظ وعى الشعوب بقيم ومبادئ متوارثة من جيل إلى جيل.
فيما يسمى تراث. فالتراث اذن هو مخزون معرفى قديم بعمر الامة نفسها أو الشعب وهو عادة ما يكون مسجلا إما فى آثار أو كتابات متنوعة.
ويحتفظ التراث احيانا بقدسية و جمود يحولان دون تقدم المجتمع وازدهاره فمثلا لازال تراثنا يمجد الخارج عن القانون والمقاوم للسلطة كمثال «أدهم الشرقاوى» الذى تذكر سيرته الشعبية بأنه رفض حكم المحكمة وقرر الانتقام لابيه من داخل السجن...
وبالرغم من تطور العالم من حولنا الا أننا لازلنا نستلهم من تراثنا الغابر كل قيمنا ومبادئنا، فالسؤال الذى يجب أن نسأله لأنفسنا الآن هل كل تراثنا صحيح أم أنه تراث يحتاج الى مراجعات وإعادة نظر.
فالتراث الذى نعيش بمقتضى قواعده الآن تراث عتيق لا يصلح الا لظروف انتهت ولن تتكرر ولعل اكثر انواع التراث مقاومة للتحديث والنقد هو التراث الدينى ومحاولة الاقتراب من هذا الحقل امر صعب محفوف بالمخاطر فلا يوجد أحد يريد أن تنتهى حياته على يد متعصب مجنون، بالرغم من هذا هناك الكثير من الرجال الشجعان الذين استطاعوا تغيير هذه القاعدة فمنذ بناء الدولة المصرية الحديثة على يد الاسرة العلوية استطاع متنورون فى مطلع القرن العشرين و ومنتصف القرن التاسع عشر اعادة النظر فى تراث عتيق لا يصلح فى هذا العصر فأنطلقت حركة الاصلاح القبطى على يد البابا كيرلس الرابع الملقب بأبوالاصلاح فتم انشاء المدارس القبطية و مدارس البنات وتلاها العديد من اعادة مراجعات فى المجتمع المصرى بواسطة.
قاسم أمين فى كتابه تحرير المرأة وكتابات سلامة موسى وبدأ عصر التنوير والحداثة وتم تناسى التراث المصرى السابق من أجل العصر الحديث فلم يحدث اى نقد او مراجعات حقيقية للتراث، وبخاصة للتراث الدينى وظل الوضع هكذا حتى بدايات الخمسينيات وبداية نظام حكم جديد بدأ بالتخلى عن مناخ الحرية وبدأت مؤسسات دينية كالازهر فى الصعود بعد تهميش دورها فى الفترة السابقة وتلا صعود المؤسسات الدينية وبدأ نظام حكم شمولى انحصار موجة التنوير وبدأ التراث الدينى الممثل فى كتب دينية قديمة فى الظهور تحمل افكارا مضادة للتحديث حتى وصلنا الى الثمانينيات حيث كتب التراث تباع على الارصفة واختفت الكتب التنويرية الاخرى وبدأنا دخول عصر التطرف والارهاب، وأهم ما ميز مرحلة الردة الحضارية هذه اشتراك عنصرى الامة فيها فللاقباط انتشرت كتب تراثية لا تفيد وتحتاج للمراجعات مثل السنكسار(قصص القديسين والشهداء المسيحيين) وبستان الرهبان والكتاب الاخير صرح طيب الذكر البابا شنودة الراحل أنه كتاب يحتاج الى مراجعات كثيرة.
وبالرغم من قوة تيار «استلهام التراث» الا انه ظهرت محاولات عديدة لمحاولة نقد هذا التراث فالأب متى المسكين مثلا بالرغم من أنه لم ينقد التراث القبطى انذاك بطريقة مباشرة الا انه اخذ مسلكا مغايرا وهو اعادة التنقيب فى التراث المسيحى المتمثل فى كتابات الاباء والذى يصطدم بتراث العصر الوسيط.
كما بدأ مفكرون مسلمون أيضا فى هذا المسلك لعل اشهرهم هو الدكتور مصطفى محمود والذى طالب باعادة النظر فى السير النبوية وقد لاقى المصلحون الذين ارادوا نقد التراث أو استلهام الجانب الجيد من التراث حرب شديدة من قبل الجميع فتم اغتيال فرج فودة ومنع كتب الاب متى المسكين فى الكنائس وحرمان الدكتور جورج حبيب بباوى وطرده من الكنيسة وغيرهم الكثيرون.
وقد ساهمت الظروف السياسية بل ولعبت الدور الاكبر فى وقف قطار الحداثة منذ الخمسينيات وحتى الاطاحة بنظام حكم مبارك فى ثورة 25 يناير  وبعد الاطاحة بمبارك بدأ عصر جديد فلابد من مواكبة التغييرات فيه فالشباب المصرى والذى انفتح على العالم بوسائل الاتصال الحديثة وجد نفسه مصدوما فى أداء التيارات الاسلامية والتى تمكنت من حكم مصر بعد سقوط نظام مبارك و تسببت هذه الصدمة فى اتجاه الشباب للالحاد بسبب رفضهم للتراث الدينى برمته وزاد عدد الملحدين المصريين جدا وبشكل ملفت للنظر بسبب هذا الخطاب الدينى المعتمد على تراث لا يصلح للعصر الحديث ولا يصمد فى وجه العلم والمنطق أن عدم نقد التراث ومحاولة فرض قيم مستلهمة من التراث بدون مراجعات حقيقية.
امر خطير جدا هادم للسلام الاجتماعى ويهدد بنية المجتمع المصرى واذا استمر الوضع هكذا سينمو تيار قوى معارض ومتحديا لقيم المجتمع متبنيا اتجاها متطرفا هادما للمجتمع، ولابد استلهام العظة من تجربة الاصلاح الدينى فى أوروبا والتى ظهرت بسبب ظروف مماثلة لظروفنا والا سيكون من العسير جدا توقع مستقبل جيد لمصر.فى حين يقول الاستاذ سعد رزق غطاس خادم بكنيسة مارجرجس بمدينة ناصر بنى سويف
ان كنيستنا القبطية كنيسة مجمعية وليست كنيسة بابوية فالمجمع المقدس له سلطان أن ينقى تراثها من الإضافات غير الاصيلة وقد بذلت الكنيسة دمها وعرقها حبا لفاديها وحفظا لتراثها وسلامة إيمانها.
فالموضوع ليس صعبا ولا عسير كما هى عند الاخرين. كذلك ليس فى التراث القبطى ما يدعو الى القتل والذبح والحرق وتحقير المرأة واضطهاد المخالفين فى العقيدة ففى بستان الرهبان يخيل أن هناك تناقضات لكنها مدارس فالأنبا ارسانيوس يفضل الصمت والانبا موسى يفضل الكلام النافع البناء هذه مدرسة توصل للفضيلة وهذه مدرسة اخرى توصل ايضا
وقد قامت الكنيسة مؤخرا بطباعة جديدة للسنكسار القبطى لتنقيحه ورغم ذلك ربما قد يحتاج لتعديل بسيط فلابد من تشكل لجنة أو أن يقوم اثنان أو ثلاثة من اساتذة التاريخ الاقباط بمراجعته جيدا وتحدد بعض الامور التى لا تصلح وستكون قليلة جدا وتعرض على المجمع المقدس الذى له الحق الاصيل فى تنقية التراث وسوف يكون الامر يسيراً ويرى الكاتب باهر عادل انه من المهم.
أولاً: أن نشير الى أهمية «النقد» فهذه الكلمة - للأسف - تحمل معانى سيئة «كلمة سيئة السمعة» فى بلادى!! وتُفهم على انها تعنى الشتيمة او أدانة او اهانة او نقض او هدم!! وهذا ليس صحيحا! فكلمة النقد هى الفحص،فنقد الشىء يعنى: اختباره لتمييز الجيد من الردىء. والكتاب المقدس يعلمنا ويحثنا على الفحص والتمييز: «امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ. تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ» (اتس 5: 21).ولقد كان السيد المسيح ناقداً وفاحصاً وليس تابعاً،ولم يقبل الفكر السائد بل نقد للعادات وتقاليد اليهودية بشجاعة. ولكن التيار الأصولى «المتمسك بالحرف «يهاجم ويتصدى لأى محاولة للنقد او التنقية أو التطوير بحجة واهية وهى:الحفاظ على التقلى!!! للرد على هؤلاء نقول: التقليد لايعنى الجمود والتعصب للماضى بل يعنى الانفتاح على الحاضر والمستقبل باستيعاب دروس الماضى! ولنا فى آباء الكنيسة العظام مثل العلامة اريجانوس واكلمنضس السكندرى والقديس اثناسيوس الرسول ويوحنا ذهبى الفم أسوة حسنة. فهذا أكبر مثال حى أن التقليد ليس جامداً بل متقدماً فى الزمن متعايشاً معه! ياليتنا نتعلم من آباء كنيستنا بدلاً من أن نتشدق بأسمائهم دون جدوى ودون صدى فى حياتنا الروحية واللاهوتية. أما من جهة تنقية التراث فهذا فرض وواجب علينا، وعندما نقول تنقية التراث لا يجب أن نفهم اننا سنمس جوهر الايمان او جوهر التقليد الايمانى الحى المسلم أمره للقديسين!! لكننا نتكلم عن تنقية شرح الإيمان وتنقية الكتب البشرية وليس الفكر الإلهى الذى هو ابعد عن الفحص والاستقصاء! توجد كتب تراثية كثيرة فى الكنيسة، مثل السنكسار وبستان الرهبان يجب اعادة النظر فيهما،ولكن المشكلة أن المنتشر هو الادب الشعبى وليس لاهوتا حقيقيا علميا اكاديميا وكل من يحاول أن يمس هذا التراث المتخم بالاساطير أو حتى الروايات الشعبية غير التاريخية يقابل بتكفير وشيطنة واتهام بالهرطقة!! السنكسار:يجب تنقية وفحص السنكسار، به قصص وشخصيات وحكايات غريبة، لابد من اعادة النظر فيها!(مثل قصة أن الشهيدة مارينا تمسك السيطان من شعره وتضربه وتربطه بعلامة الصليب وتحاور معه) أو القديس الذى لا يستحم ويعذب جسده كنوع من القداسة أو التقوى حتى يخرج منه الدود!!! بستان الرهبان: يحمل بستان الرهبان قصصا وحكايات تلامس الأساطير وبه بعض القصص التى تشوه المعانى الروحية.وبه كثير من الادب النسكى - الخيالى - الرهبانى التى لايتوافق ويتماشى مع روح العصر التى يحتاجها الانسان المسيحى الآن!لدرجة أن بعض الاباءالاساقفة يطلبون من الشباب قراءته بحذر لأن هناك من يقلد بعض التصرفات الشاذة والغريبة دون وعى وهناك من يتدروش ويضع زلطة فى فمه لكى يتعلم فضيلة الصمت! أو يرتدى شوال لكى يتقشف؟! وبالبستان ايضا بعض الأفكار الغنوسية التى تحتكر الجسد ولا تنظر له النظرة المقدسة اللائقة وفى قصص القديسين توجد قصة شهيرة عن انتقال الأنبا انطونيوس ابو الرهبان من دير الميمون الى صحراء البحر الاحمر وظهور امرأة له تستحم بالمياه امامه وعندما انتهرها قالت له: انت ايه جابك هنا، روح الصحرا الرهبان هناك فى الجبل!! وهو اتخذ هذا الصوت كأنها صوت الهى وذهب إلى صحراء البحر الاحمر!!! فهذه القصة مجرد اسطورة شعبية ليس لها سند تاريخى فقصة حياة الانبا انطونيوس سجلها لنا القديس اثناسيوس ولايوجد فى الكتاب هذه القصة ابدا، والكتاب مطبوع فى دير الانبا انطونيوس بالاحمر ولا يوجد به هذه القصة!! وهذه القصة مثلا انا سمعتها فى الكنيسة! وقصة أبومقار:عندما خرجت روحه أتت الشيطان لتحاربه وتقول له كطوبالك يابومقار خلصت! هو يرد يقول: لسه! حتى وصوله إلى السماء، قالت الشياطين: طوباك ياابو مقار، قال: خلصت! هذه القصة الخرافية العجيبة سمعتها وانا فى أولى اعدادى من الخادم وسألته حينئذ: إزاى يمكننا أن نعرف قصة حدثت بعد وفاته؟؟ مين سمع الحوار بين الروح والشياطين؟؟ وبالطبع لم يستطع الخادم أن يجيب اجابه منطقية بل قال تلاميذه سجلها لينا!!! فهذه الأسطورة منتشرة جداً ودخلت إلى الكتب المسيحية والعظات ويرددها الجميع،دون أن يكون لها سند او مرجع تاريخى، علاوهةعلى انها غير منطقية وتهاجم عقيدة الخلاص بدم المسيح ومتأثرة بثقافات ليست مسيحية! وبها تعاليم روحية مشوهة! وفى قصص الشهداء جميعهم يظهر السيد المسيح او ملاك للقديس قبل استشهاده ويوعده بأن كل من يدعو باسمه يستجاب له ومن يبنى على اسمه كنيسة يكون له ملكوت السموات هل هذا معقول هل ظهر المسيح او ملاك لكل الشهداء هل من علاقة بين الخلاص وبناء الكنائس ألم يحن الوقت للتخلص من تلك الخرافات! وأخيراً كى لا يحتج أحد «من التيار الأصولى» ويقول: ما هو المعيار؟ كيف يمكننا تنقيه التراث؟ هو كل واحد يشيل حاجه على مزاجه؟! فنجيب: لابالطبع ليس حسب أهوائنا بل هناك معياران أساسيان أولها: التقليد المقدس «بداخله الكتاب المقدس»، وثانيهما: إعمال العقل. فى ضوء هذين المعيارين يمكن لنا أن نفحص تراثنا وننقيه ونفصل الغث عن السمين. ونأكد على كل ماهو لخير الانسانية ونبتعد عن كل ماهو تراث غير أنسانى أو خرافى!